في مقابلات أجرتها بعض التلفزيونات مع الشارع البريطاني الذي يغلي مؤخراً على وقع أزمة شاملة، كان لافتاً تكرارهم عبارة: «نحن لسنا في بلد من العالم الثالث حتى يحدث لنا هذا!»، مما يعني أنهم بدأوا يلمسون بالفعل مظاهر «عالَم-ثالثية» في بلدهم الذي لطالما اعتبر نفسه أفضل قادة «العالَم الأول»: التضخّم الأعلى في 40 عاماً – تحذيرات رسمية من سقوط ملايين البريطانيين بقبضة الجوع والبرد (في المملكة الثريّة!) – حكومة دولة «الرفاه» تخطط لتقنين الكهرباء والطاقة وتحويل المتاحف والمكتبات إلى «ملاجئ» لحشر العاجزين عن دفع فواتير الطاقة الباهظة – سقوط مدوٍّ لأوهام تحسّن الأحوال بعد بريكست – تناقض مثير للاشمئزاز بين مواصلتها وعظ الآخرين بـ«حقوق الإنسان» و«حقوق المرأة» وسط تقارير اعترفت بأنّ التدهور الاقتصادي والتعفّن الاجتماعي الداخلي دفع بأعداد إضافية من النساء إلى وباء الدعارة وبيع أجسادهن من أجل الخبز – وصول الإهمال والفشل في اقتصادٍ مدمنٍ على الريعية والنهب الرخيص للأطراف وأشباهها إلى درجة العجز عن تجديد نفسه ومرافقه التحتية والحيوية من قطاع الصحة إلى السكك الحديدية والموانئ والمطارات؛ بدليل أنها بالذات التي بدأت تنفجر فيها التعطّلات والإضرابات، التي قد لا تتوقف عواقبها السياسية عند تغيير حكومة المملكة المتحدة بل قد تودي بها إلى التفكك الفعلي إلى عدة دول.