د.قدري جميل: الحوار ليس عصاً سحرياً.. ومن يرفضه اليوم سيقبل به غداً

أجرى موقع منار الالكتروني اتصالاً هاتفياً مع الرفيق الدكتور قدري جميل أمين حزب الارادة الشعبية، ونائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية، ونشر عن اللقاء التقرير الصحفي التالي الذي أعده الزميل أحمد فرحات، وذلك بتاريخ1122013

الحوار قدر لا راد له

لفت النائب الاقتصادي السوري د. قدري جميل، في مقابلة هاتفية مع موقع المنار الالكتروني، إلى أن الحوار في سورية «كان دائماً ضرورة منذ بداية الازمة، والآن أصبح ممكناً وهو قدر لا راد له»، وشدد على أن من يقود الحوار اليوم هو الواقع الموضوعي، والاستعصاء الذي يواجهه المخطط الأميركي - الصهيوني، بسبب وجود الجيش العربي السوري، والتوازنات الداخلية السياسية الموجودة في البلاد ثانياً.

وشدد جميل على أن الجيش السوري أثبت أنه جيش قوي، وله مهمة هي الدفاع عن سيادة البلاد، على الرغم من أن المجموعات المسلحة تحظى بدعم من قوى لها امتدادات كبيرة وعميقة، وقال إنه «وصلنا إلى نقطة استعصاء من الطرفين، وهذا ما كنا نحذر منه منذ اللقاء التشاوري في تموز 2011 بالعاصمة دمشق، في حينها قلنا أن المطلوب المخرج، الحوار ثم الحوار ثم الحوار، وصلنا إلى الاستعصاء واقعياً، أصبح الحوار كتعبير عن صراع سياسي حضاري، وله نفس الأهداف السياسية، لم يتخل طرف من الأطراف عن أهدافه السياسية».

العنف والحوار يسيران بخطين

 متوازيين لكن متعاكسين

 ولفت نائب رئيس الحكومة السورية إلى أن هناك من أدرك العملية السياسية منذ عام، «وهناك من يدركها الآن، وهناك من لا يدركها الآن، ولكن سيدركها غدا»، وأوضح أن هذا الأمر هو الذي يفسر التمايز الموجود في أوساط المعارضة المتشددة الرافضة للحوار، في حين انتقلت بعضها إلى موقع الموافقة على الحوار، و«الحبل على الجرار»، و«سنشهد منذ الآن وصاعدا تدحرجا مستمرا باتجاه الحوار، ومن يرفض الحوار اليوم وغدا سيخرج نهائيا على قارعة الطريق وسيخرج من الحياة السياسية نهائيا»

وبنظرة واقعية، أكد قدري جميل أن الحوار لن يكون -عصا سحرية-، لإيقاف العنف، ورأى أن الحوار والعنف يسيران بخطين متوازيين لكن متعاكسين، إذا انطلق الأول، سيبدأ مستوى الثاني بالانخفاض، وكلما انخفض مستوى العنف كلما سيرتفع مستوى الحوار وصولا إلى أن يصبح الحوار في النقطة العليا والعنف صفراً.

وأضاف أن «الحوار سيأخذ وقته وسيكون صعباً، والصراع على طاولة الحوار لن يكون أسهل»، لكن سيكون تعبيراً عن صراع سياسي واسع يعكس كل تعقيدات الأزمة السورية، ويوصل في نهاية المطاف إلى الخريطة القادمة لسورية الجديدة».

وأشار إلى أن الطرف الذي كان يريد حل الازمة السورية عسكريا بشكل مباشر أو غير مباشر، سيقول إنه يريد ديمقراطية، والطرف الآخر سيقول أيضاً ذلك، «لكن في الجوهر هناك مشروعان للديمقراطية، الأول طائفية تحاصصية والثاني سياسية».

وأوضح الفرق بين المشروعين، ففي حين الأول سيكون على النمط العراقي أو اللبناني، «وهذا سيفتت سورية التي لا تتحمل هكذا مشروع، وسيعيد الدولة إلى مكونات ما قبل الدولة الوطنية، (طائفة، عشيرة، قومية ...)، أما مشروع الديمقراطية السياسية سيوحد سورية، وقال إن هذا المشروع «صراع سياسي بين أحزاب عابرة للقوميات وللطوائف، ولكل المكونات، صراع برامج ومشاريع وأفكار».

