هل نشهد انطلاقة ثورة عالمية؟ شمال أفريقيا والصحوة السياسية العالمية (ج1)
أندرو غيفن مارشال أندرو غيفن مارشال

هل نشهد انطلاقة ثورة عالمية؟ شمال أفريقيا والصحوة السياسية العالمية (ج1)

يقول زبغينيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي السابق في الولايات المتحدة:

«للمرة الأولى في تاريخ البشرية، ينشط غالبية البشر سياسياً، ويمتلكون وعياً سياسياً فاعلاً... تولّد الفاعلية السياسية العالمية الناتجة جيشاناً بحثاً عن الكرامة الفردية والاحترام الثقافي والفرص الاقتصادية في عالم تملؤه ندوب قرون طويلة من الهيمنة الإمبريالية أو الاستعمار الأجنبي.. يشكّل التوق العالمي لكرامة الإنسانية تحدّياً مركزياً متلازماً في ظاهرة صحوة سياسية عالمية.. صحوة هائلة اجتماعياً وجذرية سياسياً.. شيوع الراديو والتلفزيون على مستوى كوني وتزايد استخدام الإنترنت يخلقان تجمّعاً للتصوّرات المشتركة وحشداً تحضّ عليه الانفعالات الدينية أو الغوغائية السياسية. تتجاوز هذه الطاقات الحدود السيادية وتفرض تحدياً على الدول القائمة إضافةً إلى التراتبية العالمية القائمة، التي تحتلّ أمريكا قمّتها..

أندرو غيفن مارشال

يبدو شبّان العالم الثالث على نحو خاصّ ثائرين وممتعضين. فالثورة الديموغرافية التي يجسّدونها ستكون قنبلةً زمنيةً سياسيةً، فضلاً عن أنّ رأس الحربة الثورية الكامن سيبرز على الأرجح من بين ملايين التلاميذ المركزين في مؤسّسات تعليم السوية الثالثة الموجودة في البلدان النامية. وفقاً لتعريف السوية التعليمية الثالثة، هنالك حالياً ما بين 80 إلى 130 مليوناً من طلاّب المدارس على مستوى العالم، منحدرون من الشريحة الدنيا المتقلقلة من الشرائح الوسطى ويلهبهم الغضب الاجتماعي. ويشكّل ملايين الطلاّب هؤلاء مشروع ثوريين في حالة تأهّب شبه منظّمين في تجمّعات كبيرة ويتواصلون من خلال الإنترنت ومستعدّين للتجمّع على نطاق أوسع كما حدث منذ سنوات في مدينة مكسيكو أو ساحة تيان آن مين. طاقتهم الطبيعية وإحباطاتهم الوجدانية لا تنتظر شرارةً يطلقها الإيمان أو الكراهية أو أيّ سبب...

كذلك، تواجه قوى العالم الرئيسية، قديمها وحديثها، حقيقةً جديدة: ففي حين تتزايد قدراتها العسكرية المهلكة إلى حدود غير مسبوقة، تتراجع قدرتها على فرض السيطرة على الجماهير الناهضة سياسياً في أنحاء العالم. لنكن صريحين: في أزمنة سابقة، كانت السيطرة على مليون إنسان أسهل من قتلهم. أمّا اليوم، فقتل مليون إنسان أسهل بكثير من السيطرة عليهم».

كل ما يحدث مجرد بداية!

أدّت ثورة تونس إلى الإطاحة بدكتاتورية الرئيس بن علي التي دامت 23 سنة. شكّلت حكومةٌ انتقالية، لكنّ الاحتجاجات تواصلت مطالبةً بتشكيل حكومة جديدة بالكامل لا تضمّ أيّ رمز من رموز الاستبداد السابق. تواصلت الاحتجاجات في الجزائر منذ أسابيع، حين اندلعت انتفاضةٌ مناهضةٌ لارتفاع أسعار الغذاء والفساد والقمع الذي تمارسه الدولة. أمّا في الأردن، فقد أكرهت الاحتجاجات الملكَ على استدعاء الجيش لتطويق المدن بالمدرّعات وإقامة حواجز التفتيش. وفي القاهرة، زحف عشرات آلاف المحتجين مطالبين بإنهاء دكتاتورية حسني مبارك التي تواصلت 30 عاماً. كما أنّ آلافاً من النشطاء وقادة المعارضة والطلاّب احتشدوا في عاصمة اليمن لمواجهة فساد دكتاتورية الرئيس صالح الذي يسيطر على السلطة منذ العام 1978. كان صالح يحاول، بمساعدة عسكرية أمريكية، إخضاع حركة التمرّد في الشمال والحركة الانفصالية الشاملة في الجنوب، التي يطلق عليها تسمية «الحراك الجنوبي». في بوليفيا، أكرهت الاحتجاجات المناهضة لارتفاع أسعار الغذاء حكومة إيفو موراليس الشعبية على التراجع عن خطط إلغاء الدعم الحكومي. كما اندلعت الاحتجاجات في تشيلي حين احتشد المتظاهرون ضدّ ارتفاع أسعار الوقود. وفي ألبانيا، انطلقت تظاهراتٌ معاديةٌ للحكومة في أعقاب موت العديد من المحتجّين.

يبدو الأمر كما لو أنّ العالم يلج بدايات حقبة ثورية جديدة: حقبة «صحوة سياسية عالمية». وبينما تتجسّد هذه الصحوة في عدّة مناطق وعدّة دول وفي أوضاع مختلفة، فإنّها تتأثّر على نحو واسع بشروط العولمة. فالهيمنة العالمية التي مارستها قوى الغرب الرئيسية، وخاصّةً الولايات المتحدة، خلال الـ65 عاماً السابقة وما سبقها من قرون بلغت منطقة الانعطاف. استاءت شعوب العالم وامتعضت وغضبت. التغيير يملأ الأجواء على ما يبدو. ووفقاً للاستشهاد المنقول آنفاً عن بريجنسكي، فهذا التطوّر في المشهد العالمي هو الأكثر جذريةً ويشكّل تهديداً جدّياً على هياكل القوّة العالمية ويمثّل خطراً على الإمبراطورية. وهو ليس مجرّد تهديد للدول التي انطلقت فيها الاحتجاجات أو تسعى إلى التغيير، لكنّه قد يكون أوسع، فهو تهديدٌ لقوى الغرب الإمبريالية والمؤسسات الدولية والشركات والمصارف متعدّدة الجنسية التي تساند وتسلّح هذه النظم القمعية في أرجاء العالم وتحقّقق الأرباح منها. هكذا يواجه الغرب والولايات المتحدة تهديداً استراتيجياً عابراً للقوميات: ما الذي يمكن فعله لوقف الصحوة السياسية العالمية؟

«الصحوة» العالمية والخوف الإمبريالي

بريجنسكي أحد أهمّ مهندسي السياسة الخارجية الأمريكية، وقد يكون أحد روّاد المفكّرين الذين صاغوا نظام العولمة. إذاً، يتّصل تحذيره من «صحوة سياسية عالمية» اتصالاً مباشراً بما يمثّله من خطر يهدّد التراتبية العالمية السائدة. على هذا النحو ينبغي أن ننظر إلى هذه «الصحوة» بوصفها أعظم آمال البشرية. سيكون هنالك بالتأكيد العديد من الإخفاقات والمشكلات والتراجعات، لكنّ الصحوة ابتدأت، وهي تحدث، وليس ممكناً السيطرة عليها أو حرفها عن مسارها بسهولة كما يفترض البعض.

المنعكس الشرطي للقوى الإمبريالية هو مزيدٌ من مساندة النظم القمعية وتسليحها، إضافةً إلى إمكان تنظيم عدم استقرار من خلال عمليات سرية أو حرب مكشوفة (كما يحدث في اليمن). البديل هو الشروع باستراتيجية «دمقرطة» تقوم من خلالها المنظمات غير الحكومية الغربية ووكالات منح المساعدات ومنظمات المجتمع المدني بتأسيس ارتباطات وعلاقات وثيقة مع المجتمعات المدنية المحلية في تلك المناطق والبلدان. هدف هذه الاستراتيجية تنظيم وتحويل ومساعدة المجتمع المدني المحلّي على إنتاج أنظمة ديمقراطية على صورة الغرب، ما يحافظ بالتالي على استمرار التراتبية الدولية. يتضمّن مشروع «الدمقرطة» أساساً خلق هياكل شكلية لدولة ديمقراطية (انتخابات متعددة الأحزاب، مجتمع مدني فاعل، إعلام «مستقل»، إلخ)، والإبقاء على استمرار سياسات البنك الدولي وصندوق النقد والشركات عابرة القومية وقوى الغرب.

