يجب حماية الحراك الشعبي الناشئ من التطرفات المختلفة

يجب حماية الحراك الشعبي الناشئ من التطرفات المختلفة

لا يمكن منع القوى المختلفة من محاولة التأثير في الحراك الشعبي، ولكن السؤال هو كيف يقطع الطريق على القوى المشبوهة؟ وما الملاحظة على الإخوان المسلمين؟ لقد وقعوا على «إعلان دمشق» وعلى «الخلاص الوطني» مع عبد الحليم خدام، ومشكلة «إعلان دمشق» تكمن في لحظة إعلانه تحديداً قبل تقرير ميليس، فهذا يدل على استقواء بالخارج، والسؤال الذي يجب طرحه هو ما مدى علاقة الإخوان المسلمين بقوى الخارج الإمبريالي؟ 

وما يزيد من إشارات الاستفهام حولهم هو وجود قياداتهم في أحضان الغرب الإمبريالي والإنكليزي بالدرجة الأولى- الذي يمتلك خبرةً كبيرة بأحوال الشرق العظيم-. وبالعودة إلى الماضي، إلى أحداث الثمانينيات في سورية تحديداً، كانت خطوط الاتصال والوصل بينهم وبين الخارج كانت واضحةً أيضاً، لذلك هناك شبهة يجب أن تنجلي، وهي علاقتهم وموقفهم من الخارج، ولهذا أشرت إلى القضية الوطنية كمحدد للموقف من الإصلاح السياسي في سورية، إذ لا يجوز أن تبقى هذه القضية بعيدة عن المحددات، فالقوى التي ترشح نفسها للعب دور في الحياة السياسية القادمة يجب أن توضح موقفها من الجولان والعدو الإسرائيلي بجلاء، فهذه القضايا هي قضايا مفصلية تحدد الموقف الوطني من أية قوة كانت.

لذلك، من الآن فصاعداً، وإذا أردنا أن تأخذ الأمور مسارها الصحيح، أعتقد أن حزمة إصلاحات صادمة؛ اقتصادية- اجتماعية- سياسية هي المطلوب لحل الأمور، وإلاّ فإنها ستزداد تعقيداً.

ماذا عن موقف تركيا غير الثابت مؤخراً، كيف تراه؟

تركيا ما زالت عضواً في حلف الأطلسي، ولذلك فتحديد مدى استقلالها عن هذا الحلف مايزال موضع بحث، فالموقف التركي من الأساس فيه التباسات عديدة، وهذه الالتباسات يمكن توضيحها عند تحديد مدى استقلال الموقف التركي عن الموقف الأوروبي والأمريكي، فالقواعد الأمريكية ما زالت في تركيا واتفاقيات التعاون مع إسرائيل توقفت من فترة قريبة.

ويجب التساؤل أيضاً عن حزب العدالة والتنمية الإسلامي، وعلاقاته التاريخية، وتنسيقه مع الإخوان المسلمين، وعن نمط البنية الاقتصادية الاجتماعية في تركيا وبماذا تختلف عن البرنامج الذي يريده الإخوان لسورية.

هل ترى أن تركيا تحاول التوصل لتسوية معينة بشأن الإخوان؟

أعتقد أنها كانت تلعب دوراً في السابق أيضاً من أجل الوصول إلى تسوية معينة، ولكن إذا غير الإخوان المسلمون برنامجهم وانتقدوا أنفسهم على استخدام السلاح في الماضي والاغتيالات التي قاموا بها في الماضي، وإذا غيروا نظامهم الداخلي ليتاح لكل سوري- سواء كان مسلماً أم مسيحياً- الانضمام إليه، فلا أحد سيكون ضده كحزب من الأحزاب.

إذاً الإخوان المسلمون في شكلهم الحالي وبرنامجهم وبنيتهم الحاليين غير مقبولين في سورية؟

نعم، لأنهم يضرون بالوحدة الوطنية، ولكن إذا أجروا تعديلات جذرية وراجعوا ماضيهم وانتقدوه، فهذا يختلف لأنه يعني تغيير أساليبهم في العمل والانتقال إلى العمل السياسي السلمي.