واعتبر أن البعض يريد أن يظهر أن الخلاف هو على صلاحيات رئيس وحكومة وغيرها، غير أن الخلاف الجوهري هو حول مستقبل سورية انطلاقا من المشروعين المذكورين.

«المعلم الكبير» يوزع الأدوار

وشدد جميل في الحديث مع موقع المنار الالكتروني على أن الأطراف الإقليمية ستأتي إلى الحوار وتنتظر دورها للإنضمام إلى قائمة المؤيدين للحوار، «ولكن أعتقد أن المعلم الكبير (الولايات المتحدة الأميركية) يوزع الأدوار من أجل ممارسة الضغط على الطرف الآخر، الذي يرفض التدخل الخارجي والحصول منه على أكبر تنازلات ممكنة، أو خلق مناخ عام مناسب للحوار بالنسبة لهم»، (..) «أنا لا يمكن أن أصدق أن قطر أو تركيا، لديهما موقف مستقل عن الموقف الأميركي»

وأكد أن واشنطن هي من تدير اللعبة، وأن «قطر وتركيا هما لاعبان ثانويان رغم أنها يظهران على الواجهة اكثر»، وقال إن القطريين وبعض المتشددين داخل الائتلاف سيلتحقون بالعملية السياسية، بعدما سارت بها واشنطن، «وإذا لم يلتحقوا، فهم سيعبرون عن غباء سياسي عالي المستوى وسيخرجون من الحياة السياسية نهائيا».

واعتبر أنه ومع تطور العملية السياسية في سورية، سنشهد تطورات كثير في البنى والقوى، «بما أن قسماً من هذه البنى مصنع في الخارج، وبالتالي أتوقع تغيرات مختلفة لهذه البنى المصنفة خارجياً، قسم منها سيتبخر، وقسم آخر يمكن أن يجد ركائز وبنى حقيقية في الداخل»، (...) و«نتيجة الانتقال من فضاء سياسي قديم، إلى فضاء جديد، هناك أيضاً قوى ستتبخر وقوى ستتجذر وقوى ستولد، وهذه العملية شاملة ولا تحيّد أحدا، وستعيد فرز القوى بين قوى حقيقية لها تأثير في الشارع السوري وقوى ستتخبر».

الغارة على جمرايا والميثاق الوطني السوري

وفي شأن العدوان «الصهيوني» على مركز للبحث العلمي في جمرايا بريف دمشق، أكد قدري جميل على أن العدو «الصهيوني» يستفيد من استمرار الاقتتال والنزيف في سورية، ورأى أن التوجه العام بالقبول بمبدأ الحوار لا ينسجم مع مخططات هذا العدو، ولذلك أراد من عدوانه القول للجميع، «نحن هنا، وأي تطور لاحق، يجب أن تأخذونا بعين الاعتبار»، خصوصاً وأن قضية العلاقة مع العدو «الصهيوني»، (قضية تحرير الأراضي المحتلة وكيفية هذا التحرير،) ستكون إحدى النقاط الحامية على طاولة الحوار، و«أعتقد أن الطرف الآخر الذي تعامل مع أطراف خارجية وارتهن لها سيكون عليه من الصعب جدا القبول بجزء من المبادئ العليا التي سيتم الاتفاق عليها وإذا قبلها فسيقبلها مرغما»

مطلب تنحي الرئيس الأسد ليس بريئاً

وشدد جميل في ختام المقابلة الهاتفية على أن مطلب تنحي الرئيس بشار الأسد تبخر لدى الدول الغربية ولدى المعارضة المتشددة أيضاً، «بعدما أيقنوا أن توازن القوى لا يسمح لهم بفرض شروط يطرحها فقط المنتصر المطلق، لأن شرط التنحي هو طلب الاستسلام بلا قيد أو شرط، وهذا الاستسلام يتطلب ميزان قوى، والوضع في سورية لا يسمح لهم بذلك، وبالتالي هذا المطلب غير واقعي، ولا يعكس ميزان القوى، وليس مطلبا عمليا».

وأكد أن مطلب إبعاد الرئيس الأسد لم يكن بريئاً، وكان المقصود منه عملياً، تفتيت لحمة الجيش السوري وإلغاء دوره نهائياً، كون الرئيس بغض النظر عن الشخص، هو القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة، والمطلوب أن يكون الجيش موحداً ليحمي سيادة البلاد.

■ احمد فرحات ــــ موقع المنار