كيف تعمل الصواريخ البالستيّة العابرة للقارات؟
لورا غيغل لورا غيغل

كيف تعمل الصواريخ البالستيّة العابرة للقارات؟

كيف تعمل الصواريخ العابرة للقارات، وهي التي تحلّق أكثر من صواريخ محطّة الفضاء الدوليّة بعشر مرّات؟

تعريب وإعداد: عروة درويش

 

تعتمد هذه الإجابة على نوع الصاروخ العابر للقارات (ICBM)، لكنّ معظم هذه الصواريخ تطلق من أداة مثبتة في الأرض، وتنتقل إلى الفضاء الخارجي قبل أن تعود لتدخل الغلاف الجوي للأرض، وتهبط عمودياً بسرعة حتّى تصيب هدفها. ومن الجدير بالذكر أنّه وحتّى الآن لم تطلق أيّ دولة صواريخها البالستيّة العابرة للقارات بغرض حربي، رغم أنّ معظمها قد أجرى اختبارات عمليّة عليه.

إنّ الصواريخ العابرة للقارات، كما يوحي اسمها، يمكنها أن تنتقل من قارّة لأخرى. ما أن يتمّ إطلاق الصاروخ من منصته، فهي يحلّق بشكل قطع مكافئ، ويمكن إطلاقه بأيّ زاوية. لكنّ الصاروخ البالستي الذي أطلقته كوريا الشماليّة من فترة وجيزة قد انطلق بشكل عمودي مضادّ للجاذبيّة، ليسقط على مسافة معينة من موقع إطلاقه.

لكن إن أرادت كوريا الشماليّة أن تشنّ عملاً عسكرياً باستخدام هذا الصاروخ، فما كانت لتطلقه بشكل عمودي للأعلى. فإذا أخذنا بالاعتبار أنّ الصاروخ الذي أطلقته كوريا الشماليّة (والمسمّى هواسونغ 15 Hwasong) قد مضى بسرعة ألف كيلومتر من منصته، فقد تصل سرعته عند إطلاقه بمسار نموذجي مائل إلى ثلاثة عشر ألف كيلومتر. لكنّ هذا التقدير لا يأخذ بالحسبان وزن الحمولة الموضوعة في رأس الصاروخ (رأس حربيّ نووي على سبيل المثال)، والذي يرجّح أن تكون خفيفة أثناء الاختبار. وبهذا فقد تبطئ الحمولة من السرعة المقدّرة تبعاً لوزنها.

ثلاث مراحل:

عند الإقلاع، يدخل الصاروخ مرحلة الدفع. وأثناء هذه المرحلة يقوم جسم الوقود المتفجّر الصاروخي (Rocket) بدفع الصاروخ (ICBM) في الهواء، ويستمرّ بدفعه له لمدّة تتراوح بين دقيقتان وخمس دقائق حتّى يصل إلى الفضاء الخارجي. ويمكن للصاروخ العابر للقارات أن يحظى بثلاثة مراحل دفع صاروخي، يتمّ تجاهل (أو لفظ) كلّ واحدة منها بعد الاحتراق. بعبارة أخرى: بعد توقّف عملية الاحتراق في المرحلة الأولى، يأخذ جسم الوقود المتفجّر رقم اثنان مكانه، وهكذا دواليك.

علاوة على ذلك، قد تعتمد هذه الأجسام ذات الوقود المتفجر على الوقود السائل أو الصلب. يحترق الوقود السائل، عموماً، لمدّة أطول في مرحلة الدفع، من الوقود الصلب. لكن في المقابل، يوفّر الوقود الصلب الطاقة بوقت أسرع بسبب احتراقه بشكل أسرع.

ويمكن لكلا الوقود الصلب والسائل أن يُرسلا الصواريخ إلى ذات المسافة، لكنّ معظم البلدان تبدأ بتكنولوجيا الوقود السائل لكونه مفهوماً أكثر. وكلّما تطوّرت تقنياتهم، ينتقلون إلى الوقود الصلب للحصول على أوقات احتراق أسرع. كنا أنّ الوقود الصلب يحمل ميزة إضافيّة، هي تجنّب مخاطر التعامل مع السوائل سريعة الاشتعال والسامّة على السواء.

في المرحلة الثانيّة، يدخل الصاروخ العابر للقارات الفضاء الخارجي، ويستمرّ بمساره القذفي (البالستي). فهو يطير في الفضاء بسرعة عالية جدّاً تصل ما بين 24.140 كلم/سا إلى 27.360 كلم/سا. ويستفيد الصاروخ من ميزة عدم وجود هواء مقاوم في الفضاء.

بعض الصواريخ العابرة للقارات فيها تكنولوجيا «التسديد النجمي Star Shot»، حيث يمكنها استخدام مواقع النجوم من أجل مساعدتها على التوجّه ناحية هدفها.

في المرحلة الثالثة، يعود الصاروخ ليدخل الغلاف الجوي ويضرب هدفه في غضون دقائق. إن كان يملك الصاروخ دافعات صاروخيّة (Rocket thruster)، فقد تساعده على توجيه نفسه بشكل أفضل ناحية الهدف. ومع ذلك، فقد تؤدي الحرارة الشديدة الذي تواجه الصاروخ العابر للقارات عند عودته إلى الغلاف الجوي إلى احتراقه وتفتته لأجزاء، ما لم يحظى بدروع حرارة ملائمة.

بالنسبة لهواسونغ 15 الذي اختبرته كوريا الشماليّة في 23 تشرين الثاني/نوفمبر، فقد استغرق 54 دقيقة ليكمل مساره، وهو وقت أطول من الاختبار الذي أجرته في 24 تموز/يوليو 2017 والذي استغرق 37 دقيقة، والاختبار الذي أجرته في 28 تموز/يوليو 2017 والذي استغرق 47 دقيقة.