إذا غيروا أساليبهم إلى العمل السياسي السلمي لن يعودوا مصدر ضرر للوحدة الوطنية؟

كي أصدقهم أنا- كأمين اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين- وقد جرى اغتيال شيوعيين عديدين في الصراع الذي جرى في الثمانينيات، أي بيننا وبينهم هناك دماء، كي أصدق تحولهم إلى العمل السياسي السلمي كما يصرحون، يجب أن يجروا انتقاداً ذاتياً على ما جرى سابقاً ويقدموا اعتذاراً.

ولا يمكن أن أصدقهم- وقد قتلوا الشيوعيين على أساس أيديولوجي- مالم يقوموا بانتقاد لذاتهم ولم يقدموا اعتذاراً للضحايا التي سببها نشاطهم في الثمانينيات.

...اتصال هاتفي:

فراس: أنا أؤيد ما جاء به د. جميل حول السؤال عن عفوية أو قصدية السياسات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومة السابقة، وفعلاً الإصلاحات الاقتصادية ضرورية ويجب أن تكون بالفعل خطوات استباقية، وأضيف إلى ما ذكره د. جميل فاتورة الخليوي فإذا قلنا إن كل مواطن في سورية يملك خط موبايل يدفع رسماً شهرياً 400 ليرة سورية.. كم سيكون إلغاء هذه الرسوم مريحاً؟ هذه إجراءات سيلمسها المواطن بشكل مباشر وتريح الجميع، يجب ألاّ نترك مجالاً للمعارضة الخائنة الجالسة بالغرب لتتاجر بدماء الشعب السوري، يجب ألاّ نترك للآخرين حجةً علينا، يجب أن نتخذ إجراءات ملموسة مثلاً بأسعار السكر والمازوت وفاتورة الخليوي والكهرباء.

د. جميل: أعتقد أن موقف فراس ينطلق من حرص وطني عال، وعملياً كلامه يتقاطع مع كلامي حول الإصلاح الاقتصادي الصادم يلمسه المواطن بشكل مباشر، ومعه كل الحق فالإصلاح السياسي هو كلام عام وقد لا يهم كثيرا من المواطنين رغم أهميته في ضمان سلامة الإصلاحات الاقتصادية، فالإصلاح السياسي يضمن سلامة الإصلاحات الاقتصادية التي تعبر عن المواطن الذي يجب أن يعرف كيف يعبر عن مشكلاته قبل أن تتدهور الأوضاع. فمشكلة المرحلة الماضية هي أن المواطن رفع صرخةً لم يسمعها أحد لأن أقنية الاتصال كانت مسدودة، ولذلك فحين يرفع المواطن صرخة في الوقت المناسب يجب أن يكون هناك من يسمعه، وعندها لا نصل إلى حيث وصلنا اليوم.

بذلك إن الإصلاح السياسي هو الضمانة لأي تطور اقتصادي اجتماعي، والإصلاح السياسي دون محتوى اقتصادي اجتماعي لا معنى له، وإذا كان له معنى فسيكون بالنسبة للأقلية الفاحشة الثراء، واليوم هناك مشكلة في المجتمع السوري جوهرها هو إعادة توزيع الثروة التي يجب توضيح معناها، فيجب توضيح إحداثيات إعادة التوزيع هذه بين مَن وَمن؟ فإعادة توزيع الثروة يجب ألاّ تكون بين الناهبين أنفسهم، أما إذا كانت إعادة توزيعها بين الناهبين والمنهوبين.. بين الأغنياء والفقراء.. بين الأجور والأرباح فهذه إعادة التوزيع المطلوبة.

إن فراس كمواطن سوري حين يطالب بما يطالب به، كل هذا يعبر عن مطالبة بإعادة توزيع الثروة، فهو يطالب عملياً بالعمق ليس فقط بتحسين الوضع المعيشي للناس، وإنما بتحسين الوضع المعيشي للناس على حساب أصحاب الأرباح الذين يربحون من هذه القطاعات، وهذا هو لب العدالة الاجتماعية، فعندما نتحدث عن العدالة الاجتماعية لا نتحدث بالعموم وإنما نتحدث بالملموس، فهي تعني إعادة توزيع عادلة بين الأجور والأرباح، وهذا الموضوع هو جوهر الإصلاح الاقتصادي المطلوب، ولذلك فإن الشيوعيين السوريين حين يتحدثون عن الإصلاح السياسي فإنما هم يقصدون تلك الضمانات لإصلاح اقتصادي يعبر عن مصالح الناس وهو ما يؤمن نموا اقتصاديا لاحقا والتنمية المطلوبة والتطور المطلوب والاستقرار السياسي والوحدة الوطنية الضرورية لتحقيق مهامنا الوطنية الكبرى لتحرير الجولان بالدرجة الأولى.

