تحولات في مواقف «ائتلاف الدوحة».. وجميل يؤكد «أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً»!

تحولات في مواقف «ائتلاف الدوحة».. وجميل يؤكد «أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً»!

في حلقتها ليوم السبت 18/5/2013، من برنامج «حديث دمشق» استضافت قناة الميادين  الدكتور قدري جميل أمين حزب الإرادة الشعبية وعضو رئاسة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، متحدثاً من دمشق، إضافة إلى الدكتور عبد الباسط سيدا الرئيس السابق للمجلس الوطني وعضو ائتلاف الدوحة، والذي تحدث من اسطنبول، في محاولة من البرنامج للإضاءة على مواقف القوى السياسية السورية المختلفة من المؤتمر الدولي القادم حول سورية، والدعوة للحوار والحل السياسي للأزمة في سورية

د. قدري جميل، الذي أوضح أنه يتحدث بصفته الحزبية والسياسية المعارضة وليس باسم الحكومة السورية التي لم تفوضه بالحديث باسمها هنا، وهو المشترك بها كمعارضة لكسر الجليد وأخذ المخاطرة التي سيسجلها الزمن لتمهيد الطريق أمام حكومة الوحدة الوطنية التي ستبصر النور في غضون الأسابيع القليلة القادمة، رحب بإقرار المحاور من اسطنبول بالحل السياسي، مشيراً إلى أن ذلك يسجل علامة فارقة ومتقدمة بصوابية خيار الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير المعارضة التي دعت للحل السياسي والحوار منذ بداية الأزمة: «أنا مسرور جداً بسماع كلام د.عبد الباسط حول الحل السياسي باعتباره مخرجاً نهائياً من الأزمة، وهذا الكلام هو كلام شخص «عاقل»، ولو كان الجميع يتكلمون منذ البداية بهذا المنطق لكنا الآن في مكانٍ آخر ولكنا تجنّبنا كل هذه الخسائر التي تكبّدتها البلاد. ولكن المثل يقول «الأفضل أن تأتي متأخراً من ألا تأتي أبداً».

كما رد جميل على محاولات الإقصاء التي مارسها الإعلام الغربي والعربي بكل أشكاله بحق المعارضة الوطنية السورية الموجودة بالداخل حيث أكد أن محاولات تغييب الجبهة الشعبية عن تمثيلها في المعارضة مبني على موقف الدول الغربية التي سعت إلى تكريس مبدأ اللون الواحد على المعارضة ضمن محاولة قوى دولية معينة بلا طائل «تقوية الضعيف وإضعاف القوي».

ولم يخف جميل أن حزب الإرادة الشعبية والجبهة الشعبية يستندان في عمق مواقفهما إلى قاعدة جماهيرية صلبة هي معيار تحديد موقعهما كقوى سياسية معارضة جدية أم لا، مشيراً في هذا الصدد إلى الاندماج العميق مع الحراك الشعبي منذ بداية انطلاقته وصولاً إلى الاتصال ببعض المجموعات المسلحة التي أبدت رغبتها في الحوار والحل السياسي: «نحن لا نكتسب قوتنا من اعترافات خارجية بل من اعتراف شعبنا بنا، وعلى هذا الأساس قامت قيادة الجبهة الشعبية بالتشاور مع قوى الحراك الشعبي على الأرض، حيث تضم الجبهة في صفوفها 30 لجنة كانت ومازالت تقود الحراك الشعبي من عامودا (شمالاً) إلى درعا (جنوباً)، ووافقوا على الذهاب إلى المؤتمر الدولي للبحث عن حل. كما قمنا بالتواصل مع طيف واسع من المسلحين وهم يرغبون بالذهاب إلى الحوار ولكن لديهم مشكلة واحدة لا غير وهي مستوى الثقة والضمانات».

وتساءل د. جميل على أنه «ليس من المطلوب تشكيل وفد موحد للمعارضة. فالمعارضة السورية تعددية وتعكس ملامح سورية القادمة، فلماذا يريد البعض تربيطها وقياسها بمقياس واحد؟».

وجدد د. قدري جميل التأكيد على أن الجبهة الشعبية ستشارك في المؤتمر الدولي المرتقب في جنيف بوفد للمعارضة مستقل عن وفد الحكومة السورية، مشيراً إلى أن ما يجري تداوله حول ذلك هو «معلومات صحفية غير صحيحة». ورداً على سؤال أن موسكو تضغط لتمثيل الجبهة الشعبية في وفد المعارضة قال جميل: «إذا كانت روسيا تضغط باتجاه تمثيلنا فالتحية لها لأننا نتعرض للتجاهل من القوى الكبرى الأخرى التي كانت تسعى لتشويه المشهد السوري وفرض قوى من الخارج.. وفي النهاية فإن وزن كل القوى السياسية هو افتراضي حتى هذه اللحظة وستحدده صناديق الانتخابات».

