من أجل جبهة عمالية شعبية واسعة في مواجهة المراكز الإمبريالية

من أجل جبهة عمالية شعبية واسعة في مواجهة المراكز الإمبريالية

يشهد العالم الآن حراكاً واسعاً للشعوب في مواجهة نتائج الأزمة الرأسمالية العميقة التي راحت تضرب الأطراف وتنهكها بعدما ضربت المراكز الإمبريالية وأحدثت بها هزّات كبرى، هذه الأزمة التي وصلت محاولات حلها إلى طرق مسدودة في إيجاد مخارج تنقذ المنظومة الرأسمالية من الانهيار الحتمي الذي ينتظرها بسبب التناقضات العميقة التي تتفاعل داخلها والتي لها صلة ببنية النظام، إذ على امتداد الثلاثين سنة الأخيرة أخذ رأس المال بالانصراف نحو تحقيق الربح الأقصى من خلال المضاربات المالية هذا من جهة، ناهيك عن استمرار تناقض الرأسمالية مع مصالح الشعوب والطبقة العاملة من جهة أخرى، الشعوب التي اكتوت ومازالت تكتوي بنار السياسات الاقتصادية الليبرالية للرأسمالية التي تحاول حل أزمتها المستعصية على حساب الطبقة العاملة والشعوب الفقيرة على امتداد المعمورة.

 

بين الماضي والحاضر

إن الأزمة الحالية ليست كمثيلاتها من الأزمات الدورية التي ضربت النظام الرأسمالي من قبل، كما حدث في الثلاثينيات من القرن الماضي مثلاً، حيث نتج عنها سريعاً آنذاك الحرب العالمية الثانية، والتي دارت رحاها بين الإمبرياليات نفسها لتقاسم الثروات والنفوذ، فخسرت فيها وجرّاءها الشعوب ملايين من القتلى وآلاف المدن المدمرة في أوروبا وآسيا وأفريقيا، بينما كان الرابح الرئيسي من هذه الحرب الإمبريالية الأمريكية التي خرجت من الحرب الطاحنة بكامل قواها العسكرية والاقتصادية، لأن المعارك جميعها والتدمير الذي نتج عنها كان خارج أراضيها، وهذا مكّن الإمبريالية الأمريكية من أن تكون الرابح الوحيد، خصوصاً وقد تزعمت عملية البناء الواسعة والكبيرة في أوروبا المدمرة من خلال طرحها لمشروع مارشال، والذي أصبحت أوروبا من خلاله قابعة تحت جناح الإمبريالية الأمريكية، وراحت تسير مرغمة في ظل السياسة الأمريكية وبرامجها التوسعية العدوانية في العالم.

لكن بعد الحرب العالمية الثانية نشأ وضع جديد وموازين قوى جديدة عقب الانتصار الكبير على النازية الذي لعب فيه الاتحاد السوفيتي دوراً رئيسياً، مقدماً أكثر من عشرين مليوناً من القتلى وألفاً من المدن المدمرة، والذي استطاع خلال فترة زمنية قياسية استعادة قواه السياسية والعسكرية التي خسرها في الحرب الوطنية العظمى، واستطاع إنشاء المعسكر الاشتراكي في مواجهة الحلف الإمبريالي الجديد (الحلف الأطلسي).