يبدو واضحاً أنّ الاستراتيجيتين معاً تفرضان على نحو متزامن على العالم العربي: تعزيز قمع الدولة ومساندته، وبناء روابط مع منظمات المجتمع المدني. مع ذلك، فمشكلة الغرب أنّه لا يملك قدرة تأسيس روابط قويّة ومستقلّة مع مجموعات المجتمع المدني في معظم بلدان المنطقة. وما يثير السخرية أنّ النظم القمعية التي يدعمها الغرب تقاوم مثل هذه الإجراءات. بهذا المعنى، علينا ألاّ نستغني عن هذه الاحتجاجات والانتفاضات لأنّ الغرب يحرّض عليها، لأنّها بالأحرى ذات منشأ طبيعي محلي يحاول الغرب لاحقاً السيطرة عليها وحرفها عن مسارها.

يركّز الجزء الأول من هذه المقالة على انبعاث تلك الحركات الاجتماعية والانتفاضات، واضعاً إياها في سياق الصحوة السياسية العالمية. أما الجزء الثاني، فسوف يتفحّص الاستراتيجية الغربية التي عنوانها «إمبريالية الديمقراطية» بوصفها وسيلةً لحرف الصحوة عن مسارها وإحلال حكومات «صديقة» محلّها.

الشرارة التونسية.. و(التويتر)

في تموز 2008، ذكرت البرقيات الصادرة عن سفارة واشنطن في تونس أنّ «معظم التونسيين محبطون من انعدام الحرية السياسية وغاضبون من فساد العائلة الاولى والبطالة والجور المحلي. يفرض التطرّف مزيداً من المخاطر» وأنّه «تتزايد المخاطر أمام نظام مستقرّ منذ وقت طويل».

في يوم الجمعة 14 كانون الثاني 2011، انتهى دعم الولايات المتحدة لدكتاتورية الرئيس التونسي بن علي التي تواصلت 23 عاماً. قبل عدّة أسابيع من ذلك اليوم، تصاعد احتجاج التونسيين على ارتفاع أسعار الغذاء، وحضّ عليه تفاقم الاستياء من القمع السياسي، كما حثّت عليه وثائق ويكيليكس التي أكّدت التصوّر الشعبي التونسي عن الفساد الشامل للعائلة الحاكمة. اندلعت الشرارة، على ما يبدو، حين أحرق عاطلٌ عن العمل عمره 26 عاماً نفسه في احتجاج حدث في 17 كانون الأول.

مع موجة الاحتجاجات التي أثارتها شرارة موت الشاب، اتخذت الحكومة التونسية إجراءات صارمة في مواجهة المحتجين. قتل في هذه المصادمات 100 شخص على الأقل، نصف سكّان تونس البالغ 10 ملايين نسمة هم دون الخامسة والعشرين، أي أنّهم عاشوا حياتهم تحت حكم هذا الدكتاتور. منذ استقلال تونس عن الإمبراطورية الفرنسية في العام 1956، لم يحكمها سوى زعيمين: الحبيب بورقيبة وبن علي. ثار الشعب التونسي على أوضاع كثيرة: دكتاتورية قمعية مارست رقابةً شاملةً على الإعلام والإنترنيت، التضخّم وارتفاع أسعار الغذاء، فساد العائلة الحاكمة، انعدام فرص العمل بالنسبة للشباب المتعلّم، وشعورٌ عامٌّ بالاستغلال والاستعباد واحتقار الكرامة البشرية.

بعد خلع بن علي، انتحل رئيس الوزراء محمد الغنوشي سلطة الرئاسة معلناً تشكيل حكومة انتقالية. أثار ذلك مزيداً من الاحتجاجات تطالب باستقالته واستقالة كامل الحكومة. ما يثير الانتباه هو الدور التعبوي الكبير الذي قامت به حركة اتحاد الشغل في الاحتجاجات، إضافةً للدور الفاعل لنقابة المحامين أثناء الاحتجاجات الأولى.

لعبت الوسائط الاجتماعية والإنترنت دوراً كبيراً في حشد الناس للثورة داخل تونس، لكنّها كانت في نهاية المطاف ثمرة الاحتجاجات المباشرة والحراك الذي أوصل إلى إقالة بن علي. إذاً، فالإشارة إلى تونس بوصفها «ثورة التويتر» أمرٌ مخادع.

