تقرير اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاستثنائي للحزب الشيوعي السوري

افتتح المؤتمر الاستثنائي للحزب الشيوعي السوري أعماله يوم 18/12/2003، بحضور مندوبي منظمات الحزب كافة، والتي سبق لها أن طالبت القيادة السابقة للحزب ـ وعبر عشرات الرسائل ـ بعقد المؤتمر الاستثنائي لحل الخلاف الناشئ في الحزب، والتي تمثل 56.2% من تعداده عشية المؤتمر التاسع، بالاستناد إلى المادة 22 من النظام الداخلي، وقد انتخب لعضوية المؤتمر (105) مندوبين على أساس اللائحة الانتخابية التي أقرتها اللجنة التحضيرية وفق مبادئ النظام الداخلي.

وبعد انتخاب هيئة رئاسة المؤتمر وإقرار جدول عمله، قدمت اللجنة التحضيرية تقريرها إلى المؤتمر (عن الفترة ما بين المؤتمر التاسع وحتى الآن) وقد شارك في النقاش العام للتقرير 49 رفيقاً.

ومن خلال النقاش العام قيّم الرفاق المندوبون أهمية الأفكار والمقولات والاستنتاجات التي تضمنها تقرير اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاستثنائي وأهمية انعقاده، بهدف كسر مسلسل الانقسامات والخروج من الأزمة نحو وحدة جميع الشيوعيين السوريين في حزب شيوعي سوري واحد يلعب دوره الوظيفي ـ التاريخي في حياة البلاد ويلغي الحالة الفصائلية للشيوعيين.

وفيما يلي النص الكامل لتقرير اللجنة التحضيرية الذي أقره المؤتمر:

ينعقد مؤتمرنا الاستثنائي تحت شعار: «كرامة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار»، هذا الشعار الذي أُطلق خلال الحملة الانتخابية الأخيرة لمجلس الشعب، والذي خاض رفاقنا في مختلف المحافظات الانتخابات تحت رايته.

إن كرامة الوطن والمواطن، هي استمرار وتطوير بآن واحد لشعار: «الدفاع عن الوطن، والدفاع عن لقمة الشعب» في الظروف الجديدة.

استمرار لأنه يتضمن فكرة الدفاع عن الوطن، والدفاع عن لقمة الشعب. ويسير إلى الأمام لأن الحياة أثبتت أن الدفاع عن الوطن في الظروف الجديدة، ليس دفاعاً بشكل مباشر ضد التهديدات الخارجية فقط، لأن خط المواجهة مع العدو الخارجي، خاصة بعد المتغيرات العالمية والإقليمية في العقد الأخير، أصبح يمر عبر الاقتصاد  الوطني، والمجتمع ككل. لذلك فإن كرامة الوطن هي وعاء يحمل الكثير من المعاني السابقة منها والحالية التي تتطلبها ظروف الصراع الجديدة.

أما كرامة المواطن، فأول عناوينها هو: الدفاع عن لقمة الشعب، ولكن التجربة والحياة برهنت، أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، وللمتطلبات المعنوية أهمية لا أقل من الحاجات المادية أحياناً، لذلك تصبح كرامة المواطن شعار جامع لكل المضامين المتعلقة بالمطالب الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية للمجتمع وأوسع الجماهير الشعبية.

إن السير إلى الأمام باتجاه تطوير الشعار لا يحمل انقطاع عن الماضي، ولكنه يدفعه ويصوبه نحو الحاجات الجديدة.

لقد كان حزبنا دائماً سباقاً في صياغة الشعارات المكثفة التي تحمل المضامين المتنوعة والمتعددة الجوانب السياسية على مر تاريخه من «وطن حر وشعب سعيد»، إلى «الدفاع عن الوطن، والدفاع عن لقمة الشعب»، وصولاً إلى شعارنا اليوم «كرامة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار»!، وهذا يؤكد أننا ورثة كل ما هو حي وأصيل في تراثنا الثوري النابع من تجربتنا المستندة في رؤيتها إلى مجمل تجارب ونضالات الحركة الشيوعية العالمية. فكما أن «الدفاع عن الوطن، والدفاع عن لقمة الشعب» كان تطويراً لشعار الحزب التاريخي: «وطن حر وشعب سعيد»، فشعارنا الحالي هو استمرار وتطوير لكل الشعارات السابقة.

