هل يمكن تطوير كفاءة مزارع القطن في القامشلي؟

هل يمكن تطوير كفاءة مزارع القطن في القامشلي؟

قدم كل من م. سلوى المحمد ود. شباب ناصر من كلية الزراعة بجامعة دمشق بحثاً بعنوان «قياس الكفاءة الاقتصادية والفنية لمزارع القطن المروي بطريقة الري السطحي في منطقة القامشلي (محافظة الحسكة)» وذلك إلى مجلة جامعة دمشق للعلوم الزراعية في العام 2015.

يعد محصول القطن من المحاصيل الصيفية المروية، يزرع في شهر نيسان، ويجنى في الفترة الواقعة بين شهر أيلول ونهاية شهر كانون الأول، وتُطَبق أغلب المزارِع طريقة الري السطحي التقليدية، وتسعى الحكومة لتشجيع المزارعين علـى استخدام طرق الري الحديث بالتنقيط الأكثر كفاءة، وذلك عن طريـق الإرشـاد، وتقـديم القروض التي تصل إلى نحو 75 ألف ل.س/ هـ (منظمـة الأغذيـة والزراعـة للأمـم المتحدة، 2004). يعد محصول القطن من أهم المحاصيل الاستراتيجية، نظراً لأهميته الاقتصادية ولدوره الكبير في دعم ميزان المدفوعات، وكونه يشْغل المرتبة الثانية بعد النفط في قائمة الصادرات السورية المختلفة، والمرتبة الأولى في قائمة الصادرات الزراعية السورية. وتشكل زراعة وإنتاج محصول القطن في سورية المصدر الرئيس لتأمين دخول شـريحة كبيـرة مـن المزارعين والعمال والفنيين العاملين في عدة قطاعـات اقتـصادية، بـدءاً مـن زراعـة المحصول وانتهاء بتسويقه وتصنيعه، وتطورت زراعة القطن بشكل كبير في معظم المناطق الزراعية، حيث بلغت نسبة الاكتفاء الـذاتي 115% عـام 2008، وبلـغ مردود القطن الوسطي بين عامي 2006- 2009نحو 3896 كغ/هــ، ويعـد القطـن محصولاً اجتماعياً حيث أن أكثر من 20% من القوى العاملة تعتمد جزئياً أو كلياً علـى القطن في المجالات الزراعية والخدمية والتسويقية والتصنيعية (حلج الأقطـان– الغـزل والنسيج –إنتاج الزيوت– إنتاج الكسبة). 

89% من إجمالي المياه

أخذت مساحة القطن تشهد توسعاً بشكل عام (عدا السنوات الأخيـرة) نتيجـة لزيـادة المساحات المروية من خلال مشاريع الري واستصلاح الأراضي، حيث شكلت المـساحة المزروعة بالقطن 20% من إجمالي المساحة المروية، وتَشْغل محافظـة الحـسكة المرتبة الأولى بين المحافظات حيث تشكل 35.7% مـن المـساحة المزروعـة، تلتهـا محافظة الرقة بنسبة 23.4%، ومن ثم محافظة حلب بنسبة 16.5%. ويستهلك القطاع الزراعي نحو 89% من إجمالي المياه المتاحة فـي سـورية، ويـستهلك محصول القطن نحو 30% من مياه الزراعة، حيث يستخدم 3.7 مليار متر مكعب/سـنة في إنتاج القطن. لقد رافق زيادة المساحة المزروعة بمحصول القطن في سورية تطـوراً ملحوظـاً فـي المردود في جميع المحافظات تقريباً، وفي عام 2000 تم تسجيل مـردود مرتفـع فـي محافظتي إدلب والحسكة، ونتيجة لذلك أنتجت محافظة الحسكة نحو 40% مـن إجمـالي إنتاج القطن، كما استنبطت سبعة أصناف من القطن، مما أدى إلـى زيـادة مـردود القطن من 1.6 طن/هـ في السبعينيات إلى 3.8 طن/هـ في التسعينيات، وتناسبت هـذه الأصناف مع المناطق الإنتاجية المختلفة.

موارد مائية محدودة

تُعد سورية من البلدان ذات الموارد المائية المحدودة قياساً بالمساحة الصالحة للزراعة المروية، غير أن 95% من القطن في سورية يزرع باستخدام طرائق ليست بكفء علـى صعيد إدارة المياه، وتسود طريقة الري السطحي بالغمر لدى نسبة كبيرة مـن مزارعـي القطن في منطقة القامشلي، وكنتيجة للري المفرِط انخفـضت إنتاجيـة  المتر المكعب من المياه في الري السطحي من 0.09إلى 0.07 كغ/م. 3 في عام 2008 صدرت سورية 4.10 م مياه مع كل كيلو غرام مـن القطـن الخـام المصدر (غير الممشط وغير المكرود) من مياهها النادرة أصلاً على شكل مياه افتراضية. وبناء عليه، إن بقيت طرائق الري التقليدي الحالية هي المسيطرة فسوف يزداد حجم المياه الافتراضية المصدرة على شكل قطن خام، وبالتالي لابد من البحث عـن حلـول عمليـة وتطبيقية، وبالتشارك مع الفلاحين، من أجل زيادة الإنتاجية المائية، الأمر الذي يساعد في التقليل من كمية المياه الافتراضية المصدرة مع القطن المصدر.

