صون السلم العالمي ردعاً!

صون السلم العالمي ردعاً!

أعلن مجلس الأمن القومي الروسي: أن لجنة المجلس لشؤون التخطيط الاستراتيجي، بحثت مقترحات لتدقيق بعض بنود استراتيجية الأمن القومي الروسي نظرا للأوضاع الدولية الحالية.

 

وذكر المكتب الصحفي لمجلس الأمن القومي في أعقاب اجتماع اللجنة الذي ترأسه سكرتير المجلس نيكولاي باتروشيف، يوم الجمعة الفائت، أنه: «جرى بحث إجراءات إضافية لضمان الأمن القومي الروسي، نظراً لإقرار استراتيجية جديدة للأمن القومي في الولايات المتحدة، والضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية والآيديولوجية غير المسبوقة على روسيا، من قبل الولايات المتحدة وحلفائها».
وأضاف بيان المجلس، أنه: «نظراً للتغيرات التي تشهدها الساحة الدولية فقد تم بحث مقترحات حول إمكانية تدقيق بعض العبارات في استراتيجية الأمن القومي الروسي».
وأشير فيه كذلك إلى أنه: «جرى التأكيد على أن تحديد الأهداف الاستراتيجية وأولويات التطوير اللاحق للأمن القومي للبلاد، يجب أن يكون مبنياً على آلية فعالة لوضع توقعات بشأن العواقب السلبية المحتملة لظهور تحديات وأخطار جديدة، واتخاذ خطوات استباقية للتخفيف من تأثيرها».
وشارك في الاجتماع مسؤولون من جهاز الأمن الفدرالي، ووزارات الدفاع والخارجية والداخلية والطوارئ والعدل والتعليم والعلوم والتنمية الاقتصادية والثقافة والاتصال، والديوان الرئاسي وأكاديمية العلوم الروسية.
وأكد سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي على ضرورة زيادة الوضعية الهجومية للسياسة الخارجية الروسية في ظل السياسات الأخيرة للولايات المتحدة تجاه روسيا.
وأشار باتروشيف خلال اجتماع اللجنة المذكورة إلى أن التغيرات في السياسة الأمريكية تجاه روسيا تتطلب وضع إجراءات إضافية لاحتواء تأثيرها. وقال: «من بين المهام الرئيسة يجب حل قضية زيادة الوضعية الهجومية للسياسة الخارجية، وضمان المستوى الكافي للدفاع وأمن الدولة والمجتمع الروسي»، مضيفاً أنه تجب زيادة فاعلية تنفيذ برامج إحلال الواردات في القطاعين العسكري والمدني للاقتصاد الروسي، وتهيئة الظروف لتطوير العلوم وتحقيق التقدم الاستباقي في مجال العلوم والتكنولوجيا، وضمان أمن الطاقة ومواصلة العمل على زيادة استقلالية المنظومة المالية الروسية، كما أشار إلى ضرورة إيلاء اهتمام خاص للتصدي للتأثير الهدّام الخارجي، الذي يهدف إلى إفساد القيم الأخلاقية التقليدية والثقافية التاريخية، وكذلك مسائل الأمن المعلوماتي.
ولفت باتروشيف إلى أن استراتيجية الأمن القومي الأمريكية الجديدة، خلافا لسابقتها، تولي اهتماماً أكبر لاستخدام القوة العسكرية كأداة لتفعيل المصالح الأمريكية على الساحة الدولية، مضيفاً أن «الاستراتيجية الأمريكية تهتم بضمان الهيمنة على منظومة الطاقة العالمية وتعزيز مكانتها الرائدة في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا».
وأضاف: إن ذلك لا يظهر في الخطاب الأمريكي فحسب، بل وفي أعمال واشنطن، مشيراً إلى أن الضربة الصاروخية الأمريكية البريطانية الفرنسية ضد سورية، والتي جاءت خرقاً لكل أعراف القانون الدولي تعتبر مثالاً واضحاً على ذلك.
وشدد أنه على خلفية السياسات الأمريكية الهادفة إلى فرض العزلة على روسيا، يجب البحث عن مجالات للتعاون مع الدول الأجنبية، مع عدم استبعاد التوصل إلى حل وسط مع الدول التي تتبع النهج الأمريكي.