أولاً: لماذا انعقاد المؤتمر الاستثنائي؟

■ شعار: «كرامة الوطن والمواطن، فوق كل اعتبار» هو استمرار وتطوير بآن واحد لشعار: «الدفاع عن الوطن، والدفاع عن لقمة الشعب» في الظروف الجديدة.. وتطوير لكل الشعارات السابقة

■  «لا انقسام، ولا استسلام»!.. دفاعاً عن الحزب.. وصد للنهج التصفوي للقيادة السابقة..

■ نحو استعادة الحزب لدوره الوظيفي ــ التاريخي.

المادة 22 من النظام الداخلي:

■ «يحق للمنظمات التي تضم أكثر من نصف أعضاء الحزب على أساس التمثيل في المؤتمر الأخير أن تطلب من اللجنة المركزية الدعوة لعقد مثل هذا المؤتمر خلال ثلاثة أشهر، فإن لم تفعل دعت هي لعقد المؤتمر». 

■ تجاوز عدد المطالبين بعقد المؤتمر الاستثنائي على أساس التمثيل في المؤتمر الأخير، أكثر من نسبة 50 % بكثير.

■ إن عقلية الإقطاع السياسي أوصلت القيادة السابقة إلى اختراع صيغة: «وضع نفسه بيده خارج الحزب»! ولكن الذي تبين أن القيادة طبقت مقولة «تطهير الحزب» عبر تصفية خيرة كادرات حزبنا وتطفيشهم وداست على النظام الداخلي ومبدأ المركزية الديمقراطية وحقوق العضوية وصلاحيات الهيئات وتنكرت لمواصفات النزاهة الشيوعية ووزعت الامتيازات التي تسمح بها ظروف التعاون يميناً وشمالاً لشراء الضمائر وتقاعست عن المهام الوطنية والطبقية المنوطة بالحزب.

لقد عشنا جميعاً مرحلة التحضير للمؤتمر التاسع ومجرياته ونتائجه. والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح على كل الشيوعيين هو: لماذا تصرفت المجموعة المتنفذة في القيادة السابقة بالشكل الذي تصرفت به، فهي قد افتعلت معركة تنظيمية غير مفهومة، أدت إلى نتائج وعواقب وخيمة أثرت على الحزب سلباً، وأعاقت تطور الحركة الشيوعية في البلاد، هذه الحركة التي كانت الجماهير الشعبية تعوّّل عليها الكثير من أجل النضال لتحقيق مطالبها وطموحاتها فخيبت آمالها بالشكل الذي سارت عليه.

لم تلتزم القيادة بالنظام الداخلي بل ضربت به عرض الحائط، وافتعلت معركة ضد أعداء وهميين في الداخل كي تتهرب من تنفيذ سياسة الحزب المصاغة في المؤتمرات المتتالية وفي وثائقه المختلفة وصولاً إلى قرارات المؤتمر التاسع نفسه.

