المعارضة شيء والعمالة شيء آخر!

المعارضة شيء والعمالة شيء آخر!

البعض ممن كانوا على هامش الفعل السياسي، كما على هامش مشهده العام، أفراداً أو مجموعات صغيرة، وصل بهم حال اليأس من أن يجدوا لأنفسهم موطئ قدم بأي مشهد سياسي، مهما كان بائساً، هذا المشهد ومهما كان دورهم فيه، ما كان منهم إلا أن رموا أنفسهم في أحضان كيان العدو «الإسرائيلي»، على حساب الأزمة الوطنية العميقة، والكارثة الإنسانية التي يعيشها الشعب السوري.

تسابق هؤلاء لخطب وِدّ الكيان المحتل، لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة، فقد سبقهم البعض إلى ذلك، ومن الممكن أن يتبعهم بعض آخر.

ولعله من محاسن وإيجابيات إعادة الاصطفافات للقوى الحية والفاعلة على مستوى العمل السياسي، مع كل متغير ومنعطف، أو تغير بموازين القوى، هي: المزيد من كشف الأقنعة والزيف يوماً بعد آخر، وتهاوي من يجب أن يتهاوى نتيجة تضافر الذاتي مع الموضوعي وفقاً لهذه المتغيرات، وهؤلاء المتسابقون نحو العدو ليسوا إلا بعضهم.

هؤلاء لم يكتفوا بالزيارة وبخطب الود، مع ما يحمله من اعتراف مباشر بهذا الكيان المحتل والغاصب والمتطرف، بل دعوا جهاراً نهاراً هذا العدو «الإسرائيلي» كي يشكل غطاءً سياسياً لهم، مع توجيه ضربات مباشرة لسورية وشعبها، بالإضافة إلى دعوته لإقامة منطقة عازلة بالجنوب السوري، وغيرها من توافه الدعوات والادعاءات، التي تعبر عن مكنوناتهم وتتوافق مع رغبات مشغليهم، كما مع تطلعات العدو «الإسرائيلي» نفسه، والذي يعتبر التطبيع أولويةً قصوى بالنسبة له، تحمي بقائه، وخاصة في هذه المرحلة، مع ما تحمله من متغيرات نوعية عميقة، على مستوى التوازنات الدولية الناشئة، قد تؤثر على هذا البقاء نفسه بالمعنى الاستراتيجي العملي.

بعد ذلك كله يحلو لهؤلاء، كما يحلو لمشغليهم، أن تطلق عليهم تسمية «المعارضة»، في مسعى بائسٍ لتشويه المفردة والمفهوم، والتشويش قدر الإمكان، على اصطفافات المعارضة الوطنية الحقيقية ودورها الراهن والمستقبلي، على مستوى الفعل الوطني والتغيير العميق والشامل الذي تسعى إليه، عِبْرَ الحل السياسي المنشود الذي يحفظ وحدة التراب والشعب السوري.

علماً بأن هؤلاء ما كانوا ولن يكونوا لا معارضة بالمعنى العام، ولا ضمن تصنيفاتها بالمعنى العميق، على مستوى المفردة والفعل، فكيف بالمعنى الوطني الذي لا يجب أن يتم تفريقه عن مفردة «المعارضة» وكأنها مقزمة ويتيمة لا بُعدَ ولا عُمقَ لها، وهو ما تسعى إليه بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للترويج له وتسويقه منذ حين.

ولعل ما يمكن أن يحصل هؤلاء عليه من ألقاب، بنتيجة فعلهم ودورهم الهامشي البائس واليائس: «أعداء الوطن- عملاء- خونة- مطبعين- ...»، رغم يقيننا بأن مساعي الترويج لهؤلاء تحت عبارة «المعارضة» لن تقف، وخاصة عبر وسائل الإعلام المتحكم بها والمسيرة، بما يخدم مصالح القوى المتصارعة، محلياً وإقليمياً ودولياً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
794
آخر تعديل على السبت, 21 كانون2/يناير 2017 17:10