الأجور حول العالم: من سيء إلى أسوأ
إعداد: عروة درويش إعداد: عروة درويش

الأجور حول العالم: من سيء إلى أسوأ

صدر تقرير الأجور العالمي لعامي 2018/2019 عن منظمة العمل الدولية، ولايمكن للمرء أن يقول بأنّ الأخبار الواردة فيه تدعو للأهازيج أو الزغاريد، بل تدعو للغم والانزعاج.

سنضيئ تالياً على بعض الفقرات الواردة في التقرير، والتي تبين بمجملها انخفاض مستوى الأجور العام وارتفاع نسب اللامساواة في توزيع الأجور سواء على المستوى العام أو في أماكن العمل، وخاصة الغبن للنساء العاملات.

فإذا ما استثنينا الصين (نمو الأجور الحقيقية السنوية العالمي في 2017 هو 1.7% مع الصين و1.1% من دونها، مقارنة بـ 3.4% مع الصين و2.4% دونها في عام 2007)،

لم يتجاوز نمو الأجور الحقيقية العالمي نسبة «1.1%» في 2017، منخفضاً عن «1.8%» في 2016. وهي أبطأ وتيرة سنوية للنمو منذ الأزمة العالمية.

وأمّا في اقتصادات دول العشرين المتقدمة، لم يتجاوز نمو متوسط الأجور الحقيقية 0.4% في عام 2017، مقارنة بنحو 1.7% في عام 2015.

ورغم أن الأجور الحقيقية ارتفعت بنحو 0.7% في الولايات المتحدة (في مقابل 2.2% في عام 2015) فإنها كانت راكدة في أوروبا، حيث عوض التراجع في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا عن الزيادات الصغيرة في بعض الدول.

وكان التباطؤ في دول مثل ألمانيا والولايات المتحدة مدهشاً بشكل خاص، نظراً لفوائض الحساب الجاري المتزايدة في ألمانيا وانخفاض معدلات البطالة في الولايات المتحدة.

في الأسواق الناشئة، كان متوسط نمو الأجور في عام 2017، عند مستوى 4.3%، أسرع من نظيره في اقتصادات مجموعة العشرين المتقدمة، لكنه يظل أبطأ من السنوات السابقة (4.9%).

وقد تمتعت آسيا بأسرع نمو للأجور الحقيقية، وهو ما يرجع إلى حد كبير إلى الصين وقِلة من الدول الأصغر حجما مثل كمبوديا، وسريلانكا، وميانمار.

ولكن في مجمل الأمر، تباطأ نمو الأجور في الاقتصادات الآسيوية غالبا في عام 2017. وفي أميركا اللاتينية وأفريقيا، شهدت دول عديدة انخفاضا في الأجور الحقيقية.

ولا يزال نصيب العمالة في الدخل الوطني دون مستويات أوائل تسعينيات القرن العشرين.

وبعيداً عن التقرير، سنجد أنّ الدوائر الاقتصادية السائدة ستلقي اللوم كما هو المعتاد على التكنولوجيا وعلى التجارة.

لكنّهم في الحقيقة سيتناسون بأنّ التشريعات التي قوضت بشكل متزايد منذ أواخر السبعينيات، قدرة العمال على التنظيم وجعلتهم فريسة للشركات الضخمة من جهة، وسياسات التقشف التي منعت الإنفاق الاجتماعي الذي كان من شأنه تحسين ظروف العمال من جهة ثانية، هي الأسباب المسؤولة بشكل أكبر عن هذا التراجع.

إذا استثنينا الصين، والتي رغم الإجراءات النيوليبرالية فيها، قد أبقت على سياسات حكومية ممنهجة ومصممة لتحسين ظروف العمال، فإنّ الإجراءات النيوليبرالية حول العالم هي المسؤولة عن التردي العام لوضع العاملين بأجر وتدني مستوى الأجور الحقيقية لديهم خصوصاً.

لكن إلى متى يمكن أن يستمر هذا؟ إذا ما أغلقنا عيوننا عن جميع التحركات في العالم، فيكفينا أن نتذكر السترات الصفراء كجزء من الإجابة.