لم يكن خافياً على الكثير من الرفاق سلوك القيادة السابقة خلال التحضير للمؤتمر التاسع، تجاه كوادر الحزب عامة، وخاصة في منظمة دمشق التي أرادت لها هذه القيادة أن تكون الضحية الأولى لسلوكها وقراراتها القمعية. مع ذلك، فقد أصر الرفاق المتضررون من سلوك القيادة على الالتزام بتقاليد العمل الحزبية المبدئية، ولم يتعاملوا معها من منطق رد الفعل، واستطاعت هذه القيادة، بفضل تحكمها بمقاليد الأمور، أن تؤمن أكثرية شكلية في المؤتمر التاسع عبر جملة من الألاعيب والتطبيقات كي تصفي بدون سبب أو مبرر يطرح علناً، جملة من الكوادر قارب نصف أعضاء اللجنة المركزية السابقة، للمؤتمر التاسع، ومع وضوح التلاعب الذي زوّر إرادة أعضاء الحزب، مارس الرفاق الذين أُبعدوا عن الهيئات القيادية أقصى درجة من ضبط النفس، وأعلنوا التزامهم بنتائج المؤتمر، راغبين بكسر التقاليد السابقة للأزمة التي كانت تجعل «المغلوب» عادة (يضب أغراضه ويمشي)، وارتضى  الرفاق الالتزام بنتائج المؤتمر رغم ملاحظاتهم الكثيرة عليها، راغبين في الحفاظ على وحدة الحزب، مما فاجأ المجموعة المتنفذة في القيادة وجعلها تلجأ إلى نقل حملة التصفيات إلى مستوى اللجان المنطقية فوراً بعد انتهاء المؤتمر، وفي هذه الحالة، أصر الرفاق على البقاء في حزبهم بعد سلسلة القرارات المجحفة بحقهم من طرد وفصل وإبعاد وحل هيئات بالجملة، بشكل مخالف للنظام الداخلي، رافعين شعار: «لا انقسام ولا استسلام»، مما أدى إلى زيادة الاستياء في صفوف جميع المنظمات التي مستها أولم تمسسها موجة القمع، مما انعكس على نتائج انتخابات اللجان المنطقية  التي جرت بعد المؤتمر التاسع، والتي يمكن اعتبارها أنها كانت تصويتاً حزبياً جماهيرياً على عدم الموافقة على سلوك القيادة بعد المؤتمر التاسع، مما اضطرها ولأول مرة في تاريخ كل أزمة الحزب، أن تلجأ إلى:

1. حل اللجان المنطقية المنتخبة بإشرافها، مثل اللاذقية، طرطوس، حماة، دمشق، بدون أي سبب مقنع، وتعيين لجان منطقية لا تُمثل فعلياً أحد. 

2. إبعاد عدد كبير من الكادرات والرفاق عن المنظمات وعن عملية الانتخاب تحت الحجة المشهورة: «وضع نفسه بيده خارج الحزب». وذلك من أجل تأمين انتخاب قيادات لاتعرف إلا أن تقول كلمة «نعم»، ولو على حطام وأنقاض منظمات باسلة بأكملها، وهذا ماجرى في الجزيرة وحمص.

3. تجاوزت القيادة سلطتها بشكل تعسفي ومخالف للنظام الداخلي من أجل إحداث تعديلات جزئية في بعض اللجان المنطقية المنتخبة حديثاً بإشرافها عبر إبعاد البعض، وضم البعض الآخر للوصول إلى أكثرية شكلية في اللجان المنطقية، وهذا ماجرى في حوران وريف دمشق.

وهكذا تصورت المجموعة المتنفذة في القيادة أنها سيطرت على الحزب بقوة القرار، ولم يشغلها شاغل منذ انتخابها إلا التصفيات الداخلية التي تحولت إلى مبرر لعدم ممارستها لمهامها، ولتبرير عدم تطبيقها لقرارات المؤتمر التاسع  المتعلقة بتنفيذ سياسة الحزب.

ومما يؤسف له، أن القيادة السابقة للحزب، ليس فقط لم تؤد واجبها تجاه تنفيذ سياسته، ولم تكتف بإدارة ظهرها كلياً لواجب العمل على وحدة الشيوعيين السوريين، مستمرة بالإصرار على أنها الحزب الأم، بل فبركت تهماً خطيرة تهدف إلى اختلاق أعداء وهميين يبررون المعارك الداخلية، من جهة ويبررون الإحجام عن النضال لتنفيذ سياسة الحزب من جهة أخرى.

إن عقلية العائلة والإقطاع السياسي أوصلت القيادة إلى رفع صيغة «وضع نفسه بيده خارج الحزب» ولكن الذي تبين أن القيادة طبقت مقولة «تطهير الحزب» عبر تصفية خيرة كادرات حزبنا وتطفيشهم وداست على النظام الداخلي ومبدأ المركزية الديمقراطية وحقوق العضوية وصلاحيات الهيئات وتنكرت لمواصفات النزاهة الشيوعية ووزعت الامتيازات التي تسمح بها ظروف التعاون يميناً وشمالاً لشراء الضمائر وتقاعست عن المهام الوطنية والطبقية المنوطة بالحزب بعد المؤتمر التاسع.

