الافتتاحية من يهبط أسرع؟

المقصود مستوى معيشة الناس، نتيجة ارتفاعات الأسعار التي سببتها سياسات الفريق الاقتصادي في الحكومة، أم مصداقية الفريق الاقتصادي نفسه وسمعته؟
الأمران مرتبط أحدهما بالآخر، فكلما هبط مستوى المعيشة تهبط عدة نقاط من مصداقية هذا الفريق، وكلما هبط مستوى معالجات الفريق الاقتصادي، تأثر الوضع الاقتصادي سلباً، جارفاً بطريقه درجات من مستوى معيشة الناس.

لا نريد التدقيق الآن في النقاط التي هبطها مستوى المعيشة خلال هذا العام، لأن الدراسات الحقيقية والعلمية تلهث وراء ارتفاع الأسعار، ولا تستطيع أن تلحق بها بسبب سرعاتها المتزايدة، ولكن الأكيد - عشية عيد الفطر- أن ارتفاع الأسعار قد تجاوز الـ 50%، ولكن هبوط سمعة ومصداقية الفريق الاقتصادي أمر أكيد، بسبب هبوط مستوى معالجاته بالدرجة الأولى، ونكتفي هنا بمثالين:
الأول: هو الغارة التي شنها الفريق الاقتصادي في موضوع الدعم التي فشلت والحمد لله حتى الآن، وتبين بنتيجتها أن أرقام الدعم التي تتحملها الدولة مبالغ بها بشكل فاحش، والأرجح أن الخطأ هنا سببه ليس حسابيا بل هو سياسي...
فالمقصود كان التخويف للوصول إلى الهدف المقصود، والذي ستبين الأيام اللاحقة ما هي حقيقة مراميه البعيدة!
الثاني: التناقض الصارخ والفج بين الإدعاء بارتفاع معدلات النمو الاقتصادي التي تتحسن حسب ادعاءاتهم من عام إلى عام، وبين تأكيدهم أن موارد الموازنة في خطر إذا ما استمر الدعم.
فارتفاع معدلات النمو يجب أن يعني تحسن موارد الدولة، أما انخفاض موارد الدولة فيعني انخفاض معدلات النمو... فأيهما نصدق؟
والأنكى من ذلك، وإذا كانت موارد موازنة الدولة في خطر، فهل المطرح الوحيد لتعزيزها هو مبالغ الدعم؟ ولماذا لا يجري أي جهد باتجاه تحسين الجباية الضريبية من الأغنياء؟ ولماذا لا يجري تطوير استثمارات الدولة في الفروع التي يمكن أن تقدم عائدية عالية؟؟
أم أن المقصود هو الوصول إلى وضع تصبح فيه جميع الحلول سيئة، وتؤدي إلى زيادة التوتر الاجتماعي وإضعاف منعة سورية سياسياً؟
وأخطر ما تفتق عن ذهن الفريق الاقتصادي مؤخراً هو التلويح بضرورة الاقتراض من الخارج بمليارات الدولارات إذا لم يرفع الدعم.. وإذا قرأنا بشكل صحيح اقتراحهم الأخير، فهو يعني إنه: إذا لم تسمحوا لنا برفع الدعم وحشر الناس بالزاوية وزيادة الاستياء لديهم حتى لا يكونوا في أحسن حال إذا ما تطلبت المعركة الوطنية الكبرى حول سورية ذلك، فإننا ننذركم بأننا سننتقل إلى خلق الوضع المناسب لتخفيف احتياطات البلاد من العملة الصعبة!! هذه الاحتياطات التي تراكمت خلال عقود من عرق وجهد الشعب السوري، وأصبحت أحد العوامل الهامة في هامش الأمان الذي تمتعت به الليرة السورية حتى الآن، والتي هي أحد دعائم السيادة الوطنية...
وهكذا يتبين أن منطق الفريق الاقتصادي بإصراره على موقفه، قد دخل في تناقض مستعصٍ مع مصلحة البلاد العليا، ومع مصلحة الأغلبية الساحقة من المواطنين، وكسر الحلقة المفرغة في هبوط مستوى المعيشة وهبوط معالجات الفريق الاقتصادي، أصبح يتطلب سياسات جديدة مختلفة جذرياً مع منطقه، أي سياسات تخدم منطق المواجهة التي يفرضها علينا العدوان الأمريكي - الصهيوني المتسارع على منطقتنا وبلادنا.
لقد جاء هذا الفريق في ظروف سابقة قد تغيرت جذرياً، ولم يستطع أن يقدم إلا الوجه الأسوأ لليبرالية الاقتصادية في ظروف بلد يتطلب اقتصاده النمو والتطور لتحسين شروط المواجهة، ولم يعد يستطيع أن يقدم أكثر مما قدم، والمنطق التاريخي والضرورة تقتضي إعادة النظر فيه جذرياً مع سياساته، وفي ذلك ضمانه لكرامة الوطن والمواطن..