إدلب «المسألة الساخنة على النار الهادئة»
ملاذ سعد ملاذ سعد

إدلب «المسألة الساخنة على النار الهادئة»

جرى تحرّك جديد في مسألة إدلب بشكل متسارع خلال الأسبوع الماضي وحتى الآن، نتيجة لكل التطورات والتقدم الذي سبقه في هذا الملف، حيث حرّكت واشنطن أدواتها هناك، لآخر مرة كآخر محاولة إعاقة.

فقد حدث في الفترة السابقة تصعيد حاد، بدأ بقصف قاعدة حميميم العسكرية في مدينة اللاذقية، تلاها تحرّك لتشكيلات مسلحة تابعة لتنظيم جبهة النصرة تحت مسماها الجديد «هيئة تحرير الشام» بالتوازي مع هجوم شنته جماعات مسلحة أخرى شمال محافظة حلب على مواقع للجيش السوري بغاية خرق اتفاقيات خفض التصعيد وتعقيد الأوضاع.
محاولة يائسة
إنّ هذه المجريات العسكرية الجديدة تأتي بمحاولة أمريكية يائسة لإعاقة التقدم في مسألة إدلب العالقة في الفترة الماضية، والتي لن تؤدي الآن إلا لتقريب حلّها، حيث تشكل هذه التحركات والاعتداءات سبباً مباشراً بإطلاق عنان آستانا نحو معالجتها بشكل أسرع. لكن وفي المقابل فالغرب أيضاً سيطلق العنان لماكينته وأدواته المتفرقة والمتنوعة للحشد والتحريض بعرقلة الملف، من دعايات «الإنسانية» عبر منظماتها، إلى مسألة ومسرحيات «الأسلحة الكيميائية» وليس انتهاءً بالضغط على أطراف داخل تركيا لإعاقة اتفاقاتها مع روسيا وإيران.
ألاعيب تقليدية ومكررة
إن هذه الألاعيب الغربية المفضوحة لم تعد تجد لها أثراً أو جدوى حقيقية اليوم، فإن كانت سابقاً تتحدث من موقع قوة سمح لها بالدفع نحو اشتداد الحرب في سورية وتعميقها، إلا أنها اليوم تنبع من موقع ضعفٍ ويأس لدرجة المهزلة والسخرية من حجم التكرار والابتذال فيها مما يضعف القدرة على التأثير من خلالها. لكن وعلى الرغم من هذا الواقع، فسوف يتخادم المتشددون في الطرفين على تلقف هذه الألاعيب ودفعها للحدّ الأقصى للغاية نفسها، عرقلة الحلّ، وعرقلة انطلاق جنيف. حيث تجري منذ الآن محاولات تصعيد في الخلاف السوري- التركي خدمةً لإحياء الحرب. فواحدة من أدوات التصعيد الحالية هي اللعب على التناقضات السورية- التركية والسعي إلى زجّ الطرفين في مواجهات تدفع إلى هزّ صفوف آستانا وتفاهماتها. الأمر الذي يلاقي ترحيباً من متشددي الطرفين، حيث ترافقت أحداث الأسبوع الماضي مع أحداث تل رفعت، ومواجهات بين قوات الطرفين..
ضغط عسكري وتوافق سياسي
إنّ هذا التصعيد الجاري قد يكون الأخير، وكما يقال بالمثل الشعبي «إن ما كبرت ما بتصغر» ومعناه في هذه الظروف، وهذا الوقت، ينطبق على مسألة إدلب، لكن من الصعب أن يسير حل وضع إدلب، بسهولة، وبعملية عسكرية واسعة تنهي الإرهاب، كما يتداول الضخّ الإعلامي المسألة اتجاهها، فهذا الأمر غير متوقع حدوثه في منطقة صغيرة تحوي ما يقارب المليوني شخص، وتتكثف فيها سياسياً آخر القوى الضاربة والمخلصة لمشروع الفوضى الغربي في سورية، المتمثلة بالنصرة، وتتقاطع فيها ملفات سياسية هامة: وزن الإرهاب في المعركة السورية، ووزن الغرب من خلاله، تأثيرات على ملف اللاجئين تمتد إلى تركيا وأوروبا، والأهم: اختبار حاسم لمتانة آستانا وتأثير على العلاقات التركية الروسية، والعلاقات التركية الأمريكية، بالإضافة إلى العلاقات التركية السورية.
إن المعركة التي ستتناوب شدتها بين الضغط العسكري، والتوافق السياسي، ستنتهي بحل الوضع في إدلب، وإنهاء وجود النصرة فيها وهو العامل الأساس، والأكثر تأثيراً إيجابياً على مصير المدينة وأهلها، وعلى عموم التسوية السورية. وإذا ما كان الضغط العسكري سيركز على ضرب الذراع الغربي الإرهابي المتمثل بالنصرة، فإن الضغط السياسي سيركز على دفع الجانب التركي لتنفيذ الاتفاقيات، وتحديداً اتفاق سوتشي، وصولاً إلى المطلوب لاحقاً بأن تكون إدلب كما غيرها من مناطق سورية، ضمن إطارها الطبيعي، في ظل وجود الجيش السوري على كامل الحدود.
الغرب في المقابل لن تكون ممانعته سهلة لحسم مسألة إدلب، التي يستهدف منها تحديداً العلاقات الروسية- التركية، ولذلك لا يمكن قراءة مسار المعركة في إدلب دون النظر إلى أن تركيا وروسيا قد أتمتا صفقة إس 400، وفرضتا أمراً واقعاً على الغرب لم يعد قادراً على المطالبة به.

معلومات إضافية

العدد رقم:
913