كل ذلك أدى إلى خلق أزمة عميقة في الحزب اصطنعتها القيادة السابقة عن وعي وسابق تصميم بسبب عدم إدراك لمهام المرحلة من خلال ما طرح من مستجدات انعطافية على الساحة السورية واستمرارها بالأشكال والأساليب القديمة في فهم وتطبيق المضامين الجديدة، التي لم تفهم أو تدرك أبداً عندها، بل فهمت وأدركت عند الكادر الرئيسي في الحزب مما أدى إلى مواجهة معه بسبب نمو وعيه الفكري والسياسي والذي أعلن شعار «لا انقسام ولا استسلام»، وطالب القيادة عبر عشرات الرسائل (من دمشق، الجزيرة، حماة، اللاذقية، طرطوس، حمص، ريف دمشق..إلخ..) إلى الاحتكام للنظام الداخلي وعدم السماح لأي كان بخرقه سواء على مستوى الهيئات أو الأفراد ومعالجة الوضع الناشئ بالحزب بروح رفاقية ومسؤولية عالية تجاه الحزب والوطن في ماضيه وحاضره ومستقبله وليس من خلال تأمين الولاء، بل على أساس التمييز بين الالتزام والاستزلام.

لكن القيادة تابعت مشروعها الانقسامي ـ التصفوي من خلال:

1. إرهاب قواعد الحزب ومحاولة منعها من إبداء أي رأي حول ما يجري داخل الحزب وذلك عبر رسائل داخلية تطلب الولاء لها وتهدد كل من يخالفها الرأي بالفصل والتجميد وبمقولة «وضع نفسه بيده خارج الحزب» ويمكن العودة إلى رسالة القيادة الأولى تحت عنوان «بلا هوادة» التي لم تتضمن شيء عما دار في المؤتمر التاسع، بل كانت مليئة بالمغالطات والمصطلحات والنعوت الغريبة عن منظومة القيم الشيوعية.

2. عدم الرد على رسائل المنطقيات وكادر الحزب الرئيسي التي طالبت القيادة بالتعقل ووضع المهمات الحزبية أمام الرفاق بدل الإصرار على خلق عدو وهمي داخل الحزب لا يفيده بشيء سوى تراجع دور الحزب داخلياً وعربياً وعالمياً وقد تجلت عقلية الإقطاع السياسي لدى قيادة الحزب بأنها ليس فقط لم تكلف نفسها عناء الرد على رسائل الاستفسار والانتقاد الموجهة إليها والتي تضمنت اقتراحات ملموسة لحل الوضع الناشئ في الحزب، بل تجرأت القيادة على إخفاء حقيقة وصول الرسائل إليها، فمن جميع الرسائل الموجهة للجنة المركزية لم يعرض إلا القليل جداً منها على اللجنة المركزية، وواضح كم في ذلك من مخالفة للنظام الداخلي وحقوق أعضاء الحزب وهيئاته.

3. لقد فقدت القيادة السابقة احترامها أمام القواعد من خلال موقفها اللامبدئي من نتائج انتخابات المنطقيات التي أشرفت عليها بنفسهاعلى مستوى البلاد. فكل رفيق عاش مجريات الأمور من خلال منظمته يعرف كيف حضرت القيادة للانتخابات وكيف قادت المؤتمرات وكيف تنكرت للنتائج التي أثبتت أن غالبية قواعد الحزب لا تثق بالقيادة ولا بالموالين الذين تستقتل من أجلهم ومن أجل فرضهم على القواعد..

4. بعد هزيمة القيادة وعزلتها تنظيمياً، وبعد أن أوغلت في إلغاء عدد كبير من نتائج المؤتمرات الانتخابية وتعيين منطقيات من الراسبين في الانتخابات /خصوصاً من المركزيين الذين سقطوا/، وبعد إضعاف قدرة الحزب على أداء دوره المطلوب في المسألة الوطنية والاجتماعية والديمقراطية في البلاد، رأينا بعض رموز القيادة سواء داخل بعض المنظمات أو على صفحات «صوت الشعب» يطلبون صراحة من الرفاق الذين يتصدون لانحراف القيادة عن شعار «الدفاع عن الوطن والدفاع عن لقمة الشعب» بأن يخرجوا من صفوف الحزب ويشكلوا حزبهم الخاص بهم!!!

