وماذا بعد «إيقاف» العمل بقانون الطوارئ؟

حوّل المتنفّذون المتضررون من أية عملية إصلاح، تحويل الإعلان عن رفع حالة الطوارئ في سورية على خلفية  التظاهرات الاحتجاجية، إلى مجرد مناورة إعلامية- قانونية في أحسن الأحوال، وما زالت  قوى الفساد تناور واهمة أن في استطاعتها «إيقاف» الحركة الشعبية، وأن تمنع التظاهر، لذلك تم إرفاق قانون إيقاف العمل بحالة الطوارئ بقانون ينظم التظاهر ولا يسمح به إلا بعد الحصول على إذن من وزارة الداخلية، وهذا لدفع الحركة الشعبية في متاهات وأروقة الدولة وجعلها رهينة البيروقراطية والعنف الأمني بحجة «التظاهر غير المرخص» ...

لم يتغير واقع الأمر شيئاً على السوريين، الذين دفعوا ثمن الحرية والكرامة واللقمة غالياً من دماء أبنائهم، ولم يتلمسوا أي تغير في التعامل مع التظاهرات ومع مختلف أشكال التعبير عن الرأي، فما زالت المظاهرت السلمية تقابل بإطلاق الرصاص الحي مباشرة على المتظاهرين، وبالغاز المسيل للدموع، والإعتقال التعسفي، ومختلف أشكال العنف الجسدي والنفسي بحق المتظاهرين من الضرب بالعصي الكهربائية والهراوات والركل واللطم والإهانة والشتم... ألخ.

الأمر الذي يجعل مرسوم إيقاف حالة الطوارئ حبراً على ورق، ويدفع إلى الكثير من التساؤلات حول التفسير الذي قدمه البعض حول الاعتقالات بالجملة للمتظاهرين، والذي قيل فيه أن جميع حالات الاعتقال خارج حالة التظاهر تتم بإذن من النائب العام، وأن حالات الاعتقال في المظاهرات هي حالات توقيف بالجرم المشهود؟ وهنا نتساءل:

أولاً: كل ما قيل يتعلق بالاعتقال، ماذا بشأن قتل المتظاهرين ومن يتحمل المسؤولية القانونية من قوى الأمن عن قتلهم؟ وهل تستدعي مخالفتهم لقانون تنظيم التظاهر القتل ؟ وماذا بشأن مواد أخرى في الدستور تضمن حرية الرأي والتعبير، كانت معطلة بفعل قانون الطوارئ، ويفترض أن تفعّل من جديد؟؟

ثانياً: ماذا عن العنف الجسدي والنفسي بحق المتظاهرين بعد توقيفهم؟ فإذا كانت الحجة في استخدام العنف هي المقاومة قبل الاعتقال، ماذا عن العنف بعد الاعتقال في فروع الأمن والذي تبين وقوعه فعلا من خلال الكثير من الروايات والتسجيلات الموثوقة التي تفيد بذلك؟؟

ثالثاً: ماذا بشأن تكليف بعض المدنيين الذين لا يحملون أية صفة رسمية بقمع التظاهرات وإعطائهم مختلف أنواع الأسلحة لذلك؟ وماذا عن تكليف وإجبار بعض الموظفين المدنيين (مؤسسة الإسكان العسكري وعمال المحافظة  نموذجاً) بالقمع والاعتقال والقتل؟ ألم يكن هذا من المادة الرابعة- فقرة أ من قانون الطوارئ السابق؟

رابعاً: هل يستند النائب العام عند إعطائه مذكرات إعتقال بالجملة بحق المشاركين بالتظاهرات- كما يتبين من عدد المعتقلين- إلى قانون تنظيم التظاهر أم إلى نصوص دستورية أخرى؟ وما هي العقوبات المتعلقة بخرق قانون تنظيم التظاهر؟ ولماذا لا يتم التقيد بتلك العقوبات؟؟

خامساً: إذا كان التجمّع والتظاهر، بحد ذاته، بدون إذن يستدعي كل هذا العنف، فلماذا لا تتعرض المسيرات العفوية المؤيدة إلى العنف نفسه؟ ولماذا لا يتم قتل واعتقال المؤيدين المدنيين الذين يدفعون لملاحقة التظاهرات المعارضة للتصدي لها، والذين يفترض أنهم لم يحصلوا بالتأكيد على إذن للتصدي لتلك التظاهرات؟؟

سادساً: لماذا لا تكون الجهة المسؤولة عن تنظيم التظاهر وحماية الممتلكات العامة هي مجالس المحافظة أو المدينة أو البلدة أو القرية، أي وزارة الإدارة المحلية  وليس وزارة الداخلية التي من الممكن أن تحسب على طرف سياسي في ظل الظروف الحالية؟

وتوجد الكثير والكثير من الأسئلة التي يولدها العنف المفرط بحق مختلف أشكال التعبير عن الرأي، لم يعد يتسع المجال لها كلها، الأمر الذي يستدعي ضرورة الالتزام ليس بقوانين تبرر السلوك الأمني المجحف بحق الحركة الشعبية، بل بقوانين حرية الرأي والاعتقاد للمواطنين التي نص عليها الدستور السوري...

فمثلما يجري تقديس قانون «تنظيم» التظاهر والذي يجب أن يسمى في الظروف الحالية منع التظاهر، ينبغي تسليط الضوء على القوانين التي يفترض أن تحمي المواطن وحرية رأيه ومعتقده وكرامته ولقمته...

وقد أصبح واجباً على كل سوري أن يلم بكل ما يضمن حقوقه وحريته، وذلك وفاءً لدماء شهدائنا وتضحياتهم...

آخر تعديل على الأربعاء, 12 تشرين1/أكتوير 2016 14:21