الافتتاحية كي لا نسترخي..

رغم أن المخطط الأمريكي واضح المعالم ويتعامل مع المنطقة كساحة واحدة من أفغانستان إلى لبنان إلا أن البعض:

● يعتقد أنه إذا استرضى وساير الوحش الهائج، فسيكسب شهادة حسن سلوك تنقذه من الآتي (مثال السعودية ومصر).

●  والبعض الآخر يعتقد أنه إذا استمر في الدعاء على كسر يد الأمريكان في المنطقة دون أن يحرك ساكناً كي لايستفزهم كثيراً، فهو لن يعطيهم ذريعة، وبالتالي تمر العاصفة ويسلم، وفي ذلك قبض للريح لأن الإمبريالية الأمريكية أثبتت بوقاحتها أن الذرائع لاتهمها، كما أكدت الأحداث أن مايجري ليس عاصفة فالعاصفة تبدأ وتنتهي، ومن الحكمة إحناء الرأس لها فعلاً، ولكن الذي يجري هو تبديل مصطنع للمناخ إذا نجح في مسعاه فستبقى العاصفة مستمرة بلا توقف مما يتطلب الحؤول دونها قبل بدئها.

●  لذلك تقوى مواقع الذين يقولون بالمواجهة وبالحسم لأنهم يسمون الأشياء بمسمياتها، ويعكسون الضرورة الموضوعية في زمن المأزق الأمريكي، هذا المأزق الذي لن يكون منه مخرج، إذا استطاعت القوى المناهضة له أن تتعامل مع المخطط الأمريكي على أنه يستهدف منطقتنا كمجال واحد وساحة واحدة، وهذه القوى تفهم تماماً أن المناورات الأمريكية التي تصعد التوتر في جزء من المنطقة وتخففه في جزء آخر وبالعكس وهكذا دواليك، لاتعني أبداً أنه يجب الاطمئنان للنوايا الأمريكية بل على العكس، يجب الاستعداد للأسوأ، لأن هذه المناورات هي دليل اقتراب المخطط الأمريكي من لحظة حسمه القصوى على كامل الساحة وكل المجال في المنطقة.

والجماهير بحسها السليم تشعر أين هو الموقف السليم فتؤيده وتلتف حوله، فهي مرتاحة ومؤيدة لتصريحات الرئيس الإيراني الجديد أحمد نجادي كما أيدت خطاب الرئيس بشار الأسد على مدرج الجامعة فيما يخص إرادة المواجهة وعدم الاستسلام، لأن ثمن المواجهة أقل من ثمن الفوضى في كل الأحوال.

ولحماية هذا الموقف السليم يجب التأسيس له داخلياً وعلى مستوى الشارع والجماهير الشعبية أولاً وأخيراً، وعلى مستوى صياغة دور جديد للدولة على كل الصعد يرتقي إلى مستوى التحديات المنتصبة أمامنا، ويتفاعل مع حاجات اللحظة التاريخية الراهنة بما يستجيب لمصالح المجتمع بأكثريته الساحقة من شغيلة بسواعدهم وأدمغتهم وهنا يبرز ثلاثة تيارات:

- تيار يتذرع بسلبيات الماضي ويريد الاندفاع ولكن إلى الوراء للقضاء على بنية الدولة ومقوماتها للوصول إلى تقويض كيانها بالمعنى الجغرافي - السياسي، أي تفتيت المجتمع، وهو مايرمي إليه مخطط الشرق الأوسط الكبير.

- تيار عاجز عن إيجاد حلول للقضايا المستجدة في المجتمع والدولة وتحت ضغط الخوف الحقيقي أو المصطنع من التيار الأول يصر على المراوحة في المكان، وهذا أمر كارثي ويؤدي خدمة مجانية للتيار الأول.

- وأخيراً يقوى موضوعياً ويشتد ساعد تيار الإصلاح الجذري والذي يريد تجاوز سلبيات الماضي دون رمي الوليد مع الماء القذر، ولكن ضمانة نجاح هذا التيار هو اعتماده على المجتمع وانفتاحه عليه واستجابته السريعة في الوقت المتبقي لمطالبه المشروعة التي طال انتظارها في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية.

خلاصة القول الموقف الوطني المواجه يتطلب موقفاً موازياً في الداخل ومواجهاً للجمود ولليبرالية الجديدة التي تريد تمرير مخططها في سورية بالتدريج وبشكل مخفف وموارب وغير علني أحياناً.

إن قوى الفساد الكبرى متوجسة وخائفة وفقدت المبادرة السياسية في الداخل مؤقتاً، مما يتطلب الاستعجال بتغيير اتجاه تطور الوضع الداخلي بشكل يقطع إمكانية نهوضها واستعادتها للمبادرة لاحقاً، وخاصة أن لديها حليف دولي قوي جداً، ولكن قوى الشعب في  الداخل وعلى الأرض قادرة على هزيمته إذا ماتوفرت لديها قيادة وإرادة حازمة، وهاهي تجربة أمريكا اللاتينية تنادينا. 

 

إن أعداء الداخل والخارج إن لم ينجحوا في تحقيق أهدافهم في الجولة الأولى، فهذا لايعني أنهم لن يحضروا لجولة ثانية أكثر شراسةوخبثاً، وهذا يتطلب عدم الاسترخاء بل وحشد كل القوى عبر خطوات جدية انفتاحية على  الشعب ومصالحه بأسرع وقت ممكن، وفي هذا ضمانة لتعزيز كرامة الوطن والمواطن.