اتصال هاتفي:

ريم (مختصر): هناك شريحة كبيرة من الشباب تتمنى أن يكون هناك أحزاب مدنية أو علمانية تمثلهم، وتوصل شكواهم وتحمل همومهم، وتبعدهم عن الخلايا الخبيثة.

د. جميل: بحث الشباب عمن يمثلهم ويعبرون من خلاله عن ذاتهم هو قضية هامة جداً، والمشكلة تكمن في وجود حركة تتطور فرضها الواقع، حيث الناس تتحرك بالدرجة الأولى الشباب وهم القطاع الأكثر حيويةً في المجتمع ولا يجدون المنابر التي يستطيعون التعبير عن نفسهم عبرها، ولذلك فالحل بعيداً عن الخلايا الخبيثة هو أن ينظم الشباب أنفسهم بمختلف الأشكال عبر إيجاد الأطر اللازمة لذلك، فعملياً نحن مقدمون على حياة سياسية غنية في البلاد، والشباب الموجودون على الأرض يجب أن يجدوا الأطر اللازمة للاتصال والتنسيق بحيث يجدون لاحقاً- بعقل واع وذهن صاح- تلك المنابر التي يمكن أن يعبروا عن أنفسهم عبرها، أو أن يصنعوا منابرهم السلمية التي تعبر عن مطالبهم بعيداً عن إملاءات الخارج والخلايا الخبيثة التي تريد الذهاب بالحراك الشعبي باتجاهات مغايرة قد تخدم مصالح الخارج، أي أقول لهم: تنظموا ثم تنظموا ثم تنظموا.. فالحراك الشعبي لا يمكن أن يبقى هكذا دائماً على الأرض، بل يجب أن يجد أطره وسيجدها ويجب مساعدته في ذلك، ويجب على القوى الشريفة في جهاز الدولة والأحزاب النظيفة في المجتمع أن تساعد الحركة الناشئة في إيجاد طرق التعبير عن نفسها.

إن ما يحاول البعض تسويقه، وعلى رأسهم الأمريكيون، من أن الحراك عفوي ويجب أن يبقى عفوياً هو خطأ كبير، فالعفوية تعني تسليم زمام المبادرة لقوى غير معروفة التوجهات لإدارة هذا الحراك، وعلى العكس يجب أن تتحول الحركة الشعبية إلى أشكال تنظيم تعرف ما تريد حتى وإن كانت بدائية، وذلك لتبقى ضمن إطار الوحدة الوطنية التي يعبر كل منا عن نفسه بها، وبأشكال مختلفة.

...

المذيعة: في حال رغب الشباب الذين يتحركون في الشارع بتنظيم أنفسهم، إلى أي حزب سيذهبون ضمن كل هذه الاتهامات التي يوجهها المجتمع إلى الأحزاب الموجودة بما فيها الشيوعيين بأنها أحزاب بالية وهي تحتاج إلى تجديد نفسها، ماذا بإمكان هذه الأحزاب أن تقدم للشباب؟

أتفهم هذا الرأي، ولكن آمل أن المستقبل القريب بما سيحمله من تغييرات دستورية إلى جانب حزمة القوانين الإصلاحية السياسية سيفتح المجال لقيام أحزاب جدية متواصلة مع المجتمع.

الأحزاب القائمة غير جدية؟

إن مشكلة الأحزاب القائمة هي أن الصلة بينها وبين المجتمع مقطوعة منذ زمن، والسبب يعود في جزء منه إلى مستوى الحريات السياسية السابق الذي أعاق تطور الأحزاب الطبيعي، وفي جزء آخر يعود السبب إلى بنية هذه الأحزاب نفسها، فمثلاً أحزاب الجبهة أصيبت بأمراض- رغم أنها أحزاب مناضلة تاريخياً وكان لها وزنها في الشارع- فعندما أصبحت هذه الأحزاب في الحكومة باتت تعمل من «فوق» وتوقفت عن العمل من «تحت»، فابتعدوا عن مطالب الناس ومشكلاتهم، وعندما ترى الناس الأحزاب غير قادرة على التعبير عنها ستنفض عنها.