وقد سجل اللقاء نقاط تحول واضحة على مستوى الخطاب السياسي للمتحدث باسم الإئتلاف من اسطنبول، الجهة الأكثر تشدداً في المعارضة والتي كانت تعلن على طول الخط تمسكها بمقولة «الإسقاط» بأي ثمن كان، حتى لو كان عبر التدخل العسكري الخارجي المباشر أو عبر ادعاء توفير الغطاء السياسي لكل أشكال المسلحين في سورية، أو عبر تردادها المستمر إلى الآن أن «لا حل سياسي قبل التنحي» أو أقله امتلاك «ضمانات حقيقية» بذلك، ناهيك عن تمسكها حتى الرمق الأخير بعقلية الإقصاء والاعتماد على الخارج في تثبيت مواقعها كـ«ممثل شرعي ووحيد للشعب السوري» وللمعارضة، إضافة إلى مجاهرتها، حتى الأمس القريب جداً، بضرورة قطع علاقات «سورية المستقبل» مع إيران.

ولكن في البرنامج المذكور يقر سيدا بعد أكثر من عامين على الأزمة وسقوط مئات آلاف الضحايا والمصابين والمهجرين بأن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة، وراجياً، ضمناً، أن تكون ذاكرة الشعب السوري سريعة النسيان، ولاسيما لجهة من كان يستجدي التدخل الخارجي ودعوات التسليح وفرض «المناطق العازلة» والحظر الجوي: «أريد أن أوضح أننا لسنا عشّاق سلاح أو حرب، خاصةً إذا كانت أطراف هذا النزاع المسلح هم من أبناء وبنات سورية، وفي نهاية المطاف الوطن هو الذي يُدمّر وهذه الإمكانيات هي على حساب الأجيال القادمة في سورية الجديدة!! نحن نؤمن أن كل نزاع لا بد أن يُحل حلاً سياسياً في نهاية المطاف»!!

ويبدو أن التطورات الجارية دفعت سيدا لكي يتجاوز نسبياً عقلية الإقصاء والتطرف في الخطاب و«الفوقية» التي انتهجها متحدثو مجلس اسطنبول، فاعتمد لغة «أكثر هدوءاً وعقلانية»، مقراً بخطورة واقع العنف وما أفرزه من تطرف غريب عن «البنية المعتدلة» للمجتمع السوري، ومشيراً إلى الدور المفتاحي لسورية في المنطقة ولكن دون الإشارة بالطبع إلى ما يستهدفها أمريكياً وإسرائيلياً بحكم هذا الموقع.

كما سجل اللقاء على سيدا تغيراً ولو لفظياً بما يخص العلاقة مع إيران، فرغم كل المواقف المعلنة من الإئتلاف وقبله «المجلس الوطني» المعادية لإيران وتحريضاً واضحاً عليها ضمن محاولات ترسيخ الصراع في المنطقة على أسس طائفية وفقاً لإرادة الغرب والأمريكيين، عاد سيدا في اللقاء للعزف على الوتر الطائفي عبر إشارته إلى دمج إيران للمذهبي بالسياسي، ولكنه أقر، وهنا التحول، بأن:«إيران هي دولة استراتيجية في المنطقة ونحن نريد تطوير العلاقات معها»!

غير أن السيد سيدا لم يغادر بعد مقولة «البيضة والجاجة» ليواصل في هذه اللحظة المفصلية من عمر الأزمة السورية تحديد المسؤوليات باتجاه النظام حصراً، في كلام ظاهره حق وباطنه باطل يريد الاحتفاظ بخط رجعة انسحابي من الحل المطروح، علماً بأن الأطراف الدولية والإقليمية والقوى السياسية الواعية والناس في الشارع جميعهم تجاوزوا هذه المقولة باحثين عن حلول حقيقية وجدية للخروج من دوامة العنف. وعلى الرغم من هذه الحقيقة المتشكلة فإن الإئتلاف لم يحسم- حسب تصريح سيدا- حتى اللحظة ذهابه إلى جنيف، فهم بانتظار ضمانات حول المرحلة الانتقالية، إلا أن مقدمة البرنامج ذكرته بما صرح به ملهم الدروبي عضو المجلس الوطني، للميادين حول إقرار الائتلاف لمشاركته.