الأحزاب السياسية الصينية والعربية تعلن عن «تبادل حضاري جديد»
لُجين سليمان لُجين سليمان

الأحزاب السياسية الصينية والعربية تعلن عن «تبادل حضاري جديد»

تحت عنوان «التبادل الحضاري بين الصين والدول العربية: من طريق الحرير القديم إلى مجتمع المستقبل المشترك في العصر الجديد» افتتحت في 13 تموز الدورة الرابعة لمؤتمر الحوار بين الحزب الشيوعي الصيني وعدد من الأحزاب في الدول العربية (بينها أحزاب شيوعية من عدة دول عربية)، والذي تمّت استضافته من دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، ومدرسة الحزب المركزية (المدرسة الوطنية للإدارة) ولجنة الحزب في منطقة «نينغشيا» ذاتية الحكم لقومية «هوي» في «ينتشوان».

أجرى ممثلو الأحزاب السياسية الصينية والعربية عقب الجلسة الافتتاحية مناقشات معمقة حول عدة مواضيع، مثل «تاريخ ومستقبل التبادلات الحضارية الصينية العربية»، «استكشاف طرق التحديث المستقلة»، و«الفرص والتحديات التي تواجهها الصين والدول العربية في البناء المشترك لـ «الحزام والطريق»».

استمرّ المؤتمر مدة يومين أبدى خلالهما معظم الرؤساء العرب الحاضرين تقديراً لمواقف الصين من القضايا العربية العادلة، مؤكدين على مبدأ «الصين الواحدة»، إذ أشادوا بالإنجازات الكبيرة التي حققها الشعب الصيني تحت قيادة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، خاصة وأن الصين حافظت على زخم التنمية القوي، وهو ما أهّلها إلى لعب دور أكبر على الساحة الدولية، وهو ما مكّنها أيضا في الوقت ذاته من تحقيق المصالحة بين دول الشرق الأوسط، مما يجلب الأمل إلى الدول العربية التي تتوق إلى السلام والازدهار.

وكذلك فقد أبدى الجانب الصيني استعداده للعمل المستمر مع الدول العربية من أجل التنفيذ المشترك لمبادرة «الحزام والطريق»، ومبادرات «التنمية العالمية، الأمن العالمي، الحضارة العالمية»، وتعزيز تبادل الأفكار والتواصل السياسي والفكري، وكذلك التعاون المحلي، تمهيداً لبناء جوانب أكثر انفتاحاً، بما يفضي إلى بناء منصة التبادلات المشتركة بين الجانبين الصيني والعربي، ويدفع بالمزيد من التآزر لتعزيز التبادلات والتعاون بين الصين والدول العربية في مختلف المجالات.

وهنا تم التأكيد من قبل المسؤولين العرب على أهمية الاستفادة من «التحديث الصيني النمط»، لا سيما وأنه سيوفّر فرصاً تنموية جديدة للبلدان في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الدول العربية، وكذلك ضرورة الاستجابة بفاعلية لمفهوم مجتمع المصير المشترك للبشرية، الذي اقترحه الرئيس الصيني «شي جين بينغ». وقد صدر «إعلان يينتشوان» للدورة الرابعة لمؤتمر الحوار بين الحزب الشيوعي الصيني وأحزاب الدول العربية من أجل تنفيذ مبادرة الحضارة العالمية، والذي يتضمّن النقاط التالية:

أولاً: من فتح طريق الحرير القديم إلى التشارك في بناء الحزام والطريق، يرجع التبادل الحضاري بين الصين والدول العربية إلى ما قبل آلاف السنين، وعلى الرغم من أنه لكل من الحضارتين الصينية والعربية خصائص مختلفة، إلا أنهما تتشاركان في الوقت ذاته بالقيم والتطلّعات المشتركة التي تراكمت في مسيرة التنمية والتقدم البشري.

ثانياً: في 9 كانون الأول عام 2022، انعقدت القمة الصينية العربية الأولى في الرياض في المملكة العربية السعودية، التي تعتبر علامة فارقة في تاريخ تطور العلاقات بين الصين والدول العربية، إذ اتفق الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني رئيس جمهورية الصين الشعبية «شي جين بينغ» وقادة الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية بالإجماع على بذل كل الجهود لبناء المجتمع الصيني العربي، الذي يُمهّد للمستقبل المشترك في العصر الجديد.

ثالثاً: يدعم ويقدّر الجانب العربي تقديراً عالياً مبادرة الحضارة العالمية التي طرحها الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني «شي جين بينغ»، ويرى أن المبادرة تهدف إلى حماية التنوع الحضاري للعالم، وتعزيز التواصل والتعلّم المتبادل بين مختلف الحضارات، وتساهم في توظيف الحكمة الصينية في مواجهة التحديات العالمية المشتركة يداً بيد، وتقدّم دعماً قوياً لدفع بناء مجتمع مستقبلي مشترك، وتوفّر قوة محركة مستمرة لتنمية الحضارة البشرية وتقدمها، وهى تُعدّ منفعة عامة تقدمها الصين للمجتمع الدولي في العصر الجديد. هذا بالإضافة إلى أنّ «التحديث الصيني النمط» يعدّ شكلاً جديداً للحضارة البشرية، وخياراً جديداً للدول والأمم التي تأمل في تسريع وتيرة التنمية والحفاظ على الاستقلالية في آن واحد.

