لا فرق بين الرايتين!
سامر عبد الله سامر عبد الله

لا فرق بين الرايتين!

يعمل الإعلام على تقديم الإسلاميين والليبراليين في بلدان «الربيع العربي» كضدين يتنافسان ديمقراطياً على السلطة، في تكرار ممجوج للصورة الأمريكية المتهتكة عن الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الحزبين اللذين يختلفان على جنس الملائكة ويتفقان على كل شيء خلافه!

ما يميز الواقع العربي أن لا تجربة سابقة لشعوبه مع أي من الطرفين باعتبارهم قوى سياسية حاكمة، فهو لم يجرب الإسلام السياسي حاكماً ولكنه جرب الدكتاتوريات «العلمانية» التي ارتكزت في حكمها إلى علاقة طيبة مع وجهاء العشائر وأمراء الطوائف!، كما هو الأمر في تركيا مثلاً، وهو لم يجرب «الاقتصاد الإسلامي لكنه جرب الليبرالية الاقتصادية، ولم يجرب أبداً الليبرالية السياسية.. ونقول ليبرالية اقتصادية تجاوزاً، وحقيقة الأمر أنه لم يعد هنالك سوى الليبرالية الجديدة، وهي ليبرالية مشروطة بالتبعية، ومشروطة بازدياد الفقراء فقراً وبالتالي ازدياد التوتر الاجتماعي وازدياد الحاجة بالتالي إلى القمع، أي أن الليبرالية الاقتصادية التي جلبت الليبرالية السياسية قبل قرنين ونصف، تحولت إلى ليبرالية جديدة تجلب معها القمع والديكتاتورية بالضرورة.

يضاف إلى ذلك اللطم التاريخي على الحريات والديمقراطية والليبرالية وحتى على الإسلام السياسي، اللطم الذي مارسه الغرب عبر عقود من خلال «متنوريه» العرب من مثقفين إسلاميين وليبراليين..

تزداد الأمور تعقيداً حين تصبح «الحريات» سمتاً عاماً للحراكات الثورية ولثقافتها ولمنطقها، بحيث تلقى جانباً النواحي الوطنية العامة والاقتصادية- الاجتماعية، ولعل النظر إلى هاتين القضيتين هو المحدد الأساسي الذي يمكن من خلاله أن نرى التطابق الكبير بين الاسلام السياسي والليبرالية، ففي اطار الحديث عن الحريات ربما يزاود أحدهما على الآخر، ولكن حين يذهب الحديث إلى الجانب الاقتصادي نرى أن كليهما متفق على علاقات واسعة مع الغرب، متفقان على اقتصاد سوق حر أو «اجتماعي»، ولا فرق بين الرايتين.. وفي الجانب الوطني قد يزاود الطرفان على بعضهما ولكن في من هو أقل وطنية..

في سورية، ربما لا توجد قوى سياسية جدية تحت مسمى الليبرالية، اللهم إلا بعض الشخصيات «المثقفة» والمصابة بإسهال كلامي حاد، ولذا فإن الليبرالية وتحديدا البرجوازية التقليدية كطبقة مستفيدة من الليبرالية الجديدة التي حاولت أن تغير البعث خلال السنوات الست الماضية لكي يصبح معادلها السياسي، وحين لم تنجح في ذلك، ذهبت نحو الإخوان المسلمين الذين قدموا حزبهم ممثلاً لهذه الطبقة بالتحديد منذ ما بعد الاستقلال، وذلك في برامجهم الاقتصادية الداخلية والسياسية الوطنية العامة..

هل سنحتاج إلى تجربة جديدة في سورية؟، تجربة الاسلاميين وليبراليتهم، أو الليبراليين وإسلاميتهم؟ أم أن تجارب الآخرين ستكون كافية؟..