وكذلك أصيبت الأحزاب بمرض الامتيازات، فأي جهاز دولة لا يحب أن تكون الأحزاب مستقلة عنه، وكذلك لا يحب أن يكون مجلس النواب مستقلاً عنه، ولذلك يعطي امتيازات لتعطيل دوره وإسكاته، ويجب أن نضمن مستقبلاً استقلالية الأحزاب ومجلس الشعب عن جهاز الدولة وامتيازاته.

ويضاف إلى ذلك مرض يتجلى بأن كل حزب لديه مشاكل ونقاشات وخلافات، وفي ظل الوضع الذي كان سائداً من منسوب الحريات السياسية المنخفض، أصبح حل المشكلات الداخلية لكل حزب يجري فيه الاستقواء بخارج الحزب، أي بالأحزاب الحليفة، وبالتالي انعدم التطور الطبيعي للحزب.

أما الحلول فيجب أن تخرج الأحزاب للعمل مع الشارع، ويجب قطع امتيازات الدولة عن الأحزاب، فأي حزب يأخذ امتيازات يتعرض للأذى كحزب وتتضرر سمعته أمام الناس، فلماذا لا يثق المواطن البسيط بحزب ما؟ لأن أمينه العام مثلاً يركب سيارة «مرسيدس»، فالناس تفكر بهذه الطريقة، وقد انخفض مستوى الثقة، وعندما يشعر الناس بأن الأحزاب التي كانوا يثقون بها تستفيد من الامتيازات التي يقدمها جهاز الدولة سيفقدون الثقة بهذه الأحزاب ولو نسبياً، أما المرض الثالث فحله يكون عبر ترك الحراك داخل الأحزاب يأخذ شكله الطبيعي.

وما الذي تنتظره الأحزاب للتخلص من هذه الأمراض؟

هذه الأمراض لا يتم التخلص منها بـ«حبة»، وإنما تحتاج إلى ممارسة على الأرض ووقت، والمهم حالياً هو صدور قانون الأحزاب، ولكن يجب أن يصدر قانون الأحزاب بالتزامن مع قانون انتخابات يدعم تكون الأحزاب بشكلها الطبيعي، وإلاّ فمن المستحيل أن تشفى الأحزاب من أمراضها، إذ لابد من معيار لتقييم الأحزاب وقانون الانتخابات الحالي لا يسمح بتقييم حقيقي لوزن أي قوة سياسية على الأرض، لأنه مفصّل على قياس جهاز الدولة وقوى المال.

...

نعود إلى مشكلات الأحزاب!

ما هو الحزب بالنهاية؟ هو معبر عن مصالح الناس، فإذا كان منقطعاً عن الناس فلن يستطيع التعبير عن مصالحها، ولذلك يجب الرجوع إلى أقنية الاستقبال والإرسال في كل البنية السياسية للأحزاب وإصلاحها، وهذا ينعكس بمستوى الحريات السياسية، بمعنى أن التعديلات الدستورية وحزمة القوانين الإصلاحية السياسية ستؤمن ذلك المنسوب من الحريات السياسية بما يفتح الأقنية المسدودة بين الأحزاب والناس، وفي حال تحقق ذلك سيكون لدينا تكوينات سياسية حزبية جيدة.

والمستقبل سيحمل تكوينات سياسية وحزبية جديدة، نتيجة تكون فضاء سياسي جديد يحوي جزءاً من القديم ويحوي شيئاً جديداً بالضرورة، وإذا تكون هذا الفضاء السياسي الجديد بشكل صحيح سيكون هو المرجعية للمجتمع بتنويعاته المختلفة بما ينعكس في الانتخابات التشريعية التي يجب إصلاحها، وعندها يصبح لدينا بنية حقيقية قادرة على إنتاج تلك الأحزاب القادرة على التفاعل مع المجتمع.

وما ضمانات تحقيق هذا الكلام؟

الحفاظ على السلم الأهلي والوحدة الوطنية والحفاظ على مواقف الممانعة والمقاومة التي تقوم بها سورية حتى الآن بوجه المخططات الأمريكية والإسرائيلية، فأي سماح بالتدخل في شؤوننا الداخلية سيحولنا إلى شبيه بالعراق حيث سنعود بقضية الأحزاب إلى مكونات ما قبل الدولة الوطنية.

