طرفا النزاع في أوكرانيا يتفقان على سحب أسلحة من دونباس

طرفا النزاع في أوكرانيا يتفقان على سحب أسلحة من دونباس

 أثمرت الجولة الجديدة من اجتماعات مجموعة الاتصال حول أوكرانيا اتفاقا على سحب طرفي النزاع في دونباس بعض أنواع الأسلحة، لكنها لم تسجل تقدما في مسألة تنظيم الانتخابات المحلية.

وفي ختام الجولة التي استضافتها العاصمة البيلاروسية مينسك الثلاثاء 21 يوليو/تموز، قال رئيس منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، وزير الخارجية الصربي إيفيتسا داتشيتش، إنه "تم التواق على نص الاتفاقية والتوصل إلى اتفاق حول سحب الدبابات وأنواع معينة من الأسلحة من عيار يقل عن 100 ملم".

وركز داتشيتش على أهمية الانتخابات المحلية التي ستشهدها أوكرانيا في الخريف القادم، وضرورة الاتفاق المسبق بين كييف ودونباس حول شروط إجرائها، إلى جانب وجوب متابعة العملية الانتخابية من قبل مراقبين عن منظمة الأمن والتعاون الأوروبي.

وأشار إلى أن إجراء الانتخابات في منطقة دونباس يعد من القضايا المحورية المتعلقة بالتسوية في شرق أوكرانيا، إلى جانب وقف إطلاق النار واحترام الهدنة، لكنه ذكر أن الجولة لم تثمر "عن تقدم يذكر في هذا المجال".

هذا وشدد داتشيتش على ضرورة حل المشكلات الإنسانية والاقتصادية في دونباس قبل إجراء الانتخابات المحلية هناك. وذكر رئيس "الأمن والتعاون" أن الاجتماع سجل تقدما معينا في عمل اللجان الفرعية المعنية بهذه القضايا. وأضاف بهذا الصدد أن مشاركته في الجولة الأخيرة من لقاءات مجموعة الاتصال كان من شأنها "دفع هذه العملية إلى الأمام". ولم يستبعد داتشيتش مشاركته في الجولة القادمة للمجموعة "إذا لزم الأمر".

واقترح داتشيتش استخدام تجربة التسوية في كوسوفو في حل الأزمة بجنوب شرق أوكرانيا قائلا: "إن النجاح لا يكمن في خطوات كبيرة بل في خطوات صغيرة يومية. والهدف هو إسكات صوت الأسلحة وإحراز النجاح عبر الحوار".

وعقدت المجموعة ولجانها الفرعية الأربع في مينسك سلسلة من اللقاءات على خلفية توقعات متفائلة، على الرغم من استمرار المواجهة العسكرية في منطقة دونباس، وجرى اجتماع مجموعة الاتصال وراء الأبواب المغلقة بمشاركة الرئيس الحالي لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، وزير الخارجية الصربي إيفيتسا داتشيتش، وسبقته محادثات منسقي اللجان الفرعية الأربع (السياسية، الأمنية، الاقتصادية، الإنسانية)، ولقاءات هذه اللجان.

وكان يتوقع أن تركز الجولة الأخيرة للمفاوضات على تحييد بلدة شيروكينو عسكريا وسحب طرفي النزاع أسلحتهما من عيار يقل عن 100 ملم من خط التماس على مسافة لا تقل عن 3 كيلومترات.

وكانت جمهوريتا دونيتسك ولوغانسك الشعبيتان المعلنتان من جانب واحد قد توقعتا عقد الاتفاقية بهذا الشأن خلال الاجتماع السابق لمجموعة الاتصال يوم 7 يوليو/تموز، لكن هذه الآمال لم تتحقق بسبب موقف كييف.

وفي هذه السياق أعلنت الجمهوريتان الشعبيتان عن الشروع في سحب الأسلحة من خط التماس بصورة أحادية، في الوقت الذي شككت فيه كييف في صحة هذا الإعلان، فيما لم يؤكد ألكسندر هوغ رئيس بعثة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي سحب هذه الأسلحة، معتبرا في تصريح لوكالة "د ب ا" الرقابة على سحب الأسلحة يجب أن تكون "ثنائية"، وقال إنه "لا يوجد حتى الآن أي اتفاق بشأن أنواع الأسلحة التي يجب سحبها ومواعد الانسحاب والمواقع التي يتم نقل الأسلحة إليها".

أما البند الثاني المطروح للنقاش خلال اجتماع لجنة المسائل الأمنية، فيتعلق بسحب الأسلحة والقوات من بلدة شيروكينو التي سبق أن شهدت معارك طاحنة بين طرفي النزاع.

وكانت قوات الدفاع الشعبي التابعة لجمهورية دونيتسك قد أنجزت انسحابها من البلدة يوم 1 يوليو/تموز، في الوقت الذي تتمسك قوات الأوكرانية وما يطلق عليها بـ"كتائب المتطوعين" بمواقعها، فيما ذهبت الأخيرة أبعد من ذلك لتعلن أنها لن تنسحب من مواقعها في شيروكينو حتى في حال تلقي أمر بهذا الشأن من كييف.

