عشرة ملايين حساب وهمي موجهة شبكياً

عشرة ملايين حساب وهمي موجهة شبكياً

وفق سيناريو كان متوقعاً، صاحبت مناقشة القانون الجديد للإنترنت في مجلس النواب المصري، ثم مصادقة رئيس الجمهورية عليه، موجات استياء وغضب من قِبَل جمعيات ومؤسسات تعمل في مجال حرية التعبير. وتراوحت ردود أفعالها بين إبداء القلق على ما يحتمل أن يؤدي إليه القانون الجديد من تضييق على مستخدمي الإنترنت، وإصدار بيانات شاجبة تنعي الحريات وتبكي على التضييقات وتوصي بمناشدات لممارسة ضغوط هدفها إلغاء القانون وتعطيله.

في المقابل، حظي القانون بتأييد واسع، رافقه شيء من السكون والتجاهل أيضاً. ومثلاً، ناقشت مجموعة من الموظفين المتقاعدين القانون الجديد واعتبرته «في محله تماماً لإنهاء المهزلة» و «قانون محترم ويصب في مصلحة البلد بعيداً عن خراب الـ «فايسبوك» الذي أنهك الجميع». وهناك مجموعات أخرى في مقاه وأماكن تجمعات كوسائل المواصلات العامة والمقاهي الشعبية، لم تسمع عن القانون، فيما لاحظته مجموعات أخرى لكنها آثرت أن لا تبالي به طالما أنه لا يمس أوضاعها الاقتصادية أو أمور تراها أساسيّة.

وهناك من لاحظ أن القانون يلقي مهمة ضبط الإيقاع في شبكات التواصل، على الحكومة. وأثار ذلك بعض الغضب لدى شباب من الممسكين بتلابيب السياسة، والسعي لفتح المجال العام أمام التعبير والنقاش من دون خوف ولا رهبة.

من جهة أخرى، أصدرت وزارة الخارجية البريطانية تحذيراً لمواطنيها الذين ينوون زيارة مصر من إبداء ملاحظات سلبيّة على مواقع التواصل الاجتماعي تجاه الرئيس المصري أو قوات الأمن، لأنه ربما أوقعهم في مشكلات مع السلطات. وعبرت الجهات الرسمية عن غضبها من حرب المعلومات وشبه المعلومات والأخبار والأخبار الكاذبة، التي باتت تنتشر في الفضاء الافتراضي للإنترنت، ما ذكر بمجريات مشابهة تحدث في معظم الدول الغربيّة حاضراً، وبينها أميركا.

هناك شريحة واسعة من المصريين المتصلين بالشبكة الإلكترونية لم يتركوا تدوينة إلا وأعادوا مشاركتها، ولم يدعوا تغريدة إلا وأعادوا تغريدها، بل تناقلوها شفاهية. وأدى ذلك تسعير نيران نقاشات ملتهبة في الشوارع المصرية. وعندما نبّه الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أن أجهزة الدولة رصدت تفجر 21 ألف إشاعة في ثلاثة أشهر، غالبيتها مشتقة من مواقع التواصل الاجتماعي، تحوّل التنبيه نفسه مادة للشد والجذب.

وتذكر كثيرون تلك اللحظات من تمجيد «فايسبوك» و «تويتر» أثناء تفجر ثورات «الربيع العربي» في تونس ومصر في 2011، بل انعقدت عليهما الآمالفي إخراج الدول العربية من غياهب الديكتاتورية إلى أنوار الديموقراطية. وبعدها، ثبت عربياً وعالمياً أنّ هناك آثار جانبيّة عميقة لشبكات التواصل الاجتماعي، وأقرت دول في الشرق والغرب قوانين لضبط تلك الشبكات.