لقد كان لهذا الوضع الجديد أثر واضح ودور بارز في نهوض الشعوب التي كانت تخضع للاحتلال العسكري المباشر الفرنسي والانكليزي الايطالي، فقد خاضت الشعوب المستعمرة حربها المقدسة ونضالها من أجل الاستقلال وطرد المستعمر من أراضيها وقد حصلت هذه الشعوب عليه بفضل الدعم الكبير الذي قدمه الاتحاد السوفيتي لحركات التحرر الوطني اقتصادياً وعسكرياً. لذلك فقد عدلت الإمبريالية من استراتيجياتها السياسية والعسكرية بناء على مجمل التغيرات التي حدثت في موازين القوى العالمية، فلم يعد بمقدور كلّ من الإمبريالية الأمريكية والغربية استخدام القوة العسكرية من أجل الهيمنة على مقدرات الشعوب كشكل وحيد كما في السابق، بل بدأت باستخدام الهيمنة الاقتصادية مدعومة بالقوة العسكرية، وساعدها في ذلك فشل المحاولات للدول المستقلة في تأمين التطور الاقتصادي والسياسي الضروري لشعوبنا بسبب الطبقة البرجوازية للأنظمة التي حكمت بعد الاستقلال، والتي أقامت الصلات المختلفة الاقتصادية والسياسية مع المراكز الرأسمالية مما سمح لهذه المراكز في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي بالهجوم العنيف الذي استهدف استدراج العالم الثالث إلى تبعية تخضع نظمه السياسية والاقتصادية دون استثناء إلى منطق التوسع الرأسمالي، الذي لعب دوراً رئيسياً في خلق الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، حيث ازدادت نسب البطالة والفقر وبرز بشكل فاقع تدني الأجور غير المتناسبة مع غلاء الأسعار، وتحرير الأسواق وفتحها على مصراعيها أمام الاستثمارات الأجنبية الموجهة سياسياً من المؤسسات المالية الرأسمالية للاستمرار في المشاريع الريعية وعدم الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي، الزراعي والصناعي، الذي يحقق نسب النمو الضرورية للتنمية الشاملة والمستدامة، والذي يعد الخيار الأوحد لحل تلك الأزمات المستعصية التي هي جزء من بنية النظام الرأسمالي.

الإمبريالية والمؤسسات الدولية

لقد أسست الإمبريالية والمراكز الرأسمالية مؤسساتها المالية والسياسية من أجل تحقيق هيمنتها على اقتصاديات بلدان العالم الثالث ومنها بلادنا العربية، وهذه المؤسسات هي (البنك الدولي، منظمة التجارة العالمية، الحلف الأطلسي، مجموعة الثماني، الشركات المتعددة الجنسية)، لتعمل هذه المؤسسات بشكل متناغم من أجل تحويل العالم إلى سوق موحدة تسير وفقاً لآليات النظام الرأسمالي وقيمه ومفاهيمه، حتى وإن اشتدت المنافسة بينها أحياناً حول نصيب كل منها من هذه السوق، مفعلة في ذلك مؤسساتها المالية والسياسية في اتجاهين يخدمان القوى الرأسمالية في تحقيق نهبها وسيطرتها وهيمنتها:

الاتجاه الأول: توحيد الطبقات العليا (الرأسمالية الاحتكارية) في معظم بلدان العالم تحت قيادة واحدة، وخاصة تلك الشرائح المالية الفنية ومجموعات النخبة الحاكمة في بلدان العالم الثالث.

الاتجاه الثاني: هو تفتيت المكونات الاجتماعية في العالم، وخصوصاً في الدول الأكثر هشاشة أو الدول (الرخوة) وبخاصة في أفريقيا وآسيا، على أساس طائفي أو عرقي أو قبلي.

إن مفهوم الرأسمالية العميق هو اعتبار الكرة الأرضية بكاملها سوقاً يكون انفتاحها الأقصى شرطاً (لنمو) المجتمعات الحديثة، وذلك حسب الإيديولوجية السائدة للإمبريالية.

لقد روج علماء الاقتصاد الرأسماليون كثيراً مقولة «أبدية» النظام الرأسمالي، وأن الأزمة الحالية التي تمر بها الرأسمالية يمكن تجاوزها عبر إجراءات استثنائية كضخ مليارات الدولارات للبنوك والمصارف التي أعلنت إفلاسها، وبإجراءات تقشفية في ميزان المدفوعات لتخفيف نسب العجز في الموازنات، وتقليل نسب التضخم التي بلغت مستويات عالية لعبت دوراً كبيراً في تدني المستوى المعيشي للفقراء وللطبقة العاملة وساهمت في توسيع دائرة الفقر والبطالة وخفض الضمان الاجتماعي.