وأكد: إن «السياسة الخارجية المستقلة لروسيا ودفاعها عن مصالحها الوطنية، تعتبرها الولايات المتحدة خطراً على هيمنتها المطلقة في العالم»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة انتقلت من سياسة التعاون مع روسيا إلى استخدام أدوات الردع والمواجهة الشديدة.
استناداً، الى هذه التصريحات، وخطاب الرئيس الروسي إلى مجلس الاتحاد الروسي، عشية الانتخابات الرئاسية في روسيا، يمكن الاستنتاج بأن العناوين الأساسية للسياسة الروسية لاحقاً هي:
_ الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، والإمساك بزمام المبادرة.
_ تشير التوجهات، إلى تحقيق المزيد من الاستقلالية المالية، أي: التقدم في ذلك المفصل الذي تهيمن عليه واشنطن، وكان أحد أهم مصادر قوتها.
_ تأخذ التوجهات الجديدة بعين الاعتبار، النزوع العدواني لقوى الحرب في واشنطن، فالتفوق العسكري الأمريكي خلال المرحلة السابقة مكنّها من ابتزاز خصومها المفترضين، وحلفائها، مما يعني ضرورة وضع الردع العسكري على جدول الأعمال إذا اقتضى الأمر.
_ تلاحظ التوجهات الاستراتيجية الجديدة، أهمية الاستمرار في كسر الهيمنة الأمريكية على منظومة الطاقة العالمية، التي تشمل وزن الدولار المستمد من كونه المعادل النقدي الأساسي في سوق النفط.
_ إحلال الواردات، بما يتطلبه من سياسات اقتصادية جديدة.
_ إن جملة التوجهات الجديدة التي أفصح عنها سكرتير مكتب الأمن القومي الروسي، تعتبر بمثابة بيان لإعلان تجذير المواجهة، مع الولايات المتحدة، بأبعادها المتكاملة الاقتصادية– الاجتماعية، السياسية والعسكرية والثقافية والتكنولوجية.
قوى حرب_ قوى سلم
كم كان متوقعاً، بأن الأزمة الرأسمالية العظمى، قد تقود قوى الغرب الرأسمالي عموماً، والأمريكي خصوصاً إلى توسيع رقعة الحرب، ومع الفشل المتلاحق في استراتيجية تعميم، واستدامة الفوضى، بعد تصاعد دور القوى الدولية الصاعدة، اضطرت قوى الحرب إلى الدخول في احتكاك مباشر معها، مما وضع على جدول الأعمال، موضوعة صَوْن السلم العالمي، التي تتطلب لجم قوى الحرب، وتأمين مستلزمات المواجهة الشاملة معها.. مما يعني بداية استقطاب دولي جديد على أساس الموقف من قضية السلم، الأمر الذي يعني بدوره المزيد من الانقسام بين القوى الدولية المتراجعة، وتحديداً بين التيارات العقلانية، والتيار الحربجي، حيث كان ارتفاع صوت القوى المناهضة للضربة الغربية الأخيرة على سورية، سواء كان من النخب، أو الشارع ، ملامحها الأولى.
إن التراكم الكمي الذي يحدث منذ سنوات، وتحديداً زيادة وزن روسيا وحلفائها، شكل_ وكما يبدو_ الأساس للانتقال إلى حالة نوعية جديدة في الوضع الدولي، سمتها الأساسية فرض المزيد من التراجع، على قوى الهيمنة والاستفراد بالقرار الدولي، عبر تأمين الأدوات اللازمة للقيام بهذا الدور، في مواجهة القوى التي أوصلت الحضارة البشرية إلى مفترق طرق.
بلدان الأطراف
إن التأكيد على التراجع الأمريكي المحسوم، يعني: أن قوى الحرب ستستخدم كل ما لديها من أدوات، لتأخير العملية أكثر فأكثر، مما يعني أيضاً استمرار المخاطر، واحتمال إقدام تلك القوى، على مغامرات عدوانية هنا وهناك، ومن هنا، فإن المهمة الأولى التي تنتصب أمام القوى الوطنية في بلدان الأطراف، ومنها سورية: الإسراع بالخروج من دوامة العنف والحرب، إلى رحاب الحل السياسي، حتى لا تكون بلادنا ساحة لتصادم مباشر بين الكبار.