5. لكن القيادة فاتها أن الشيوعيين الذين أمضوا جل حياتهم في حزبهم الشيوعي السوري المجيد رفعوا شعارهم «لا انقسام ولا استسلام»، وأنهم ليسوا أُجراء عند القيادة أو عبيداً تطردهم إلى «مالك» آخر.. إنهم من يتمسكون بحزبهم كمحافظتهم على أحداق عيونهم.. كما أن تطور النضال سيثبت من هو الطارئ على الحزب ومن هو الرافع الحقيقي لراية الماركسية اللينينية. راية الوطنية والدفاع عن قضايا الجماهير في سورية.

إن الدعوة لمؤتمر استثنائي للحزب ليس الهدف النهائي منها إطلاقاً إزاحة قيادة واستبدالها بقيادة أخرى، بل معالجة الوضع الناشئ والأزمة وبحث جذورها وأسبابها في الحزب ووقف مسلسل التصفية والتنكيل الذي يطال اليوم أوسع صفوف الكادر الحزبي، ووقف تراجع دور الحزب في أداء مهامه الوطنية والطبقية في حياة البلاد، ومعاودة السير نحو وحدة جميع الشيوعيين السوريين بعيداً عن عقلية الولاء والنفعية والمكاسب أو المتاجرة باسم العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين، ومن هنا فالأزمة الحالية في الحزب هي من صنع القيادة وهي تتحمل المسؤولية الكبرى فيما وصل الحزب إليه ويجب أن تحاسب على ما فعلت بالحزب وفق المبادئ اللينينية في التنظيم بعيداً عن أية رغبة في التصفية أو الإبعاد والتنكيل كما تفعل القيادة اليوم بخيرة كادرات الحزب ولن يكون الانتقام أبداً بين أهداف الذين طرحوا عقد مؤتمر استثنائي للحزب، بل الوصول إلى حزب شيوعي طليعي يبرر وجوده الموضوعي في حياة البلاد.

لقد استندت الدعوة للمؤتمر الاستثنائي إلى المادة الثانية والعشرين، البند الثالث من النظام الداخلي التي تنص على أنه:

«يحق للمنظمات التي تضم أكثر من نصف أعضاء الحزب على أساس التمثيل في المؤتمر الأخير أن تطلب من اللجنة المركزية الدعوة لعقد مثل هذا المؤتمر خلال ثلاثة أشهر، فإن لم تفعل دعت هي لعقد المؤتمر». لقد تجاوز عدد المطالبين بعقد المؤتمر الاستثنائي على أساس التمثيل في المؤتمر الأخير، سواء كان عبر اللجان المنطقية أو الفرعية أو الرفاق فردياً، والذين يحملون بطاقات حزبية أكثر من نسبة 50 % بكثير. والملفت للنظر أن القيادة السابقة لم تتجاهل جميع طلبات الداعين فقط بل لم تستطع أيضاً أن تنكر وثائقياً حجمهم وشرعية مطلبهم.