العملية السياسية

ويأمل المحللون في أن يساعد عقد اتفاقات معينة في المجال الأمني في دفع العملية السياسية إلى الأمام بعد أن وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض كييف تنسيق خطواتها للإصلاح الدستوري والسياسي في البلاد مع جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك.

تجدر الإشارة إلى أن لجنة الشؤون السياسية التابعة لمجموعة الاتصال اجتمعت في مينسك في 14 يوليو/تموز الجاري، دون الإعلان عن نتائج.

وعقد هذا الاجتماع بعد أن قدم الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو تعديلات على الدستور الأوكراني في مجلس الرادا، وبعد أن وافق النواب على مشروع قانون خاص بإجراء الانتخابات المحلية في البلاد في الخريف القادم، ينص على عدم إجرائها في منطقة دونباس، وذلك بذريعة استحالة تنظيم الاقتراع في هذه المنطقة بما يضمن مراعاة معايير منظمة الأمن والتعاون الأوروبي.

ومن اللافت أن دونيتسك ولوغانسك رفضتا خطوات كييف الأحادية، بما في ذلك التعديلات على الدستور التي تنص على "النظام الخاص للحكم المحلي" أي "الوضع الخاص" الذي يجب أن تحصل عليه دونباس وفق اتفاقات مينسك السلمية. واعتبرت الجمهوريتان أن خطوات كييف هذه ليست إلا محاولة دعائية لمحاكاة تطبيق اتفاقات مينسك دون اتخاذ أي خطوات عملية لتنفيذها، علما بأن تلك التعديلات لا تتوافق في حقيقة الأمر مع اتفاقات مينسك على الإطلاق وتجري دون أي تنسيق مع دونيتسك ولوغانسك.

لجنتا الشؤون الاقتصادية والإنسانية

وصف مارتن سايدك، ممثل منظمة الأمن والتعاون الأوروبي في مجموعة الاتصال، المناقشات الجارية في إطار لجنتي الشؤون الاقتصادية والإنسانية بأنها "بناءة جدا"، وأعرب عن أمله في إحراز تقدم على هذين الاتجاهين خلال لقاءات 21 يوليو/تموز، واتخاذ خطوات عملية لتحسين الوضع في دونباس وتخفيف معاناة السكان المحليين بسبب النزاع المسلح المستمر منذ أبريل/نيسان عام 2014. ومن المسائل المطروحة للنقاش، موضوع ترميم منظومة توزيع المياه في المنطقة، واستئناف الخدمات المصرفية وتسليم المعونات الاجتماعية ورواتب التقاعد ومسالة الأسرى.

روسيا تنتقد مبادرة كييف لتشكيل لجنة فرعية خامسة في إطار مجموعة الاتصال

بدوره أكد غيرغوري كاراسين نائب وزير الخارجية الروسي أن هناك فرصة واقعية لعقد الاتفاق الخاص بسحب الأسلحة من عيار أقل من 100 ملم من خط التماس، مضيفا أن نجاح هذه المبادرة يتعلق بموقف كييف واستعدادها لاتخاذ خطوات عملية.

وأردف تعليقا على موضوعي سحب الأسلحة وسحب القوات من بلدة شيروكينو: "يجب التحلي بإرادة سياسية والتوصل إلى اتفاقات معينة تساهم في تنفيذ اتفاقات مينسك ودفع عملية مينسك للتسوية برمتها إلى الأمام".

لكن كاراسين انتقد مبادرة كييف بشأن إنشاء لجنة فرعية أخرى في إطار مجموعة الاتصال لتتولى حل المشاكل الحدودية.

وقال في تصريح صحفي الثلاثاء: "نعارض هذه الفكرة. ونرى أنها ستعرقل الجهود لإحراز تقدم على الاتجاهات الأخرى".

وأعاد إلى الأذهان أن اتفاقات مينسك التي تم التوقيع عليها يوم 12 فبراير/شباط توضح كافة المسائل المتعلقة بالوضع على الحدود الروسية-الأوكرانية، وتنص على إرجاء الإجراءات التي يجب اتخاذها في المنطقة الحدودية إلى ما بعد تطبيق البنود الأخرى المتعلقة بإجراء الانتخابات واستكمال العملية السياسية في أوكرانيا.

وكان الرئيس الأوكراني قد قدم الفكرة المذكورة بصورة مفاجئة مساء أمس الاثنين.

استمرار عملية القصف من قبل الجيش الأوكراني على مناطق مأهولة في دونباس

على الرغم من شروع جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك في سحب أسلحتهما من خط التماس، تواصل القوات الأوكرانية قصفها لمدن وبلدات خاضعة لسيطرة الجمهوريتين.

وأعلنت الشرطة في جمهورية لوغانسك عن مقتل رجل من السكان المسالمين على بلدة خريستوفو، كما تعرضت بلدة خرياشيفكا لقصف بالهاون.

وفي جمهورية دونيتسك أصيبت طفلة جراء قصف الجيش الأوكراني على منطقة كويبيشيف في مدينة دونيتسك.

المصدر: وكالات