قراءة أولى في الوثيقة البرنامجية القضية الكردية وشعوب الشرق

قراءة أولى في الوثيقة البرنامجية القضية الكردية وشعوب الشرق

تفرد قاسيون ابتداءً من عددها هذا مساحة ثابتة لمداخلات الراغبين من قرائها بمناقشة مشروع وثيقة الموضوعات البرنامجية حول القضية الكردية وشعوب الشرق العظيم التي ستقدم لمؤتمر حزب الإرادة الشعبية القادم.
تستقبل قاسيون المداخلات والمناقشات على البريد الالكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. وتأمل ألا يتجاوز حجم المداخلة 500 كلمة.

هل مِنْ كاوا يُوقِد النار مجدداً على قمة الجبل ليعلن الخلاص الحقيقي للشعب الكردي ولتكون منارةً مع شعوب الشرق، بدل أن يوقدها البعض في أخدود ضيّق؟

 الإجابة عن هذا السؤال بات ضرورة مع أسئلة أخرى غيرها يجري تداولها، في الظرف الراهن عن القضية الكردية، يضع مشروع موضوعات المجلس المركزي لحزب الإرادة الشعبية (حول القضية الكردية وشعوب الشرق) يده على الجرح المزمن الذي يعاني منه الشعب الكردي، ويضع العلاج وفق رؤية فكرية تستند إلى قوانين الديالكتيك الماركسية ومقولاتها والمادية التاريخية، وبمنهجٍ علمي، وبمواقف ثورية وحلول واضحة لا اصلاحية ترقيعية تُبقي القضية معلقة وتزيدها تعقيداً، وإنما مواقف  تفتح الأفق أمام حل حقيقي يجنب الشعب الكردي وشعوب المنطقة المخاطر التي رسمتها القوى الامبريالية وحلفاؤها مع أدواتها الفاشية في المنطقة لإشعال الفالق القومي بعد تراجع خطر الفالق الديني الطائفي.

- أن بنية الدولة القومية التي نشأت تاريخياً في القرن الثامن عشر، هي كانت مع هيمنة البرجوازية التي كانت الحامل الاجتماعي لها، أيام صراعها مع الاقطاع من أجل توحيد أسواقها المجزأة، وهذه البنية تتفسخ لأن الصراع الآن بين البرجوازية وليبراليتها الجديدة، مع البروليتاريا، وأن العصر الآن عصر التكتلات الكبرى ما فوق القومية، لمواجهة الإمبريالية العالمية، بينما الآن من يطرح الدولة القومية بعض القوى الكردية التي هي بقايا الإقطاع والبرجوازية الصغيرة من مثقفين وغيرهم، بما يتنافى مع حركة التاريخ والواقع، لأن الرأسمالية تغلغلت في بقاع الأرض كلها، ولم يعد لها مكان تتوسع فيه، ناهيك أنها في خِضَم أزمتها، وهذه القوى بمواقفها تغرق في أوهامٍ لن يكون منها إلاّ (قبْضٌ للريح) لأنها تسير عكس حركة التاريخ، وهذا ينسحب على بعض القوى من القوميات الأخرى. 

وهنا على القوى الكردية الواعية والقوى القومية الأخرى أن تتوحد في مواجه محاولات الإمبريالية وأدواتها التفتيتية، بل وتوجيه الرياح نحو الصراع الأساسي لتحقيق حقوقها الاقتصادية الاجتماعية والديمقراطية المشتركة، وهو ما يعزز وحدتها ويزيد قوتها جميعها لتقرير مصيرها المشترك.

النظري والعملي

لا شكّ أن من حقّ الشعب الكردي أن يقرر مصيره، وهذا الحق لا يمكن تجاهله أو المزاودة عليه أو التنازل عنه، فهو حقّ مشروع، وهذا ينطبق على شعوب المنطقة ككل، فهي أيضاً حق تقرير مصيرها مصادر. إنّ هذا الحق لا يقتصر على الانفصال وعلى شكل وجود دولة أو أي شكل آخر من أشكال الحكم الأخرى، إنما يتضمن حقوقاً أساسية اقتصادية اجتماعية وديمقراطية مصادرة سواء من القوى الرأسمالية الداخلية المهيمنة في كل منطقة، أو من قوى الاستغلال الامبريالية الرأسمالية العالمية، وأن هذه الشعوب جميعها الآن مستهدفة بمزيدٍ من النهب، ومزيد من التفتيت بإشعال الحرائق عبر صراعات ثانوية، والتي تسعى لها نتيجة الأزمة الرأسمالية الحالية والتي تحاول الخروج منها على حساب الشعوب وحقوقها، مما خلق متلازمة( النهب والقمع)أي أن مصيرها واحد ومعاناتها واحدة ومن هنا الحاجة إلى حلول عملية ضدّ قوى النهب الرأسمالي بحسب واقع كل شعب، بما يكفل حق تقرير المصير ووحدته، وأن يتم بالتراضي بين الشعوب، ومن هنا تأتي أهمية اتحاد شعوب الشرق الذي تتوفر له فرص النجاح الموضوعية والذاتية، سواء جغرافياً استراتيجياً أم تاريخاً ومشتركات كبيرة، وأهدافاً واحدة، لمنع التفتيت عبر سياسة فرق تسد، وللخروج من التقسيم السابق(سايكس-بيكو)إلى فضاءات أرحب. 

الكل والجزء

من القضايا المهمة التي يطرحها المشروع، أن حل قضية الشعب الكردي ليس بمعزل عن حل قضايا شعوب الشرق، رغم (سماتها الخاصة) وهذا أيضاً ينطبق على معاناة الشعب الكردي في كل منطقة من مناطق تواجده.

 إنّ إنهاء معاناة السوريين الكرد مثلاً، ليست بمعزل عن إنهاء معاناة الشعب السوري ككل، وهذه الرؤية العميقة تقطع الطريق على الطروح الجزئية الضيقة التي تطرحها بعض القوى الكردية، 

إنّ اللامركزية الواسعة للشعب السوري، والحقوق الإدارية والثقافية للكرد السوريين ومنها اللغة، يتم الانتصار بها على الهوية كما قال محمود درويش في قصيدته (ليس للكردي إلا الريح) وعلينا أن نحذر لدغة الأمل الجريح..

 

آخر تعديل على الأحد, 03 نيسان/أبريل 2016 15:50