الجنون السياسي
مارك تاليانو مارك تاليانو

الجنون السياسي

إن كان هناك شيء مثل «الإسلام السياسي»، فبذات المنطق هناك الكثير من الأشياء «السياسيّة» الأخرى. بعض هذه الأشياء يتضمن «المسيحيّة السياسيّة» و «الإنسانيّة السياسيّة» و«النسويّة السياسيّة».

تعريب وإعداد: عروة درويش

 

والخيط الثابت الذي يحبك ويجمع كلّ هذه الأشياء «السياسيّة» مع بعضها هو أنّها محتالة. فهي مفاهيم للتدمير ولإزاحة الأنظمة وللعسكرة، تخدم من يخلقها.

الحقيقة أنّ «الإسلام السياسي» معادية للإسلام، و «المسيحيّة السياسيّة» معادية للمسيحيّة، و«الإنسانيّة السياسيّة» معادية للمبادئ الإنسانيّة، و «النسويّة السياسيّة» معادية للنساء.

«فالإسلام السياسي» الممثل بالوهابية وما شابهها، هو إيديولوجية متطرفة معادية للإسلام نمت وتعززت على يد الإمبريالية الأمريكيّة التي تفرض القتل الجماعي والدمار والفوضى والطائفيّة على دول مثل أفغانستان وليبيا والعراق وسوريا.

«المسلمون السياسيون» هم أداة لنظرائهم الذين يمكن تسميتهم بذات المنطق «مسيحيين سياسيين». وكلّ ما يقوم به هؤلاء «المسيحيون» هو معادٍ للمسيحيين، ويشمل هذا دعمهم للإرهاب بالوكالة، وحملات القصف بالقنابل المعادية للإنسانيّة. ويعمّق كلّ هذا المحرقة الدائرة ما وراء أعالي البحار والتي تطال المسيحيين وتمحيهم من المناطق التي ازدهروا بها سابقاً.

إنّ هذا «الإسلام السياسي» ونظيره «المسيحي السياسي»، يحاولان في واقع الأمر تدمير كلّ شيء في سوريا يمثّل الدين الصحيح: التسامح الديني والرموز الدينيّة والتعددية الدينية والمجتمع المتحضر.

وهذه الحروب هي بالضرورة معادية للإنسانيّة وللنساء. ففي المناطق التي أشعلوا فيها الحرب في سوريا، لم يعد لا للنساء ولا للرجال «حقوق إنسان». فهناك بات الناس يعذبون ويسجنون ويقتلون، أو كلّ ما سبق.

لو نجح الناتو وحلفاؤه في سوريا، فستحرم جميع النساء السوريات (وكذلك الرجال) من حقوقهم الإنسانيّة الأساسيّة. لكن هذا لم يمنع نجمة هوليود أنجلينا جولي من حقن علامتها التجارية «النسوية السياسية» في هذا المزيج، عبر القول بأنّ الناتو يمكنه أن يكون الرائد في الدفاع عن حقوق المرأة.

إنّ الناتو في الواقع رائد في تدمير حقوق المرأة، وسيبقى دائماً كذلك. عندما يفرض الناتو الموت الجماعي والدمار على بلدان مسالمة مثل التي ذكرناها، فإنّه يمسّ بالضرورة حقوق الإنسان، وتشمل هذه الحقوق جماعات الرجال والنساء الأبرياء بالحياة.

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني