دراسة: الإلكترونيّات الباردة تحتاج النانو لا الطاقة

دراسة: الإلكترونيّات الباردة تحتاج النانو لا الطاقة

وجد فريق من الباحثين وسيلة لتبريد الإلكترونات حتّى 228 درجة مئوية تحت الصفر، من دون الحاجة إلى وسائل خارجيّة وضمن غرفة عادية. ومن المحتمل أن يؤدّي ذلك التطوّر إلى تمكين الأجهزة الإلكترونيّة من العمل مع استهلاك كميّات قليلة تماماً من الطاقة.

إذ صنع الفريق رقاقة تحتوي على تصاميم مشغولة على مقياس (النانومتر = جزء من البليون من المتر)، وهي تستطيع تبريد تيار من الإلكترونات يعبر فيها، حتى عندما تكون الرقاقة موضوعة في غرفة عاديّة. وفي دواخل تلك التصاميم، هناك تراكيب تعمل استناداً إلى قوانين فيزياء الـ «كوانتوم» Quantum Physics غير التقليديّة.

وأعطى الفريق تفاصيل عن البحث الذي أجراه في مجلة «نيتشر كوميونيكايشنز» في عددها الذي صدر أواسط الخريف الجاري.

ووصف المقال التجربة بأنها تندرج في مجال نقل الإلكترونات الباردة التي يجري تصفية الطاقة منها على درجة حرارة الغرفة».

وقاد البحث البروفسور سيونغ جين كوه، أستاذ في قسم علوم وهندسة المواد في «جامعة تكساس». وأوضح كوه أن فريقه كان أولاً في تبريد الإلكترونات بشكل فعالّ، في تراكيب تعمل ضمن درجة حرارة غرفة عادية. وأضاف: «في ما مضى، استطاع البحّاثة تبريد الإلكترونات، لكن بعد غمر الجهاز بأكمله في مياه باردة للغاية. ويشتمل الحصول على إلكترونات باردة، في أجهزة تعمل عند درجة حرارة الغرفة، على فوائد فنية مهمّة. إذ يصبح ممكناً التغاضي عن شرط استخدام الهيليوم السائل أو النتروجين السائل لتبريد الإلكترونات، وهو الأمر الساري حاضراً في نُظُم التبريد المختلفة».

ويتألف تيار الكهرباء من تيار متدفّق من الإلكترونات. في المقابل، تحصل الإلكترونات على إثارة حراريّة أثناء سريانها، حتى في درجة حرارة الغرفة، وهي ظاهرة طبيعية.

وبيّن كوه إنّه إذا كان من الممكن الحدّ من إثارة الإلكترونات حراريّاً، يصبح مستطاعاً خفض حرارة تلك الإلكترونات بشكل فعال، من دون الحاجة لوضع الجهاز الذي تمرّ فيه الإلكترونات، تحت تبريد خارجي.

وفي تلك التجربة، صنع الفريق تركيباً نانويّاً يتألّف من مجموعة متسلسلة من الأقطاب الكهربائية، إضافة إلى مُكوّنات «تطرد» الطاقة من الإلكترونات، ما يؤدي إلى تبريدها.

 

نحو ترانزستور بلا طاقة

تمهّد الإلكترونات الباردة لظهور نوع جديد من الترانزستور يتميّز بقدرته على العمل بكفاءة مع استهلاك كميات ضئيلة تماماً من الطاقة. وأضاف كوه: «يجري حاليّاً تنفيذ الاكتشافات التي توصّلنا إليها في مجال ابتكار ترانزستورات تتميّز بكفاءة في استخدام الطاقة».

وعلّق خسرو بهبهاني، عميد كلية الهندسة في «جامعة تكساس» على التجربة مشيراً إلى أنها تترجم دور الجامعة في تعزيز الابتكارات التي تعود بالمنفعة على المجتمع، مثل ابتكار تقنيّات خضر تقتصد الطاقة خدمة للأجيال الحاليّة والمستقبليّة.

وأضاف بهبهاني: «يعمل البرفسور كوه وفريق البحث على تطوير حلول واقعية للتحدّي العالمي الحاسم المتمثّل في استخدام الطاقة بكفاءة، إضافة إلى تطوير تكنولوجيا إلكترونية موفّرة للطاقة. ومن المتوقّع أن تمهّد تلك التجربة لسلسلة من الابتكارات المستقبليّة المهمّة».

وإذ موّل أوشا فارشني، مدير البرنامج في «قسم الهندسة في المؤسسة الوطنية للعلوم»، تلك التجربة، فإنه رأى أيضاً أن نتائجها تنسحب على حقول واسعة من العلوم والصناعات.

وأكّد فارشني أنه من المستطاع تنفيذ نتائج البحث في مجال الترانزستورات، عبر صنع أجهزة إلكترونيّة تستهلك للطاقة 10 مرات أقلّ مما تفعله نظيراتها حاضراً. ومن المستطاع أن تدوم بطارية الأجهزة الإلكترونيّة الشخصيّة، كالهواتف الذكيّة وأجهزة الـ»آي باد» والـ»تابلت»، لفترات طويلة جداً، قبل إعادة شحنها.

وإضافة إلى التطبيقات التجارية المحتملة، هناك مجموعة كبيرة تماماً كالاستخدامات العسكرية لتكنولوجيا الإلكترونات الباردة. إذ تجدر الإشارة إلى أنّ وزن البطاريات ثقيل جدّاً، مّا يعني أن استهلاك الطاقة في شكل أقلّ يخفّف من وزن بطارية المعدّات الإلكترونية التي يحملها الجنود، الأمر الذي يعزّز قدراتهم القتاليّة أيضاً.

وتشمل الاستخدامات العسكرية المحتملة الأخرى للإلكترونات الباردة، أجهزة الاستشعار من بعد، وطائرات الـ»درون» من دون طيار، والحوسبة الفائقة المتّصلة بالبيانات الضخمة وغيرها.

ويمكن أن تشمل البحوث المستقبلية تحديد العناصر الرئيسة التي تسمح بتبريد الإلكترونات أكثر. ومستقبلاً، يكمن التحدي الأكثر أهمية في منع الإلكترونات من اكتساب الطاقة أثناء انتقالها عبر مكوّنات الأجهزة الإلكترونيّة، ما يفرض اكتشاف طُرق لعرقلة عمليات استهلاك الطاقة أصلاً!

 

المصدر: الحياة