بدأ بعض رجالات المعارضة يتكلمون مؤخراً عن أن تغيير النظام في سورية لا يستدعي بالضرورة تغيير أسماء أو أشخاص وإنما تغيير التعاطي الأمني مع الوضع، وتغيير التعاطي بشكل عام مع السوريين، هل يمكن القول إن المعارضة في الخارج بدأت تغير خطابها؟

هناك مؤشرات أولى، ولكن هل هذا الميل ثابت ولن يتم الارتداد عنه؟ لذلك علينا الانتظار، وقد قرأت اليوم عن أحد المعارضين في الخارج تخوفه من تطور الحركة التي كان يريدها، فالحراك الشعبي خف تسارعه خلال الأسبوعين الأخيرين، فقد شعر الناس بخطر التدخل الخارجي وبخطر العنف، ولذلك لم يكن التجاوب بالوتيرة التي كان يريدها البعض من الخارج، والخارج عملياً يقوم بنوع من التقويم رأى من خلاله أن الحراك لم يتطور كما كان يخطط لها، ويبحث الآن عن العوائق، وبرأيه أحد هذه العوائق هو شعار إسقاط النظام الذي طرح مبكراً، وبرأيي من الناحية السياسية العملية إن شعار إسقاط النظام لكي يطرحه أحدهم يجب أن يكون أول الأمر قوة ذات قدرة على الأرض في مجموع البلاد، فالشخص يرفع حجراً يمكن لعضلاته أن تتحمل رفعه، أما أن يرفع حجراً كبيراً على قدرته فلن يستطيع حمله، وبالتالي فإن هذا الشعار لا يتناسب مع حجم القوى التي كانت تطرحه، وهذا أثار استغرابي فمن يطرح هذا الشعار دون أن يحسب قواه بشكل جدي على ماذا يعول؟ إنه يعول على تطرف ما أو على تدخل ما لتحقيق هذا الشعار.

أي يبحث عمن يساعده في رفع الحجر؟

لو كانت القضية قضية تغيير نظام كنا حللناها فيما بيينا، ولكن المشكلة ليست تغيير نظام اليوم، وإنما في أن هناك قوى في الخارج تريد عبر طريقة تغيير النظام أن تفتت سورية نفسها، فلدينا نظام ولدينا سورية، الأنظمة تأتي وتذهب فالتاريخ طويل، وإذا كان لدي نظام فليست مشكلة كبيرة إن ذهب أم أتى، وإنما المشكلة هي في طريقة ذهابه أو قدومه؛ هل ستحافظ على سورية كوحدة جغرافية سياسية أم ستهدد هذه الوحدة؟.

بالنظر إلى ما جرى بالعراق- وهي قضية شديدة الخطورة- اقتلع النظام بطريقة خلقت معها كل الظروف اللازمة لتفتيت العراق، بينما كان من الممكن تغيير النظام بالعراق دون كل هذه البلبلة مع الحفاظ على وحدة العراق المهددة اليوم بشكل كبير. لذلك الفوضى الخلاقة التي يعمل عليها الأمريكيون- وقد سألتيني بداية الحوار عن بن لادن- تعني في سورية تقسيمها إلى مكونات ما قبل الدولة الوطنية، وهذا يتم عبر اقتلاع الدولة الوطنية وتكسير جهازها فهذا يؤدي إلى تفتيت بنية المجتمع.

هل التغيير بلهجة المعارضة في الخارج جاء نتيجة انتباههم إلى ضرورة فصل أنفسهم عن التدخل الإخواني في سورية مثلاً؟

لدي ملاحظتان، أعتقد أنه تغيير في التكتيك ليس له علاقة بالخط العام الذي اتبعوه سابقاً، آخذين بعين الاعتبار معطيات الواقع الجديد الذي تكون على الأرض، وثانياً عندما يدور الكلام عن المعارضة بشكل عام فهذا مزعج، فأنا أعتبر نفسي معارضة ولكنني معارضة وطنية.

أنا أتحدث عن المعارضة في الخارج!

اسألوهم عن برنامجهم الاقتصادي الاجتماعي، هناك برنامج للأخوان المسلمين الذي ظهر في الثمانينيات، هو برنامج ليبرالي طبق عملياً في دول العالم الثالث بدعم من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أي كان الإخوان المسلمون قد طرحوا برنامجاً اقتصادياً اجتماعياً لا يختلف أبداً عن الإجراءات التي تحققت لاحقاً على أساس البرامج الليبرالية الاقتصادية، أترك هذه القضية للتفكير والتأمل.