الانتخابات الإيرانية 2009 ومكيدة الاحتجاجات لإنـجاز «ثورةٍ ليّنة»

يجب أن نتذكر دائماً أن الاستراتيجية الجيوسياسية للولايات المتحدة منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، ترتبط بتوسيع الإمبراطورية الأمريكية ومنع صعود قوى عالمية وإقليمية جديدة، واحتواء روسيا والصين.. في هذا الإطار يمكن فهم محاولات تغيير النظام في إيران..

 دراما الانتخابات الرئاسية الإيرانية

بالعودة إلى التاريخ غير البعيد، قدّمت أحداث العام 1953 الشهيرة في إيران مخططاً تفصيلياً لطبيعة ومضمون الاحتجاجات على انتخابات العام 2009، حيث جاءت هذه الاحتجاجات كمحاولة للقيام بـ«ثورةٍ لينة» لقلب النظام وتقليد «الثورات الملونة» في دول أوروبا الشرقية ما بعد المرحلة السوفييتية.
إنّ أحداث الشغب التي رافقت انتخابات 2009 كانت مكيدةً سريةً أمريكية (بريطانية) معدة لتغيير النظام في إيران. كان الهدف انتخاب زعيمٍ صديقٍ للولايات المتحدة وبالتالي تحقيق هيمنة استراتيجية واقتصادية وسياسية على إيران. على الرغم من اتباع خديعة «الثورات الملونة» التي مارستها الولايات المتحدة في الكتلة السوفييتية سابقاً، لكن بمرافقة التأثير الشديد للـCIA والاستفادة من خبرة انقلاب العام 1953، إلا أنّ المؤامرة باءت بالفشل الذريع.
وفي حين كشف انقلاب 1953 تأثير الـCIA وتلاعبها بوسائل الإعلام الأمريكية، أظهرت اضطرابات العام 2009 نجاحاً باهراً لتعامل وسائل الإعلام الأمريكية. ما يثير السخرية على أية حال، أنّ التركيز على هذا النجاح الباهر ربما أعاق نجاح المؤامرة في نهاية المطاف. كان إدراك الشعب الأمريكي لعدم شرعية الانتخابات والقمع السياسي كافياً لتأييد تغيير النظام، ولكن ليس إلى درجة القيام بتغيير النظام. هكذا، وفي سخريةٍ مريرة، أصبح فشل انقلاب العام 1953 نجاحاً في مؤامرة 2009، في حين كان النجاح في انقلاب 1953 فشلاً في مؤامرة 2009. ما حدث وحسب، أنّ النجاح في انقلاب 1953... هو أنّه أدّى الغرض منه.
 
الوقائع التمهيدية

في تشرين الثاني 2008، ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أنّ «البيت الأبيض يبذل جهوداً شاقةً لتنظيم (ثورة مخملية) في إيران». وكما قال سفير إيران السابق في الأمم المتحدة، فإنّ «واشنطن تتآمر لشقّ صفوف الإيرانيين بغرض إسقاط حكومة طهران».
كما ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية في نيسان 2009، أي قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية، أنّ فيلق الحرس الثوري الإيراني «كشف مؤامرةً للقيام بـ(ثورة لينة) على حكومة البلاد»، «واتهم هولندا بالتآمر لإثارة ثورةٍ مخمليةٍ في البلاد بتأييدها للمعارضة من خلال وسائل الإعلام وشتى المواقع الإلكترونية». في العام 2005، خصص البرلمان الهولندي 15 مليون يورو لتمويل «حملةٍ إعلاميةٍ مركزة» داخل إيران، «رافقتها مساعدةٌ بريطانيةٌ وتمويلٌ سري أمريكي».
تمهيداً للانتخابات، تزايدت الهجمات داخل إيران. فقبل أسبوعين من الانتخابات، في 28 أيار 2009، وفي جنوب شرقي إيران، أدى تفجير مسجدٍ للشيعة إلى مقتل 20 شخصاً. اتهم مسؤولٌ إيراني الولايات المتحدة بالتورط في تسليح الإرهابيين، الذين ارتكبوا فعلتهم في منطقة إيرانية يغلب عليها السنة، وهم أقليةٌ مذهبيةٌ داخل البلاد. سلحت الولايات المتحدة ومولت من خلال الـCIA جند الله، المنظمة الإرهابية التي أعلنت مسؤوليتها عن التفجير. في اليوم التالي، أدت مهاجمة مكتب الحملة الانتخابية للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في المدينة نفسها إلى سقوط عددٍ من الجرحى. تذكّر هذه الهجمات التي استهدفت إثارة التوترات الدينية بالهجمات التي قامت بها الـCIA داخل إيران في انقلاب 1953.
قبل يومٍ من الانتخابات، أي في 11 حزيران 2009، ذكر أنّ صندوق دعم الديمقراطية، المؤسسة الرئيسية التي تقف خلف «الثورات الملونة» في أوروبا الشرقية، أنفقت أموالاً كثيرةً وصلت إلى أيدي المجموعات المؤيدة لموسوي داخل إيران، لأنّ موسوي كان مرشح الغرب المفضل في الانتخابات الإيرانية. بل ذكر أنّ أحاديث جرت حول «ثورة خضراء» في إيران، لأنّ حشود حملة موسوي امتلأت بالرايات والأوشحة الخضراء.
في العاشر من حزيران، وقبل يومين من الانتخابات، ذكرت مدونة النيويورك تايمز أنّ قلقاً اعترى مؤيدي أحمدي نجاد في إيران خشية أن «يكون ما يشهدونه نسخةً محليةً من الثورة البرتقالية التي أوصلت حكومةً معارضةً إلى السلطة في أوكرانيا».
 
اليوم الحاسم

في 12 حزيران، جرت الانتخابات الإيرانية. وسرعان ما اشتغلت آلة البروباغندا ومضى العمل في إثارة ثورةٍ ملونة في إيران. ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أنّ أحمدي نجاد حقق انتصاراً حاسماً بجمعه 69 بالمائة من الأصوات. وسرعان ما أعلن منافسه الرئيسي، مرشح الأمريكيين المفضل، موسوي انتصاره وأنّ هنالك «تزويرات» في صناديق الاقتراع. ونقل عنه قوله «أنا الفائز الوحيد في الانتخابات بفارقٍ هائلٍ في الأصوات».
شجبت حكومات الغرب فوراً الانتخابات بوصفها باطلة، وبدأت الاحتجاجات في شوارع طهران، حيث تقمّص الشبان لون حملة موسوي الأخضر صارخين: «الموت للديكتاتور» إشارةً إلى أحمدي نجاد. شجع موسوي المحتجين على مواصلة احتجاجهم، وفي ثاني أيام الاحتجاج، قام الشبان بتحطيم نوافذ حافلات المدينة في العديد من الشوارع وسط طهران. كما أحرقوا المصارف وصناديق القمامة وأكوام الإطارات واستخدموها كحواجز نارية. ضربت شرطة مكافحة الشغب بعض المحتجين بالعصي في حين وقف عشراتٌ بدروعهم ودراجاتهم النارية يحرسون الجوار. بعد ذلك، أعلنت حكومات الغرب على الملأ تضامنها مع الاحتجاجات وشجبت «قمع» الحكومة الإيرانية لها.
على الرغم من كل مزاعم الغش والتزوير، لم يقدّم من تبنّى تلك المزاعم أي دليلٍ حقيقيٍّ يؤيدها. وكما ذكرت صحيفة بوليتيكو في 15 حزيران، فمن نادوا ببطلان الانتخابات «تجاهلوا حقيقة أنّ أحمدي نجاد الذي فاز بنسبة 62.6 بالمائة من الأصوات في انتخابات هذا العام هو نفسه الذي حصل على 61.69 بالمائة من الأصوات في انتخابات الرئاسة للعام 2005». كما أنهم تجاهلوا الكثير مما يدركه الناس داخل إيران، مثل أنّ غالبية الإيرانيين شاهدوا أحمدي نجاد يتغلب على خصومه في المناظرات التلفزيونية، كما كان بالنسبة إليهم مدافعاً عن الشعب. حاز أحمدي نجاد على تأييد كمٍّ كبيرٍ من الإيرانيين، ومن ضمنهم الولي الفقيه وأصحاب الدخول المحدودة والموظفون والمتقاعدون.
كانت بعض «الأدلة» عن التزييف ظرفية، من ذلك ادعاء أنّه بسبب خلفية موسوي الأذرية، «كان ضامناً للفوز في المقاطعات ذات الأغلبية الأذرية»، وهكذا حين فاز أحمدي نجاد في هذه المقاطعات، «فالتزوير هو التفسير الوحيد». وعلى الرغم من ذلك، فأحمدي نجاد يتكلم الأذرية بطلاقة، وقد عمل سابقاً كمسؤولٍ حكومي في منطقتين أذريتين، كما أنّ القائد الأعلى لإيران آية الله خامينئي هو أيضاً أذري.
كذلك، يتم تجاهل تصويت الإيرانيين على قاعدة الانتماء الطبقي. وفي حين يميل الغرب لتصوير الشرق الأوسط وإفريقيا من خلال عدسات استشراقية، ناظرين إليهم بوصفهم «الآخر»، وغالباً ما يصورون شعوب المنطقة بوصفهم متخلفين أو برابرة، فالواقع مختلفٌ جداً عن التصور الغربي. يصوت سكان الشرق الأوسط، ومن ضمنه إيران، وشاغلهم الأساسي الاقتصاد والظروف الاجتماعية تماماً مثلما يفعل ناخبو الغرب. لا يتم التصويت في الشرق الأوسط على قاعدة الاختلافات العرقية أو الدينية، فهنالك الكثير ليوضع في الاعتبار، وأي تحليلٍ يتناسى ذلك لهو تحليلٌ خاطئ. حتى الفايننشال تايمز أوردت أنّ «التغيير بالنسبة للفقراء يعني الطعام والعمل، وليس الألبسة المريحة والاستجمام المختلط»، وأنّ «السياسة في إيران تعنى بالصراع الطبقي أكثر مما تعنى بالدين».
 
صراع طبقي

كتب جيمس بيتراس: «الفئة الوحيدة التي تؤيد موسوي بثبات هي طلاب الجامعات وخريجوها، ومالكو الشركات والشريحة العليا من الطبقة الوسطى». وهم من أكثر الإيرانيين تعلقاً بالغرب. كان الإيرانيون المحتجون في «الثورة الخضراء» يحملون لافتاتٍ مكتوبة بالإنكليزية ويجرون مقابلاتٍ مع وسائل الإعلام الغربية بالإنكليزية. والعديد منهم تلقوا تعليماً وتنشئةً غربيين. إيرانيو الشتات في الغرب أيدوا أيضاً «الثورة الخضراء» على نحوٍ واسع، لأنهم أبناء وبنات أولئك الذين هاجروا من إيران بعد الثورة الإيرانية في العام 1979. وهم أبناء الطبقة الرأسمالية الإيرانية المنفية، ولا يمثلون على نحوٍ منصفٍ السكان داخل إيران. بعد ذلك، لا يملك الفقراء وطبقات المجتمع الدنيا إمكانات الهجرة إلى الغرب. وبصورةٍ طبيعية، فالكثير من الشباب الإيراني المتغرب في إيران لديه اهتماماتٌ مشروعةٌ وقضايا اجتماعية تتعلّق بالوضع الحالي للحكم في إيران. مع ذلك، فغالبية الإيرانيين تنشغل بمعاش يومها أكثر من انشغالها بشكل الرداء الإسلامي.
ومثلما أشار بيتراس أيضاً، «كانت أصوات الناخبين الشباب التي مجّدها الإعلام الغربي بوصفها مؤيدةً للإصلاحيين أقليةً واضحة تمثل أقل من 30 بالمائة، لكنها أتت من فئةٍ صاحبة امتيازات، مجموعةٍ ناطقةٍ بالإنكليزية تحتكر وسائل الإعلام الغربية». بل إنّ صحيفة واشنطن بوست ذكرت في 15 حزيران أنّ استطلاعات الرأي الغربية التي عقدت قبل الانتخابات بثلاثة أسابيع «أظهرت رجحان كفة أحمدي نجاد بمعدل أكثر من 2 إلى 1، وهو أكبر من المعدل الحقيقي لانتصاره»، و«العينات العلمية المأخوذة من جميع الأقاليم الإيرانية الثلاثين أظهرت تفوّق أحمدي نجاد» بشكل واضح.
وكذلك أشارت مقالة واشنطن بوست إلى أنّ «الكثير من المعلقين صوروا الشباب الإيراني والإنترنيت بوصفها بشائر التغيير في هذه الانتخابات. لكن استطلاعاتنا وجدت أنّ ثلث الإيرانيين فقط بوسعهم استخدام الإنترنت، بينما شكّل الذين تراوحت أعمارهم بين 18 و24 عاماً كتلة التصويت الأكبر لأحمدي نجاد ومن كافة الفئات العمرية». وأيضاً، الفئة السكانية الوحيدة التي كان موسوي «متفوقاً أو منافساً ضمنها هي طلبة الجامعات وخريجوها والإيرانيون من أصحاب أعلى المداخيل». انتهت المقالة بالقول إنّ «الحقيقة لا تعدو أنّ إعادة انتخاب الرئيس أحمدي نجاد هي ما أراده الشعب الإيراني».
لعبت الإنترنت دوراً بارزاً في تشكيل التصور الدولي للانتخابات الإيرانية، وكما استخدمت مواقع الشبكات الاجتماعية مثل تويتر وفيس بوك في جعل أهداف «الثورة الخضراء» تتقدم، وغالباً ما أطلقت عليها تسمية «ثورة التويتر».
تذكروا أنّه في العام 2007، كانت «خطة الـCIA، التي تضمنت على ما قيل حملةً منسقةً من البروباغندا والتضليل والتلاعب»، موضع التنفيذ حيث «تعمدت زعزعة حكم الملالي الديني وإسقاطه في النهاية». وكجزءٍ من ذلك، «سيسمح للـCIA بتوفير أجهزة الاتصال التي ستمكّن مجموعات المعارضة في إيران من العمل مجتمعةً وتتجنب رقابة النظام الديني على الإنترنت».

 
القيادة الإيرانية ترد..

وسط الاحتجاجات، اتخذت الحكومة الإيرانية إجراءاتٍ صارمة ضد المعارضة، وحظرت عمل المراسلين وحجبت المواقع الإلكترونية. وكما ذكرت الواشنطن تايمز، «أظهرت قوائم التويتر بالغة التطور تدفقاً مستمراً من حالات التجديد وروابط الصور وأفلام الفيديو، التي رسمت صورة الاضطرابات المتنامية. تكاثرت الصور والأفلام الرقمية وتم التقاطها وذكرها في مصادر خارجية لا حصر لها بعيداً عن إجراءات النظام الصارمة المطبقة على الشبكة». من الطبيعي أن تأتي جميع هذه المعلومات من طلاب الطبقة العليا الذين وصلوا إلى هذه التقنية التي استخدموها باللغة الإنكليزية.
في 15 حزيران، أرسل جاريد كوهين، وهو موظف في وزارة الخارجية يبلغ السابعة والعشرين من العمر، رسالة إلكترونية إلى موقع تويتر مع طلبٍ غير معتاد: تأجيل الصيانة الدورية للشبكة التي ستقطع خدماتها بينما يستخدم الإيرانيون التويتر لتمرير معلومات وإبلاغ العالم الخارجي عن الاحتجاجات المتنامية حول طهران. كذلك، ذكرت النيويورك تايمز أنّ «السيد كوهين، خريج جامعة ستانفورد وهو أصغر موظفي قسم تخطيط السياسة في وزارة الخارجية، يعمل مع تويتر ويوتيوب وفيس بوك وغيرها من الخدمات للجم وصولها إلى المبادرات الدبلوماسية».
أظهر ذلك أنّ عدداً محدوداً من الأشخاص يستخدم التويتر لأغراضٍ تنظيمية، مع ذلك، برهنت تويتر أنها أداةٌ حاسمة في لعبة القط والفأر بين المعارضة والحكومة لتجنيد الرأي العام العالمي، كما كان لها دور في نشر التضليل خلال الاحتجاجات مثلما أشارت النيويورك تايمز إلى أنّ «بعض أكبر الأخطاء في التويتر أنّ المدوّنين يعيدونها ويضخمونها: احتجاج ثلاثة ملايين في طهران نهاية الأسبوع الماضي (بضع مئات الآلاف)؛ أنّ مرشح المعارضة مير حسين موسوي وضع في الإقامة الجبرية (كان مراقباً)؛ أنّ رئيس لجنة مراقبة الانتخابات أعلن أنّ الانتخابات لاغية الأحد الماضي (لم يحدث ذلك)».
في 28 حزيران، حمّل وزير الاستخبارات الإيراني قوى الغرب، خاصةً الولايات المتحدة وبريطانيا، مسؤولية العنف والاحتجاج على الانتخابات الأخيرة. بل إنّ إيران اعتقلت موظفين في السفارة البريطانية في طهران. في الثالث من تموز، قال رئيس مجلس الخبراء إنّ «موظفي السفارة البريطانية اتهموا بلعب دورٍ في تنظيم مظاهرات مؤيدة للديمقراطية»، لكنها أطلقت سراح سبعةٍ منهم بحلول تموز. مع ذلك، اتهم أحد أعضاء طاقم السفارة بـ«لعب دورٍ غير نزيه» في اضطرابات الانتخابات.
وسط كل التكذيبات البريطانية لأي تورط، كشفت التلغراف في نهاية تموز أنّ منفيين، «آزادة أسدي وفاهيد صدريق، وفرا دعماً حاسماً لزعماء المعارضة في طهران من منازلهما في لندن»، واللذين «لقنتهما أدوارهما الحركة الإيرانية الخضراء التي كانت نقطة تحشدٍ لتحدٍ، لا سابق له لقادة جمهورية إيران الإسلامية. كما أنهما نظما الاحتجاجات أمام السفارة الإيرانية في لندن، والتي استمرت 31 يوماً، أكثر من أي مكانٍ آخر.
اعتقل حسين رسام، رئيس القسم الأمني والسياسي في السفارة البريطانية في طهران، للاشتباه بضلوعه المباشر في الاحتجاجات من خلال تزويده الدبلوماسيين ومراسلي الإعلام البريطاني بالتوجيهات. كما تم اعتقال باحثٍ أمريكي من أصلٍ إيراني. في العام 2007، اعتقلت إيران «خالد إسفندباري، رئيس برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون، وكيان طاجيكش المرتبط بمؤسسة سوروس، بشبهة تعريضه للخطر الأمن القومي للبلاد». وأطلق سراحهما بعد ثلاثة أشهرٍ من الاحتجاز.
 