إن البيانات الصادرة عن المراكز الرأسمالية دللت بشكل مطلق على عمق الأزمة الرأسمالية بما فيها ميزانها التجاري للدولار الأمريكي، حيث من المتوقع أن يكون /150/ بليون دولار، وقد يصل إلى /1.6/ تريليون دولار هو أعلى قيمة له منذ الحرب العالمية الثانية، فقد قدر نسبة /1%/ من الناتج المحلي الإجمالي للدولار، وتقدر الديون بأكثر من /14/ تريليون دولار أمريكي وهو ما يشكل /68%/ من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا الوضع المتأزم لم يصب الولايات المتحدة الأمريكية فقط، بل أصاب الأنظمة الاقتصادية الرأسمالية الصغيرة في آسيا (النمور الأسيوية) ودول الخليج، وكذلك الدول الأوربية كـ(اليونان، إسبانيا، إيطاليا، هنغاريا، إيرلندا، البرتغال)، وهذه الدول تعيش أزمة اقتصادية حقيقية لم تنفع معها كل المسكنات التي أعطيت وقدمت لها من البنك الدولي أو من الاتحاد الأوربي لتخفيف الأزمة عنها، والتي انعكست على شعوبها بشكل واضح وجلي بارتفاع نسب البطالة وازدياد نسب الفقر، وانخفاض أجور العمال وتقليص الخدمات الصحية والتعليمية ورفع سن التقاعد وفقدان الممتلكات بسبب الديون المستحقة للمصارف.. ولهذا فإن الرأسمالية تكشف عن وجهها الحقيقي ليس فقط في البلدان النامية أو ما يسمى (بالعالم الثالث) ولكن أيضاً في محيط المراكز الامبريالية.

إزاء هذا الوضع الكارثي الذي سبيته الرأسمالية (كيف هو المخرج من وجهة نظرها)؟!

الحرب.. رئة الرأسمالية!

إن التجربة التاريخية للرأسمالية تقول إنه مع كل أزمة تصاب بها الرأسمالية يكون حلها عن طريق الحرب لأن الأزمات الرأسمالية تتلازم معها الحرب دائماً، وفي هذه الأزمة الأخيرة والمختلفة عن الأزمات السابقة من حيث العمق والقدرة على إيجاد الحلول والمخارج، فإن الإمبريالية الأمريكية لا ترى لها مخرجاً إلا بالحرب والعودة مجدداً إلى العقلية الاستعمارية المباشرة التي ناضلت الشعوب للتخلص منها، وتحررت في مراحل سابقة عندما كان هناك توازن في القوى بسبب وجود المعسكر الاشتراكي والقوة الضاربة للاتحاد السوفيتي والنهوض العارم لحركات التحرر الوطني والدور القوي للنقابات العمالية خاصة في أوروبا حيث انتزعت الكثير من الحقوق والمكاسب في ظل ذاك التوازن في موازين القوى العالمية.

أما الآن، ومع تفرد الولايات المتحدة الأمريكية كقوة رئيسية تتحكم بالعالم اقتصادياً وعسكرياً، ومع انفجار الأزمة وتعمقها وإصابتها للاقتصاد الحقيقي، بدأت الإمبريالية الأمريكية تخترع أعداء وهميين لها في الخارج يهددون الأمن الأمريكي والمصالح الأمريكية، فاخترعت شعار مكافحة الإرهاب الذي تمثله القوى الإسلامية المتطرفة حسب التعبير الأمريكي، والتي لعبت هي بالذات في خلقها وإيجادها ودعمها بالمال والسلاح لمحاربة الخطر الشيوعي، تلك الفزاعة التي كانت تخيف بها الدول والحكومات وتجند كل القوى المتطرفة لمواجهة ذاك الخطر، والآن انقلب السحر على الساحر، فأصبحت تلك القوى هي العدو رقم واحد، والضرورة الاستعمارية تقتضي تفجير بؤر التوتر توسيع قوس التوتر مستخدمة كل ما تملكه في ترسانتها من إمكانيات سياسية وعسكرية، مختلفة الحجج والبراهين المختلفة من أجل القيام بالضربة الوقائية الأولى، قاطعة الطريق على أي نهوض شعبي جماهيري قد يعيق خططها العدوانية في تنفيذ تلك الاستراتيجيات الجديدة كما حدث في احتلال أفغانستان واحتلال العراق، تارة لضرب تنظيم القاعدة وطالبان، وتارة أخرى لتفكيك أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها العراق، وذلك من أجل منع العراق من توجيه ضربة للكيان الصهيوني. والآن تطرح الإمبريالية الأمريكية السيناريو ذاته في مواجهة إيران مدعية أنها تملك أسلحة دمار شامل، ومفاعلات نووية قد تنتج قنابل نووية تخل بميزان القوى العسكري المختل الآن لمصلحة الكيان الصهيوني باعتباره يملك ترسانة من الرؤوس والقنابل النووية.