كان للتويتر وويكيليكس والفيسبوك واليوتيوب والمدونات والمنابر دورٌ في اللعبة. فقد أظهرت القدرة على النقل الجماعي لبيئة الإعلام العربي وحطّمت قدرة الأنظمة الاستبدادية على مراقبة تدفّق المعلومات والصور والأفكار والآراء. [ملاحظة المحرر: مؤسسة بيت الحرية ومقرها في الولايات المتحدة متورطة في تشجيع وتدريب بعض مدوني الفيسبوك وتويتر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (انظر أيضاً: بيت الحرية)].

بين المثالين الإيراني والتونسي

ينبغي أن نتذكّر أيضاً أنّ الوسائط الاجتماعية لم تصبح فقط مصدراً هاماً من مصادر التعبئة والتحريك والمعلومات على المستوى الجماهيري، لكنّها أصبحت أيضاً أداةً فاعلةً بيد الحكومات ومختلف بنى السلطة لمحاولة التلاعب بتدفق المعلومات. ويظهر دليل ذلك في احتجاجات العام 2009 في إيران، حيث أصبحت الوسائط الاجتماعية وسيلةً مهمّةً استطاعت دول الغرب من خلالها دفع استراتيجيتها في تأييد ما أطلقت عليه تسمية «الثورة الخضراء» لزعزعة الحكومة الإيرانية. إذاً، تقدّم الوسائط الاجتماعية شكلاً جديداً من السلطة، سلاحاً ذا حدّين يمكن استخدامه في تقدّم الصحوة أو السيطرة على توجّهاتها.

وفي حين كانت أمريكا تندّد جهاراً بإيران بسبب حجبها (أو محاولة حجبها) للوسائط الاجتماعية في صيف العام 2009 (التي تجاهلها إعلام الغرب تماماً)، صمتت واشنطن والغرب عن الرقابة التي مارستها الحكومة التونسية في الأسابيع الأولى من الاحتجاجات التونسية والتي تجاهلها إعلام الغرب تماماً. علّق ستيفن كوك، المعبّر عن آراء مجلس العلاقات الخارجية، على تجاهل الاحتجاجات التونسية في أسابيع المقاومة التي سبقت خلع بن علي، موضحاً أنّ رهان الكثيرين على أنّ أنظمة «الرجال الأقوياء» العربية ستحافظ على السلطة كما فعلت دوماً، كان خطأً فادحاً. كما ذكر أنّها «قد لا تكون الأيام الأخيرة لابن علي ومبارك وباقي الرجال الأقوياء في الشرق الأوسط، لكن من الواضح أنّ شيئاً ما يحدث في المنطقة». مع ذلك، فقد كانت نهاية بن علي وفي الواقع فإنه من الواضح أنّ شيئاً ما يحدث في المنطقة.

بل إنّ الرئيس الفرنسي ساركوزي اضطرّ للاعتراف بأنّه يتفهّم غضب الشعب التونسي وحركة الاحتجاج التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي. خلال الأسابيع الأولى من الاحتجاجات في تونس، أيّد العديد من المسؤولين الفرنسيين الرسميين الدكتاتورية علناً، وهذا ما عبّرت عنه وزيرة الخارجية الفرنسية بقولها إنّ فرنسا ستساعد بن علي بخبراتها الأجنبية للمحافظة على النظام.

قبل أيام من الإطاحة بزين العابدين بن علي، عبّرت هيلاري كلينتون في مقابلة صحفية عن قلق واشنطن من الاضطراب وعدم الاستقرار، و«إنّنا لا نساند أحد الجانبين، لكنّنا نأمل بإمكانية إيجاد حلّ سلمي. وآمل أن تحقّق الحكومة التونسية ذلك». بل إنّ كلينتون انتحبت «أحد أهمّ مشاغلي في عموم المنطقة أولئك الشباب الذين لا يجدون فرص عمل في بلدانهم». بطبيعة الحال، لا ينبع اهتمامها من أيّ اعتبارات إنسانية، بل ينبع من اعتبارات إمبريالية متأصّلة: صعوبة السيطرة على منطقة تعجّ بالفاعلية والانتفاضات والثورة.

الشرارة تضرم لهباً

عبّدت تونس لشعوب العالم العربي درب المطالبة بالعدالة والديمقراطية والمحاسبة والاستقرار الاقتصادي والحرّية. إذ حالما أدّت الاحتجاجات التونسية إلى التحوّلات الكبرى، عاشت الجزائر احتجاجات جماهيريةً تصاعدت نتيجة الارتفاع العالمي لأسعار الغذاء، فضلاً عن المطالب التي رفعها المحتجون التونسيون مثل المحاسبة الديمقراطية والحرية ومحاربة الفساد. ذكر دبلوماسيٌّ جزائريٌّ سابقٌ للجزيرة في مطلع كانون الثاني: «إنّه تمرّد، وربّما ثورة، شعبٌ مضطهدٌ ينتظر منذ خمسين عاماً العمل والسكن والحياة الكريمة في بلد غنيّ جدّاً».

