نعومكين وجميل في مقابلة تلفزيونية

نعومكين وجميل في مقابلة تلفزيونية

 كرست قناة التلفزة «روسيا٢٤» برنامجها التحليلي الأسبوعي «الاستعراض الدولي» الذي بث مساء الجمعة الماضي للحديث عن سورية بمناسبة مرور أربع سنوات على بدء الأزمة فيها .

واستضاف البرنامج الذي قدمه الصحفي يفغيني بريماكوف (وهو حفيد الأكاديمي يفغيني بريماكوف رئيس الوزراء الروسي السابق) كلاً من مدير معهد الاستشراق الروسي فيتالي نعومكين والمعارض السوري قدري جميل القيادي في جبهة التغيير والتحرير. وفيما يلي ترجمة لمداخلتي نعومكين وجميل:

 

نعومكين:

النظام في سورية مستمر في الصمود لأربع سنوات بالرغم من أن كثيرين بمن فيهم ساسة أمريكيون كانوا يقولون أن النظام سينهار خلال أسبوع او أسبوعين ولكن النظام صامد لأربع سنوات ومما يثير الدهشة على وجه الخصوص أن الجيش السوري وقوى الأمن تبدي تلاحماً فريداً من نوعه لأنه تجري في مثل هذه الظروف عادة حوادث الفرار بالجملة وانهيار بعض المؤسسات العسكرية والسياسية ولكنها تصمد بصورة متلاحمة وتواصل القتال بالرغم من أن قواها ليست غير محدودة بالطبع ومع ذلك فان هذا التلاحم يثير الدهشة.

وقد ظهر عامل جديد تماماً هو التطرف الإسلامي المتمثل بداعش والذي يخيل للمرء أن الأمريكيين يكافحونه ولكنهم يقاتلونه بصورة خاملة لأنهم قاموا حتى الآن بما يزيد قليلاً على ألفي طلعة جوية ضده وإذا قارنا ذلك بالغارات الجوية التي شنوها  في أفغانستان والعراق فان تلك الغارات كانت أكثر بمرات عدة مما ضد داعش ولذلك فإن هذه الغارات غير قادرة على إلحاق ضرر بداعش بل لا بد من قوى تحارب على الارض . ان سورية  تحارب  ضد داعش ولكن الأمريكيين غير مستعدين للتعاون مع النظام السوري وأعتقد بأن تصريحات كيري بهذا الخصوص هي من باب جس النبض بالدرجة الأولى إذ أنه من المعروف أن هناك اتصالات سرية تجري بين أجهزة المخابرات السورية والأمريكية على الأرجح ويتم تبادل بعض المعلومات وقد جاء جس النبض هذا من قبل كيري نظراً للوضع المعقد داخل الولايات المتحدة ذاتها وليس من قبيل الصدفة أنه جرى التراجع عن تصريحات كيري كما كان يتوقع كثيرون من الخبراء ويقول الأمريكيون الآن إن الآخرين لم يفهموا كيري بالصورة اللازمة وان الكلام لا يدور عن الاعتراف بالأسد أو إجراء مفاوضات معه بل عن مقاربة لحل سلمي سياسي وأن الأسد لا يزال غير مقبول كما في السابق ولا ينظرون اليه كجزء من الحل بل كجزء من المشكلة وان الأمريكيين لم يستنكفوا  عن فكرة إسقاط الأسد  ولكن ذلك لا يعد اليوم مهمة أولوية .

وإذا نظرنا الى رد فعل اللاعبين الإقليميين فانهم يقولون إن التكلم مع الأسد اليوم شبيه بالشد على يد أدولف هتلر ويدلي بمثل هذه التصريحات الحادة مسؤولون أتراك وخليجيون وما ذلك سوى عامل للضغط على شركائهم الأمريكيين لأنهم يشعرون بقلق شديد ويخشون جداً من أن تنخرط أمريكا في اتصالات مع الأسد وأكرر ان هناك اتصالات ما ولكنني لا أتوقع احتمال ان تقوم الولايات المتحدة بإجراء مفاوضات ديبلوماسية علنية او تعاون علني مع حكومة دمشق .

ومن الهام جداً ادراك ان داعش هو تنظيم عابر للحدود وان جوهر نظريتهم ينحصر في إقامة خلافة إسلامية عالمية ولذلك لا يعترفون بالحدود ويعتبرون انهم اظهروا للمسلمين وللعرب بالدرجة الاولى انهم قادرون على إقامة دولة كهذه وطبعا فانهم يقاتلون اليوم في العراق ضد ثلاث قوى عمليا هي الجيش العراقي وقوات البيشمركة والميليشيا الشيعية علما بان الميليشيا الشيعية تتفوق على الآخرين بمن فيهم الجيش العراقي من حيث قدراتها القتالية وقواها ومبرراتها وهي تحرز إنجازات كبيرة بمساعدة الجيش الإيراني وهذا ما لا يخفيه الأمريكيون لأنهم بحاجة الى ما يسمى بالأبواط العسكرية على الارض ولذلك يذعنون لمشاركة ايران بهذه الحرب عمليا وقد اعطوهم الضوء الأخضر في هذا المجال .

