تفاقم أزمة أشباه الموصلات الأمريكية بسبب ركود الطلب ومعاداة الصين

تفاقم أزمة أشباه الموصلات الأمريكية بسبب ركود الطلب ومعاداة الصين

بينما يتنافس صانعو الرقائق في الولايات المتحدة للحصول على إعانات بمليارات الدولارات لتعزيز التصنيع المحلي، تواجه هذا الصناعة مشكلة متفاقمة مؤخراً: الانكماش المفاجئ في الطلب وسط الركود الاقتصادي.

فقد أفادت عملاق مصمم الرقائق Nvidia أنّ إيرادات وحدة الألعاب الخاصة بها انخفضت بنسبة كبيرة بلغت 44% أقلّ من الربع السابق، في حين قالت شركة Micron Technology، الشركة الرائدة في صناعة رقائق الذاكرة، أنّ الطلب ينخفض بسرعة.

والخبراء يشيرون حالياً – بحسب تقرير نشرته صحيفة تشاينا ديلي الصينية، الثلاثاء 6 أيلول/سبتمبر 2022، واطلعت عليه «قاسيون» – إلى الانخفاض المفاجئ في الطلب على الرقائق. ومن بين العوامل الكامنة وراء هذا التغيير هو التراكم السريع في المخزون من سلسلة التوريد منذ أوائل هذا العام.

والسبب الآخر المهم هو ضعف الطلب على أجهزة الكمبيوتر الشخصية والهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة، حيث يقلل المستهلكون من المشتريات ويقللّ المصنعون الإنتاج بسبب الركود.

يأتي التحول الذي رآه بعض المراقبين «مفاجئاً» في الوقت الذي يستعد فيه صانعو الرقائق في الولايات المتحدة لبدء إضافة سعة جديدة بتمويل من «قانون الرقائق والعلوم» الذي وقّعه بايدن، حيث سيبدأ العمل في 24 مصنعاً كبيراً هذا العام، وفقاً لاتحاد صناعة معدات الرقائق SEMI.

وكان جون آبوت، المحلل في S&P Global Market Intelligence، قد قال في تدوينة له يوم 22 أغسطس/آب الماضي، إن صناعة أشباه الموصلات كان لها تناوب دَوري تاريخياً، وسوف تستمر الطبيعة الدورية لها على الرغم من التمويل الجديد.

وحذّر من أنه: «في غضون عام أو عامين، من المحتمل أن نشهد تخمة في القدرات، مؤقتاً على الأقل، والتي ستختبر تصميم تلك الشركات التي التزمت ببناءات باهظة الثمن».

وفي 9 مارس/آذار 2022 الماضي كان الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزيرة التجارة جينا ريموندو قد عقدا اجتماعاً افتراضياً مع قادة الأعمال وحكام الولايات لمناقشة مشكلات سلسلة التوريد، ولا سيما معالجة رقائق أشباه الموصلات، في البيت الأبيض في واشنطن.

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد وقّع الشهر الماضي على «قانون الرقائق والعلوم» ليصبح قانوناً لمواجهة التطور التكنولوجي في الصين.

ومع تقديم دعم يصل إلى 52 مليار دولار، قال البيت الأبيض إن الدعم سيساعد أيضاً في معالجة نقص الرقائق الذي ابتليت به العديد من الصناعات، ومحاولة تحييد البلاد عن اضطرابات سلسلة التوريد المستقبلية في شرق آسيا.

ويقول خبراء الصناعة إنّ التشريع مثّل تدخلاً رئيسياً للحكومة الأمريكية في التنمية الصناعية والسياسة الاقتصادية، ولكنهم يحذرون من أنه قد يؤدي إلى عواقب غير مقصودة، حيث ينص التشريع على أنه لا يمكن للشركات الحصول على إعانات إذا قامت ببناء قدرة إنتاج جديدة لأشباه الموصلات في الصين أو وسعت طاقتها الحالية.

وكتب آبوت أنّ «الشروط الحمائية المرتبطة بالدعم قد تجبر صناعة الرقائق على تقييد الشراكات والمبيعات الخارجية... محذراً من أنه إذا لم تعد شركات الرقائق الأمريكية قادرة على البيع للصين، فإنها تفقد أكبر سوق لمنتجاتها».

وأثّر النقص العالمي في الرقائق منذ بداية الوباء على العديد من الصناعات بشدة، ولا سيما صناعة السيارات. وجعلت هذه الاضطرابات صانعي السياسة يدركون أهمية الرقائق وساعدوا في دفع التمرير السريع للقانون من خلال الكونغرس.

كتب آلان سايكس، أستاذ القانون في جامعة ستانفورد، في مقال حديث عن التشريع إن «جهود الحكومة» لاختيار الفائزين والخاسرين «قد تؤدي ببساطة إلى تبديد الموارد وتحقيق القليل من الناحية العملية حتى من منظور ضيّق الأفق». وأضاف: «في هذا الصدد، ليس من الواضح أن تصنيع الرقائق، وخاصة رقائق السلع التي تُصنع الآن في الغالب في الخارج، هي مناسبة بشكل جيد لإطار التجارة الاستراتيجية».

وقارن سايكس قانون الرقائق والعلوم، الذي أسماه «إنتاجَ أمريكا»، بسياسة الرئيس السابق دونالد ترامب «شراءَ أمريكا».

وقال سايكس: «كلاهما لديه القدرة على تشجيع الإنتاج من خلال الشركات ذات التكلفة الأعلى والأقل كفاءة، والتي لا تتمتع بالمنافسة إلا بحكم الإعانات التي يتلقّونها أو التفضيلات التي يحصلون عليها من المشترين».

وقال الخبراء إنّ إعادة تصنيع الرقائق إلى الولايات المتحدة لن يصلح نقص الرقائق لأن سلاسل التوريد أصبحت الآن معقدة للغاية وذات طبيعة عالمية.

ووفقاً لتقرير عام 2020 الصادر عن «التحالف العالمي لأشباه الموصلات» وعن Accenture، فإنّ كل جزء من سلسلة قيمة أشباه الموصلات يضم 25 دولة تشارك في سلسلة التوريد المباشرة و23 دولة تشارك في دعم وظائف السوق.

ووجد الباحثون أن مكونات الرقاقة يمكن أن تسافر أكثر من 40 ألف كيلومتر قبل اكتمالها، ويمكن لمنتج أشباه الموصلات أن يعبر الحدود الدولية 70 مرة أو أكثر قبل أن يصل في النهاية إلى العميل النهائي.

وقالت ميليسا جريفيث، المحاضرة في التكنولوجيا والأمن القومي في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز، إنه من الصعب للغاية على الحكومة الأمريكية التدخل في صناعة معقدة تقنياً دون تعطيلها بشكل جذري.

وقالت في ندوة حديثة عبر الإنترنت: «لا تريد أن تضع نفسك في وضع تضع فيه السياسات الأمنية قيوداً، على سبيل المثال، على عمليات الاستحواذ أو الاندماج، حيث يمكنهم بيع أنواع معينة من المنتجات» بحسب رأيها.

وأضافت أن ذلك سيجعل الشركات غير قابلة للاستمرار داخل الولايات المتحدة، لأنها غير قادرة على الابتكار أو المنافسة.

وانتقدت القول بأنّ العالم اليوم ممكن النجاح فيه من دون الصين: «في محاولاتك لتقليص جهود دول معينة في هذا المجال، يمكنك تقليص وتقييد جهود شركتك أيضاً في هذا المجال».

 

معلومات إضافية

المصدر:
chinadaily.com.cn