فـي تـاريــخ الـزيـتـون

فـي تـاريــخ الـزيـتـون

لعب الزيتون لآلاف السنين دوراً محورياً لشعوب المتوسط كمحصول وكرمز ثقافي للقوة وطول العمر والتوفير. إن الزيتون المتوسطي هو أحد ست نويعات من Olea europaea وهو نوع يعود إلى جنس واسع الانتشار، وهو غالباً مداري أو تحت استوائي في توزعه.

وصفت آلاف الأصناف بالاستناد إلى حجم الثمرة وشكل الورقة والألوان  لكن الشكل البري بقابليته للبقاء في البيئات القاسية مكون أساسي للمناظر الطبيعية في منطقة المتوسط كلها. حسب الأساطير الإغريقية فقد جلب الزيتون إلى اليونان الإلهة أثينا وقد اعتقد علماء النبات سابقاً ٍأن الزيتون المدجن قد جلب إلى المتوسط، وأن الأشكال ذات الاكتفاء الذاتي المسماة الزيتون البري كانت أصنافاً وحشية نجت من المزارعين. وقد قدر المؤرخون أن الفينيقيين والرومان واليونان جلبوا الزيتون المدجن من شرق المتوسط إلى غربه وأن المسافرين عادوا بعد ذلك لاحقاً وجلبوا أصنافاً غربية منتقاة إلى الشرق.
جرى نقاش وجدل كبير حول أصل وتاريخ الزيتون، حيث حاجج بعض المؤلفين أن الزيتون البري كان موجوداً في غرب المتوسط قبل وصول الزيتون المزروع بينما نفى آخرون ذلك. وقد ألقت الدراسات الجزيئية الضوء باستخدام مزيج من المقاربات بما فيها الدنا من النواة والكلوروبلاست والميتوكوندريا على الانتشار المبكر للزيتون البري وأصول وانتشار الزيتون المدجن. باستخدام 235 شجرة تمثل 27 جماعة من الزيتون البري من أجزاء عديدة من حوض المتوسط استطاع العلماء الحصول على ثلاث مجموعات رئيسية تتوافق بالتتالي مع شرق المتوسط وغرب المتوسط ومركب صقلية-كورسيكا. إن التنوع الوراثي للزيتون البري مرتبط بشدة مع الجغرافيا مع تمييز شديد بين جماعتي شرق المتوسط وغربه. إن هذا الفصل الشديد يقودنا إلى أن أنواع الزيتون البري استطاعت البقاء في ملاذات منفصلة خلال العصور الجليدية للحقب الرابع وأحدها كورسيكا-صقلية. إن التنوع الوراثي الأكبر في غرب الحوض بالمقارنة مع الجزء الشرقي منه يعني أن الزيتون البري تمايز في الغرب ويفترض أن يكون ذلك في جنوب المغرب. تم بعد ذلك تبادل الأصناف في كل المتوسط مع انتخاب مكثف للأصناف المحلية في الجزء الشرقي حيث انتشرت. وبالتالي تم اتباع طريق نحو الشرق من قبل النمط الميتوكوندري للزيتون البري من غرب إلى شرق المتوسط ثم طريق متجه غرباً متوافق مع انتشار أصناف من المركز البدائي لتدجين الزيتون في الشرق.
• عن كتاب «المتوسط المكان والزمان»