رابعاً: يدعو الجانبان الصيني والعربي سوية إلى احترام التنوع الحضاري للعالم، ورفض ربط الإرهاب والتطرف بدولة معينة أو قومية معينة أو دين معين، ورفض تشويه المعتقدات الدينية والقيم والتقاليد الثقافية للدول الأخرى بحجة حرية التعبير، ورفض «نظرية الصراع الحضاري» والـ «إسلاموفوبيا». ويدعو الجانبان سوية إلى تكريس القيم المشتركة للبشرية جمعاء، ورفض فرض القيم والأنماط على الغير وإثارة المجابهة الأيديولوجية. ويدعو الجانبان أيضاً إلى التوارث والابتكار الحضاريين، ودفع الحضارة الصينية وحضارة الدول العربية لتحقيق تحول إبداعي، وتطور ابتكاري في مسيرة التحديث، كما يدعو الجانبان سوياً إلى تعزيز التبادل والتعاون الإنساني والثقافي للمجتمع الدولي، بما يقدم مساهمة إيجابية في بناء الشبكة الدولية للحوار والتعاون بين الحضارات.

خامساً: يعمل الجانبان على تعزيز الحوار السياسي والحضاري، وتعميق تبادل تجربة الحكم والإدارة والتباحث حول سبل تعزيز الحوكمة العالمية، لاستكشاف الطرق المتوافقة مع الظروف الوطنية لدفع التنمية والتقدم للحضارة السياسية في بلداننا، ودفع بناء نمط جديد من العلاقات الدولية القائمة على نظام دولي أكثر عدالة وإنصافاً. وسيتم العمل على حشد التوافقات الحزبية لتعزيز تشارك الصين والدول العربية في بناء «الحزام والطريق» بجودة عالية، وتعزيز التواصل والتعاون بين الحكومات المحلية والمؤسسات الفكرية والجامعات والمنظمات الشعبية ووسائل الإعلام للجانبين، لترسيخ الأسس الشعبية للتواصل الودي بين الصين والدول العربية. وسيواصل الجانبان مد جسور التواصل لتدعيم التبادل والتعاون بين الجانبين في مجالات حماية التراث الثقافي وتقاسم المعارف الابتكارية، والتعليم اللغوي والثقافة والفنون والسياحة عبر الحدود والرياضة وغيرها. ويستعدّ الحزب الشيوعي الصيني لدعوة 200 قائد من الأحزاب السياسية والمنظمات السياسية وممثلي المؤسسات الفكرية ووسائل الإعلام من الدول العربية لزيارة الصين كل سنة.

سادساً: يرفض الجانبان الصيني والعربي الهيمنة وسياسة القوة بأشكالها كافة، وفرض العقوبات الأحادية الجانب، والضغوط القصوى، واتخاذ الأدوات الاقتصادية والمالية كسلاح. يدعم الحزب الشيوعي الصيني جهود الدول العربية لاستكشاف الطرق التنموية التي تتوافق مع ظروفها الوطنية، وتقرير مستقبلها ومصيرها بإرادة مستقلة، وتعزيز الاستقلال الاستراتيجي، والتضامن والتقوية الذاتية للدول العربية، للحفاظ على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وتحقيق التنمية والازدهار لحضارتها. يقدر الجانب العربي تقديراً عالياً ما طرحه الرئيس الصيني «شي جين بينغ» في المبادرة ذات النقاط الثلاث لحل القضية الفلسطينية، والدور البنّاء الذي يلعبه الجانب الصيني لدفع المصالحة بين دول المنطقة وإحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، ويقدر تقديرا عاليا نجاح الحزب الشيوعي الصيني في قيادة الشعب الصيني لاستكشاف طريق «التحديث الصيني النمط»، ويدعم بثبات مواقف الصين من القضايا المتعلقة بتايوان وهونغ كونغ وشينجيانغ وبحر الصين الجنوبي. يؤكد الجانبان الصيني والعربي مرة أخرى ضرورة إقامة دولة فلسطين المستقلة، ذات السيادة الكاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية على أساس «حل الدولتين»، ووقف النشاطات الاستيطانية وجميع الأعمال الأحادية الجانب، واحترام الوضع التاريخي القائم للقدس ومقدساتها، لإيجاد حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية.

سابعا: نسجّل ارتياحنا للنتائج الإيجابية التي تحققت منذ إقامة الحوار بين الحزب الشيوعي الصيني، وأحزاب الدول العربية في عام 2016، ونحرص على مواصلة تفعيل دور مؤتمر الحوار بين الحزب الشيوعي الصيني وأحزاب الدول العربية باعتباره منبراً مهما، لتنفيذ التوافقات التي توصل إليها قادة الصين والدول العربية، وتعميق التواصل الاستراتيجي.

يُشار إلى أنه قد ارتفعت مؤخراً وتيرة التعاون بين الجانبين العربي والصيني، لا سيما بعد زيارة الرئيس الصيني «شي جين بينغ» إلى المملكة وعقد القمم الثلاث هناك.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1131
آخر تعديل على الأربعاء, 19 تموز/يوليو 2023 20:24