أي سياسة للولايات المتحدة بعد الانتخابات النصفية؟
تييري ميسان تييري ميسان

أي سياسة للولايات المتحدة بعد الانتخابات النصفية؟

في الرابع من الشهر الجاري, تنتخب الولايات المتحدة كونغرس جديد.

من الواضح أن أوباما الذي لايتمتع بأغلبية برلمانية, إلا في مجلس الشيوخ, لن يحظى بأغلبية أيضا في هذه الانتخابات. لذا, سوف يترتب عليه منطقيا تجديد بطانته.

على صعيد العلاقات الدولية, لم تعد ادارة أوباما تعرف إلى أين هي ذاهبة.

فهي لاتزال ترجيء الاعلان عن "استراتيجية أمنها القومي", لأنها ببساطة, لاتملك استراتيجية بهذا الخصوص.

يبدو أن الرئيس لايزال يعتمد في قراراته على فريق عمل مصغر مؤلف من : مستشارته للأمن القومي سوزان رايس, ومدير مكتبه دينيس ماكدونوغ, على الصعيد الدبلوماسي, ورئيس أركان حربه الجنرال مارتن ديمبسي في الشأن العسكري.

حتى لو كان يقيم علاقة ثقة مع وزيري الخارجية والدفاع, جون كيري وتشاك هاغل, إلا أنه على مايبدو لايعتبرهما أكثر من أدوات تنفيذ.

يتصرف فريق العمل المصغر وفقا لعدة مباديء:

- في المقام الأول, يرى أعضاء الفريق أنه يتوجب على واشنطن أن تحسن اختيار شركائها. إذ أنه لايكفي الوقوف في صف واشنطن حتى تكون محصنا, يجب أن تثبت أيضا أنك قادر على الاستمرار بلعب دورك على المدى الطويل.

- في المقام الثاني, يرى أعضاء الفريق أنه يتعين على الشركاء استخدام امكاناتهم. فمثلا على صعيد مكافحة الارهاب, يجب التركيز على الوقاية من التحركات الجماهيرية بدلا من اضاعة الوقت في البحث عن "بضعة ذئاب شاردة".

أخيرا, إذا كان هذا الفريق لايزال يصر على دعم الاستيطان اليهودي في فلسطين, إلا أنه لايثق بالادارة الاسرائيلية, ويفضل التعامل مباشرة مع القوات المسلحة.

أما فيما يخص الملفات الساخنة, فإن جملة هذه المباديء تقود البيت الأبيض إلى جملة من المواقف التالية : يجب الاقرار بأن أوكرانيا دولة فاشلة, وأن قادتها عديمي الكفاءة وفاسدين.

قام الرئيس بيترو بوروشنكو, فضلا عن ذلك بالثناء جهارا على المتعاونين مع النازيين, وكان عليه أن يلحق رئيس وزرائه ارسيني ياتسينيوك إلى المطار إثر محاولته الهرب من البلاد بالأموال العامة التي سرقها.

هؤلاء ليسوا بطبيعة الحال شركاء موثوقين يمكن للولايات المتحدة الاعتماد عليهم في تحديها للاتحاد الروسي. الأمر الذي يفرض حتمية ترك الأوضاع تتفسخ في دونباس حفاظا على ورقة لعب, مع التخلي نهائيا عن فكرة دفع موسكو إلى الحرب.

بعد ثلاث سنوات من الحرب لم يعد " الائتلاف الوطني السوري " المعارض يحظى بدعم سوى أقلية لاتذكر من السوريين. وقد ثبت أنه غير قادر على حكم سورية, وأنه سوف يترتب عاجلا أو آجلا إعادة العلاقات الطبيعية مع الرئيس بشار الأسد.

الأولوية الآن تكمن في خلق بيئة اقليمية تفرض على سورية والعراق عدم تعطيل النظام العالمي حين تتوقف الأعمال العدائية.

هذا يتطلب إذن تدمير المنشآت الصينية في العراق ( أصبحت بكين أهم زبون للنفط العراقي) والتأكد من أن الجيش العربي السوري سيبقى طيلة العشر سنوات القادمة منشغلا بمشكلات في الداخل تمنعه من أي مواجهة ضد اسرائيل.

أخيرا, لابد من الحفاظ على احكام السيطرة على الجهاديين الذين على مايبدو أسكرتهم نشوة النصر التي منحت لهم.

بعد طرح الأمور على هذا النحو, نخلص إلى أن هذه المواقف تسمح بردود أفعال تبعا للأحداث, لكنها لاتمنع حصولها. تحسن في ادارة هذه الأحداث, لكنها لاتشكل سياسة واضحة.

 

ترجمة
سعيد هلال الشريفي