وتساءل نعومكين لماذا يحتاج الأمريكيون الى الإيرانيين في العراق وأجاب ان ذلك ناجم ليس فقط عن انه يعتبر جزءا من استراتيجية التوصل الى اتفاق مع ايران حول برنامجها النووي وليس فقط بسبب الحاجة الى قوات ارضية للقتال في العراق بل وايضا لان الأمريكيين واوباما الذين انهارت مواقعهم وسمعتهم الى حد كبير في المنطقة أصبحوا بحاجة الى حكاية انتصار كما يقال وهذا ما يتحدث عنه العسكريون الأمريكيون بصورة سافرة تقريبا وهنا يأتي العراق بالدرجة الاولى اذ ان المهمة رقم واحد اليوم هي تحرير العراق ولكن حتى اذا افترضنا ان الأمريكيين أفلحوا في إشراك قوى إضافية ما وفي ازاحة مقاتلي داعش من العراق فان هؤلاء سينتقلون الى شمال سورية وسينشا هناك راس جسر قوي لداعش وللتنظيمات الاخرى التي يبدو انها تنافسهم ولكنها تنظيمات ارهابية مرتبطة بالقاعدة ايضا كجبهة النصرة وغيرها ولكن ماذا سيحدث في سورية آنذاك و الا  يفكر الأمريكيون في ذلك ؟ واضاف : ليس لديهم اي قرار بهذا الشأن وكل ما يسعون اليه هو ان يبرهنوا لشعبهم وللأسرة الدولية ان ما قاموا  به لم يكن عبثا وأنهم عملوا بنجاح وتمكنوا من تحطيم داعش بعدد محدود من الغارات الجوية .

واشار نعومكين الى ان ذلك يثير شكوكا كبيرة نظرا للشعبية الاجتماعية الكبيرة لداعش في المنطقة حيث ينضم اليهم متطوعون يريدون ليس مقاتلة الشيعة وحلفائهم فحسب بل والغرب ايضا ومقاتلة الأمريكيين الذين ينظر اليهم دائماً كمحتلين في المنطقة ولذا من المستحيل الانتصار على داعش بمثل هذه الإسترتيجية . 

واكد نعومكين انه لا يمكن باي حال من الأحوال وصف مهمة الأمريكيين في الشرق الاوسط وعلى مدى اربع سنوات من الازمة في سورية بانها ناجحة وقال يبدو لي ان الأمريكيين 'الذين هم اما شركاء ام أعداء لنا بالأحرى حسب مؤشرات عديدة ومع ذلك فانهم شركاء في مكافحة الإرهابيين الإسلاميين ' لم ينجحوا في مهمتهم وخاصة فيما يتعلق بتحقيق مهمة نشر الديمقراطية في المنطقة بواسطة استراتيجية إسقاط الأنظمة التي يتمسك بها الأمريكيون في كل مكان ولكنها أظهرت بطلانها بالكامل حيث جرى تقويض بلدان كثيرة ولننظر ما يحدث في ليبيا على سبيل المثال اما في سورية فان هذه الاستراتيجية كانت خاطئة في جوهرها  بكل بساطة ولا تستند الى اي حسابات قويمة ولم يتوقعوا ظهور حركات مثل داعش .

واضاف نعومكين ان الامر الرئيسي يكمن في انه حتى لو افترضنا ان داعش ستتكبد هزيمة ما فستنشا مكانها تنظيمات اخرى بتسميات جديدة  فكيف يمكن مكافحتها والتصدي لها دون حلفاء جديين في المنطقة من الواضح انه يجب ان يكون الأسد بينهم . 

وان الامر الوحيد الذي يمكن لإدارة اوباما ان تعتبره نجاحا لها هو توقيع اتفاق نهائي مع ايران حول حل برنامجها النووي اذا تم التوصل الى ذلك وهذا ما يسعى اليه اوباما اليوم بغض النظر عن ممانعة الكونغرس وهذا ما سيمارس تاثيره كما يامل الأمريكيون على الوضع في سورية ايضا واعتقد ان ايران لن تتراجع عن دورها الإقليمي وسيبقى دعم ايران لنظام الأسد ثابتا دون تغيير في المستقبل المنظور على اقل تقدير .

 

قدري جميل:

بدوره وجوابا على سؤال لمقدم البرنامج حول كيف يمكن ان تجري في هذه الظروف انتخابات وتغيير النظام في سورية ومن الذي يتمسك بهذه الفكرة حتى الان قال قدري جميل المعارض والقيادي في الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير:

اعتقد بانه لا يمكن ان يجري ذلك باي حال من الأحوال ولذلك يجب التكلم عن مرحلة انتقالية كما تقول الأغلبية يمكن فيها وقف او تخفيض مستوى العنف ووقف التدخل الخارجي وتهيئة التربة لتغيير النظام السياسي. وان بعضهم يركزون الانتباه على ان تغيير النظام السياسي يعني تنحية الرئيس ولكنني اعتقد ان المسالة اكثر عمقا واتساعا فالمسألة تتعلق بتغيير النظام السياسي الذي يجب ان يتم بطريق سلمي والذي يتعين على الشعب السوري وحده ان يتولاه بالذات في نهاية المطاف كي لا يستطيع احد ان يملي شروط تغيير النظام السياسي من الخارج لأننا راينا النتائج التي حدثت عندما أراد احد ما في الخارج ان يملي شروط تغيير النظام في العراق وليبيا اذ انهارت الدولة وانقسم المجتمع ولذا يجب على كل شعب ان يمتلك حقه في تقرير مصير نظامه السياسي .