في منتصف كانون الثاني، اندلعت احتجاجاتٌ مشابهةٌ في الأردن، حين نزل الألوف إلى الشوارع للاحتجاج على ارتفاع أسعار الغذاء والبطالة، مردّدين شعارات ضدّ الحكومة. قام الملك الأردني عبد الله الثاني بـ«تعييين لجنة عمل خاصة في قصره ضمّت مسؤولين في الجيش والاستخبارات لمحاولة منع التمرّد من التصاعد أكثر من ذلك»، وتمّ تطويق المدن الرئيسية بالمدرّعات إضافةً إلى إقامة الحواجز ونقاط التفتيش.

في اليمن، أفقر بلدان العالم العربي، المنغمسة في حرب ضدّ شعبها تشرف عليها واشنطن، والتي يحكمها دكتاتور يقبض على السلطة منذ العام 1978، تظاهر الآلاف احتجاجاً على الحكومة، مطالبين علي عبد الله صالح بالتنحّي. في العاصمة صنعاء، ردّد آلاف الطلاّب والناشطين والمجموعات المعارضة شعارات من قبيل: «ارحل، ارحل يا علي، التحق بصديقك بن علي». يعيش اليمن اضطرابات هائلةً في السنوات الأخيرة، ترافقها حركة تمرّد في الشمال تشكّلت في العام 2004. فضلاً عن حركة انفصالية واسعة في الجنوب تدعى «الحراك الجنوبي»، تكافح من أجل التحرّر منذ العام 2007. وكما توضح الفايننشال تايمز:

«يرى كثيرٌ من المراقبين أنّ الغضب والمشاعر الانفصالية المحتدمة في الجنوب تشكّل تهديداً متزايداً على استقرار البلد أكثر من صراعه مع القاعدة، كما أنّ الاقتصاد المتدهور يفاقم التوتر.. تتصاعد البطالة، خاصةً في صفوف الشباب، فمكتب الإحصاء الحكومي في عدن يقدّرها بحوالي 40 بالمائة في صفوف الشباب بين 20 و24 عاماً».

في 21 كانون الثاني، خرج عشرات آلاف المحتجين إلى الشوارع في ألبانيا بعد أن حشدتهم المعارضة الاشتراكية، وانتهى الأمر بصدامات عنيفة بين الشرطة والمحتجين أدّت إلى وفاة ثلاثة متظاهرين. تفرّقت الاحتجاجات في ألبانيا منذ انتخابات العام 2009 المتنازع عليها، لكنّها اتّخذت سويّات جديداً بتأثير من تونس.

«إسرائيل» تصاب بالهلع!

شدّد سيلفان شالوم نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي على الخشية من المشاعر الثورية في العالم العربي، قائلاً: «أخشى أنّنا نواجه اليوم طوراً جديداً وحاسماً في العالم العربي». ويخشى من أن تكون تونس «سابقةً يمكن أن تتكرّر في العديد من البلدان، ومن الممكن أن تؤثّر مباشرةً على استقرار نظامنا». تخشى القيادة الإسرائيلية من الديمقراطية في العالم العربي، فتحالفاتها الأمنية مع الدول العربية الرئيسية وهي دولٌ وكيلةٌ، مع إسرائيل نفسها، لواشنطن في المنطقة. وفي حين تنتقد دولٌ عربيةٌ إسرائيل علانيةً، تضطرّ سرّاً للقبول بعدوانية إسرائيل العسكرية خشية مواجهة القوّة العظمى، أمريكا. مع ذلك، فالرأي العامّ في العالم العربي معاد بشدّة لإسرائيل وأمريكا ومؤيّدٌ لإيران.

*أندرو غيفين مارشال باحثٌ مشاركٌ في مركز أبحاث العولمة، ساهم مع ميشيل شوسودوفسكي في تحرير كتاب «الأزمة الاقتصادية العالمية: الكساد الكبير في القرن الواحد والعشرين»، ويعمل حالياً على كتاب قادم بعنوان: «حكومة عالمية».