اعترافات المتآمرين

ما يثير الاهتمام التصريحات التي أطلقها أركان مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكيون السابقون في أعقاب أعمال الشغب، ومن بينهم هنري كيسنجر وزبيغينو بريجينسكي وبرينت سكروكروفت. ففي مقابلةٍ أجرتها قناة الجزيرة مع مستشار الأمن القومي السابق برينت سكروكروفت بعد بدء الاحتجاجات، أجاب دون ترددٍ على سؤال إن كان للولايات المتحدة عملاء للاستخبارات موجودين على الأراضي الإيرانية قائلاً: «بطبيعة الحال، لدينا». سأله المذيع إن كانوا يساعدون المحتجين، فأجاب: «ربما، من يعلم، لكن الأمر بعيدٌ عن مساعدة المحتجين في مواجهة القوة الموحدة للحرس الثوري والميليشيات والشرطة وما شابه». وقد شرح أنّه يشعر بأنّ «حركةً» من أجل التغيير تحدث في إيران، وأنها «ستمضي في طريق تغيير إيران، وأعتقد أنّه أمرٌ محتم».
أما بريجنسكي، مستشار الأمن القومي لإدارة كارتر، والشريك المؤسس مع ديفيد روكفلر للجنة الثلاثية، وصقر واضعي الاستراتيجيات الجيوسياسية، فقد أجرت معه الـCNN مقابلةً بعد اندلاع الاحتجاجات بوقتٍ قصير. حين سأله المذيع كيف يمكن للوضع أن يشابه ما حدث في أوروبا الشرقية، حيث أوصلت الثورات الملونة المنتصرة دمى الغرب إلى السلطة، أجاب بريجنسكي قائلاً: «حسناً، لا أعتقد أنّ الأمر سيحدث على نحوٍ مشابهٍ لما حدث في أوروبا الشرقية، ونأمل ألا ينتهي الأمر على نحو ما انتهى إليه في ساحة تيان آن مين. أوروبا الشرقية أصبحت مؤيدةً للغرب وأمريكا بشدة، إلخ...». كما أنه أوضح: «إن حدث تغيرٌ في النظام في إيران، فهنالك فرصةٌ كبيرةٌ للتسوية، وأعتقد أنّه أمرٌ يتمناه المرء بشدة. لكن ذلك يتطلّب صبراً وتلاعباً استخبارياً وتأييداً معنوياً دون تدخلٍ سياسي».
كذلك، أجرت الـBBC مقابلةً مع هنري كيسنجر، مستشار الأمن القومي السابق ووزير الخارجية السابق، عند اندلاع أعمال الشغب. وصرّح قائلاً: «الآن، إذا ظهر أنّه من غير الممكن انبثاق حكومةٍ في إيران تتعامل بوصفها ممثّلةً للأمة وليست ممثلةً لقضية، سيكون لدينا وقتها وضعٌ مختلف. نستطيع أن نستنتج أنّ علينا القيام بتغيير النظام من الخارج».
 
*أندرو غيفن مارشال مشارك في مركز أبحاث العولمة. وهو يدرس حالياً الاقتصاد السياسي والتاريخ في جامعة سايمون فريزر.