فقد رفعت العديد من المنظمات المنطقية والفرعية طلبات إلى اللجنة المركزية بعقد مؤتمر استثنائي، وكانت الدعوة الأولى قد جاءت من اللجنة المنطقية في اللاذقية (6 من أصل 9) في 23/8/2001، وتلاها دعوة اللجنة المنطقية في حماة (10 من أصل 11) في 5/10/2001، ثم اللجنة المنطقية في طرطوس (5 من أصل 7) في 4/11/2001، ثم في دمشق في 1/2/2002، وفي الوقت ذاته، رفعت جملة من المنظمات المبعدة، فرعية كانت أو منطقية، رسائل تطالب بالمؤتمر الاستثنائي: (الجزيرة، حمص، درعا، السويداء، ريف دمشق، إدلب، دير الزور)، وكذلك العشرات من الرفاق بشكل فردي عبر منظماتهم أو مباشرة، وبعد انتهاء المهلة القانونية لآخر رسالة مرسلة حسب النظام الداخلي، اجتمع ممثلو المنظمات  المنطقية والفرعية المطالبة بالمؤتمر الاستثنائي في أوائل كانون الثاني 2003، وتوجهوا إلى القيادة للمرة الأخيرة وطالبوها بالاستجابة لنداء العقل والواجب وعقد المؤتمر الاستثنائي. وبعد استنفاد كل فرص الحوار مع القيادة السابقة، شكل ممثلو المنظمات لجنة تحضيرية لعقد المؤتمر الاستثنائي بتاريخ 6/6/2003 ووجهوا نداء إلى جميع أعضاء الحزب الشيوعي السوري يناشدونهم العمل للحفاظ على وحدة الحزب، والالتزام بالنظام الداخلي وعقد المؤتمر الاستثنائي لإخراج الحزب من أزمته التي سببتها أساليب القيادة وأفعالها.

والسؤال المطروح الآن: ألا يعني عقد المؤتمر الاستثنائي التخلي عن شعار «لا انقسام ولا استسلام»؟!، حتماً لا، لماذا؟!

أولاً: أكدنا دائماً، وأثبتت الممارسة: أنه لا يوجد الآن في سورية حزب شيوعي كفاحي حقاً يؤدي دوره الوظيفي. وبالتالي لا يمكن الانقسام عن شيء غير موجود أصلاً.

ثانياً: إذا أقر المؤتمر الاستثنائي إنهاء أعماله، فهذا سيعني أنه قد أعلن تشكيل فصيل جديد ينضم إلى جانب الفصائل الثلاثة الأخرى الموجودة، وهذا كما قلنا، ليس شرفاً كبيراً لنا، لأن هدفنا أسمى بكثير، والوصول إليه أصعب بكثير.

ثالثاً: إن عملية استعادة الدور الوظيفي للحزب، هي  عملية تاريخية يجب أن تكون جلسة مؤتمرنا الاستثنائي هذه حلقة أساسية فيها، بل نقطة انطلاق لها. لذلك علينا تحمل مسؤولية قرار خطير له علاقة بمستقبل الحركة. فإما أن نتحول إلى فصيل لن يزيد الحركة إلا تشرذماً، وإما أن نتأنى، وأن ندرس الحالة بعمق وأن نستمر بالاستعادة التدريجية للدور الوظيفي للحزب.

رابعاً: لاشك أن لدينا كل مقومات التنظيم الجدي، ونكوّن حالة جدية، تتجاوز بكثير من المؤشرات الحالات المتبقية في الفصائل الأخرى. ونتحول بالتدريج إلى حزب شيوعي يؤدي دوره الوظيفي كاملاً، ولكن ذلك مرتبط بجملة ظروف لها علاقة بآفاق التنظيمات الشيوعية الموجودة حالياً، وبآفاق تطور الوضع السياسي. لذلك من السهل إعلان الحزب، ولكن ليس من البساطة ممارسة دوره، وكي لا نخلق أوهاماً عند أحد، يجب قول الحقيقة ووضع المهمات الجدية التي تحولنا إلى حزب حقيقي، إن مؤشرات ذلك واضحة للعيان، كما هو واضح عكسها عند الآخرين، فحالتنا يزداد تأثيرها السياسي واحترامها الجماهيري وإمكانية توسعها التنظيمي.

خامساً: ترتدي عملية توحيد الشيوعيين السوريين أهمية كبرى في مجرى استعادة الحزب لدوره الفكري والسياسي والجماهيري والتنظيمي لذلك لايمكن النظر إلى حالتنا وإلى مؤتمرنا الاستثنائي، إلا بالتوازي مع عملية  توحيد الشيوعيين السوريين التي أطلقها ميثاق الشرف في تاريخ 15/3 /2002

 

ونحن ننظر إلى عملية التوحيد، إلى أنها عملية بناء ما تهمش وتهشم خلال ثلاثين عاماً من الصراع الانقسامي.