تغير ظروف المناخ

أشارت الدراسات التي أجريت في محافظة الحسكة، إلـى أنه وفقاً لتغير ظروف المناخ، فإن احتياج محصول القطن للمياه سوف يزداد بمعدل 10% من الكميات المقدمة للمحصول، وهذا يعني الحاجة إلى البحث عن الوسائل التي تقلل من الهدر قدر الإمكان في هذا المورد، بالإضافة إلى رفع الكفاءة الفنية والإنتاجية لكل متـر مكعب مقدم للمحصول، ونتيجة للتغيرات المناخية فإن إنتاجيته سـوف تـنخفض بمعـدل 7.5%، إذا لم يتم إحداث تحسينات في إدارة مياه الري وطرق الزراعة من أجل المحافظة على مستوى الإنتاجية الحالي.

استنتاجات الدراسة

واستنتج أن المزارع حقق هامش ربح بلغ 12.9 ل.س/كغ، وحقـق الـدونم الواحـد المزروع بمحصول القطن المروي بالنظام السطحي التقليدي هامشاً إجمالياً أعلى مقارنـةً بمحصول القمح المروي بطريقة الري بالتنقيط حسب نتائج الأبحاث المنفذة في مـزارع القمح، وحققت مزارِع القطن ربحاً بلغ وسطياً نحـو 7608 ل.س/دونـم قبـل الـدعم، وارتفعت قيمة هذا الربح إلى 10108 ل.س/دونم بعد الدعم، وتشير هذه النتيجة إلى أهمية الدعم لهذا المحصول بغية تأمين هامش ربح للمزارعين، وأن الجزء الأكبر من ابتعاد القيم عن تابع الإنتاج الحدودي، يعود سببه إلى عدم الكفاءة الفنية، وليس ناتجاً عن الخطأ العشوائي. وأن القيمة السالبة لغلة الحجم تنصح بعدم جدوى التوسع في إنتاج محصول القطـن بطريقـة الري السطحي التقليدي، وعلى الرغم من الربح المحقق من زراعة محصول القطـن، إلا أن الدعم المالي المقدم من الحكومة يزيد من الربح المحقق للمزارعين، وهذا يوضح تدخل الحكومة في دعم هذا المحصول للاستمرار في زراعته.

وأوصت الدراسة بضرورة تكثيف الجهود للتحول إلى طرق الري الحديث في إنتـاج القطن، والاستمرار في تقديم الدعم الحكومي المالي لمحصول القطن، وضرورة اختبـار الأصناف الحديثة من القطن، ومدى ملاءمتها لبيئـة منطقـة الدراسـة، وكـذلك إدخـال الابتكارات الحديثة في مجال زراعة القطن.

هدف البحث إلى قياس الكفاءة الاقتصادية والفنية باستخدام تحليل دالة الإنتاج الحـدودي العـشوائي لمزارِع القطن المروي بطريقة الري السطحي في منطقة القامشلي بمحافظة الحـسكة. جمِعـت البيانـات الأولية استناداً إلى المسح الميداني، وتم تطبيق أسلوب العينة الطبقية العشوائية في اختيار عينة البحث، سحبت 89 مزرعة موزعة على 12 قرية تطبق نظام الري التقليدي. بينت نتائج التحليل أن قيمة الهامش الإجمالي لوحدة المساحة بلغت نحو10308.4 ل.س/دونم، وقيمة الهامش الإجمالي لوحدة النقـد 0.625 ل.س. بعد تطبيق دالة الإنتاج الحدودي العشوائي تبين أن التكاليف المتغيرة مسؤولة عـن 38% مـن التغير في المردود بمعنوية مرتفعة، ولازالت المزارِع في مرحلة الغلة المتزايدة، وفيمـا يتعلـق بمـورد الأرض والمياه، فقد تبين أن مزارِع القطن وصلت فيها إلى مرحلة الغلة المتناقصة. أما غلة الحجم فكانت سالبة، مما يعني عدم جدوى التوسع في إنتاج القطن المروي بالنظام السطحي التقليدي، كما شكل متوسط قيمة الكفاءة الفنية في هذه المزارِع تبعاً للنموذج نسبة 88.58%، وحقق العدد الأكبر من المزارِع كفاءة فنية أعلى من المتوسط في العينة المدروسة.