انتهاء المفهوم السائد للتعليم في النظام الاجتماعي الجديد

انتهاء المفهوم السائد للتعليم في النظام الاجتماعي الجديد

التعليم في عالمنا عبارة عن معسكرات لتدريب الأطفال والشباب للعيش في هذا العالم وتحويلهم إلى قطع غيار في ماكينة النظام الاجتماعي الحالي. المدارس مثلها مثل جميع مؤسساتنا الاجتماعية الأخرى مؤسسات تفسدها القيم الاقتصادية والاجتماعية التي تحملها مجتمعاتنا. 

الوزير والوزارة والمدراء والاساتذة والوالدان جميعهم يحملون فكرة واحدة عن التعليم والفكرة هي إنشاء شباب سيحصلون على عمل جيد في المستقبل. والعمل الجيد يعني عملاً «محترماً» بمدخول عالٍ. ما هي منفعة هذا العمل لحياة المجتمع وتطوير مستويات معيشة البشر وتحسينها؟ ليس هذا هو السؤال المطروح. فإذا أصبح أحدهم تاجراً غنياً أو بائعاً شاطراً فهذا يعني النجاح بغض النظر عن أية تجارة نتحدث طالما هي قانونية استنادا إلى قوانين الغابة. فساد التعليم إذن ليس عملا مدروسا يقوم به أشرار بل إنه انعكاس لفساد طريقة حياتنا والقيم التي نحملها والتي تتركز حول كيفية تدريب الجيل الجديد من البشر للعيش في الغابة التي نعيشها والتي نسميها في العادة اقتصاد السوق. لا أحد يتحدث في عالمنا عن العلم والمعرفة وتعلم الأشياء التي تعود بالمنفعة على المجتمع بالدرجة الأولى عندما نتحدث عن المدرسة. نحن في العادة ننصح أولادنا للسعي والدراسة لكي يحصلوا على وظيفة محترمة ليضمنوا حياتهم لا أكثر.

إن إقامة مجتمع الوفرة وإلغاء النظام النقدي بالتحول إلى النظام الاجتماعي الجديد سيغير مفاهيمنا عن المدارس والتعليم. ففكرة التعليم في حد ذاتها جزء من قيم هذا العالم وتحمل مضامين قهرية استبدادية. فالتعليم عبارة عن تلقين الصغار والشباب وحشو معلومات مقررة في رؤوسهم. إن المدارس والجامعات ينبغي أن تكون أماكن للبحث وللتعلُّم وليس التعليم والتلقين. هذا يعني أن الطلبة سيبحثون عن العلم والمعلومة ولا يجبرون على مناهج مقررة سلفا. ليست الدولة والوزارة هي التي تقرر ما الذي يجب على التلاميذ أن يتعلموه بل قدرتهم وقابلياتهم الذهنية في استيعاب العلم وبحثهم وفضولهم للمعرفة هي التي ستقرر ذلك. سيتدرب الجيل الجديد في مراكز البحث في كيفية حل المشاكل باستخدام العقل. والعلم هو ليس شيئاً آخر غير كسب المعرفة لإيجاد طرق لحل المشاكل التي تواجه البشر وتحسين حياتهم. المدارس ستكون عبارة عن مراكز للبحث العلمي لتطوير كفاءة الجيل الجديد على تحسين الحياة العامة وإيجاد الحلول للمشاكل العالقة ولأبحاث الفضاء وغير ذلك من أمور حياتية واجتماعية. فضلا عن كونها أماكن ترفيهية للعب وممارسة الهوايات والفنون و ما إلى ذلك.

إن ما تراه من نظام للدرجات و النجاح و الرسوب و مناهج التعليم المقررة و إيجاد التفاضل بين الصغار و منح الامتياز و الجوائز و إهانة الذين يحصلون على درجات ضعيفة و التصفيق للأوائل والضرب على أصابع من لم يحفظ الدرس وغيرها من أعمال التلقين والتهذيب الشائعة في مدارسنا سينظر إليها البشر في المستقبل على أنها سلوك بدائي لكائنات كانت تعيش حياة قاسية جعلها تتصرف بهذه الطريقة التي تدعو إلى الشفقة.

عن موقع زايتجايست العربية