إن الولايات المتحدة والغرب الإمبريالي معها، يرون في منطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية خزان الثروات الحقيقي الذي لا ينضب، والتحكم والسيطرة على هذا الخزان يعني التحكم بمصادر الطاقة في مواجهة القوى الاقتصادية الصاعدة والمنافسة لها مثل (الصين والهند ودول أمريكا اللاتينية)، حيث بدأت تغزو منتجاتهم الأسواق وتنافس الإنتاج الأمريكي في الصناعات التي تتطلب تكنولوجيا متطورة وفي عقر داره، مما يعني تعميق أزمته الاقتصادية أكثر، ولذلك فإن المخرج الوحيد للإمبريالية الأمريكية هو توسيع رقعة الحرب وزيادة بؤر التوتر من خلال استخدام التفتيت الطائفي والعرقي وتقسيم ما هو مقسم وفقاً لاتفاقية سايكس بيكو وغيرها من الاتفاقيات التي تجعل العالم الثالث ذا أهمية خاصة في إستراتيجية الهيمنة الأمريكية، التي هي الأساس في التفكير العسكري المتواصل حول «وسائل التدخل المناسبة».

النقابات في مواجهة الإمبريالية

في المؤتمر السادس عشر لاتحاد نقابات العمال العالمي، طرح شعار في غاية الأهمية من حيث المحتوى والمضمون وهو يتوجه بشكل دقيق إلى الطبقة الأكثر ثورية في العالم، والتي لها مصلحة في مواجهة الهيمنة الرأسمالية لتناقضها الأساسي مع الرأسمالية وهذا التناقض الأبدي بين الرأسمال والعمل والذي لا يزول إلا بزوال الرأسمالية كنظام استغلالي ينهب فائض القيمة الذي تخلقه الطبقة العاملة بجهدها وعرقها ودمها.

لقد طرح الاتحاد النقابي العالمي الشعار (أيها العمال ثوروا ضد الرأسمالية الهمجية من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وعالم خال من الاستغلال). لقد تعرضت الطبقة العاملة لأوسع هجوم رأسمالي أصاب حقوقها ومكاسبها، في ظل تراجع كبير في دور الحركة النقابية المفترض بها أنها المدافعة عن تلك الحقوق والمكاسب، وضعف الحركة النقابية المفترض أنه ناتج عن التسوية الطبقية التي جرت في السنوات الماضية بين رأس المال والعمل كضامن مفتاحي للسلام والاستقرار المحليين، فتدخلت الدول بفاعلية في السياسية الصناعية وفرضت معايير الأجر الاجتماعي عبر إنشاء أنظمة رفاه اجتماعية متنوعة (الصحة، التعليم، الضمان الاجتماعي، إلخ)، وما كانت هذه التسوية الطبقية لتتم لولا قدرة المراكز الرأسمالية على تقسيم وتفتيت الحركة النقابية وظهور الكثير من الحركات النقابية الصفراء المتوافقة مصالحها مع مصالح تلك المراكز الرأسمالية، ولكن تعمق الأزمة العامة للرأسمالية كشف ذاك الدور القذر للحركات النقابية الصفراء في مهاودة ومساومة المراكز الرأسمالية على المصالح الحقيقية للطبقة العاملة، ومنها العمل المستقر، حيث أن شبح فقدان العمل بسبب استقرار البطالة تدفع بالنمو الاقتصادي بلا عمالة جديدة يحمل العمال على قبول تنازلات حتى على مستوى الأجور الحقيقة التي انخفضت إلى النصف في الفترة الأخيرة مع فقدانه جزءاً كبيراً من الضمان الاجتماعي ورفع سن التقاعد... ومن لا يوافق على هذه الإجراءات أو يقبل بها فإن مصيره إلى الشارع لأن صاحب العمل يملك حق إنهاء العقد في أي وقت، والعقد أصلاً لمدة محددة وينص على إمكانيات الإنهاء قبل انتهاء المدة المحددة، وبناء على هذا فقد مئات الألوف من العمال وظائفهم وعملهم الدائم، وأصبح جزء منهم يعمل بعمل جزئي في اليوم أو عدة أيام في الأسبوع مما أثر على المستوى المعيشي للعمال وتدني الأجور إلى مستويات غير مسبوقة، وهذا لا نجده أيضاً في أوروبا فقط، بل انتقل إلى عالمنا الثالث وخاصة في منطقتنا العربية، حيث تعرضت الطبقة العاملة لخسائر كبيرة في حقوقها بسبب تبني توصيات صندوق النقد والبنك الدوليين، اللذين تقدما بها إلى الحكومات التي تبنت السياسات الاقتصادية الليبرالية فلعبت دوراً أساسياً في تمركز الثروة بأيدي اللصوص الجدد وازدياد نسب الفقر والبطالة وأعداد المهمشين، ما أدى إلى خلق بؤر توتر اجتماعية انفجرت بشكل متسارع، وراحت الجماهير تطالب بحقوقها المشروعة السياسية والاقتصادية وفي مقدمتها إعادة توزيع الثروة المنهوبة أصلاً من عرق وجهد الشغيلة إلى من أنتجها. إزاء هذا الوضع الخطير الذي يحيط بالطبقة العاملة في العالم فإن ذلك يقتضي أوسع تحالف للحركات النقابية التي تتبنى خطاً جذرياً في مواجهة القوى الرأسمالية، وهذا ما نشاهده الآن من تحركات جماهيرية واسعة للنقابات في أوروبا من خلال المظاهرات والاحتجاجات الواسعة على الإجراءات الحكومية التي تمس المصالح الجوهرية للطبقة العاملة، ولتوسيع المجابهة مع الإمبريالية فإن الحركة النقابية الطبقية وحركة الطبقة العاملة بشكل عام مطالبة بإنشاء جبهة إيديولوجية قوية مقاومة للقوى الرأسمالية وحلفائها من النقابات الصفراء التي تريد تشويش عقول العمال فيما يخص أسباب الأزمة المالية وكيفية الخروج منها.

يا عمال العالم...

إن حركة العمال يجب أن تكون المحرك الأساسي في المواجهة وليست للعب دور رجال الإطفاء.. إن الشرط الرئيسي لذلك هو تغيير الوضع في الحركة العمالية وهزيمة القوى السياسية والنقابية الموالية لأرباب العمل المتمسكة بالإصلاحية والانتهازية، ولهذا فإن على حركة العمال أن تقول (لا) لمراكز الإمبريالية، بغض النظر عن موقعها الجغرافي، ومواصلة الكفاح من أجل مصالحها المباشرة ودون التنازل عن وجهة نظرها، والتي هي باختصار: إسقاط الرأسمالية والقضاء على استغلال الإنسان للإنسان. إن هذا يضع على عاتق الحركة النقابية والعمالية في أوروبا مهاماً إضافية في مساندة ومؤازرة الحركة العمالية والنقابية في بلداننا من أجل تحقيق الأهداف نفسها التي تناضل لأجلها الحركة العمالية في أوروبا، مضافاً إليها مواجهة القوى الاستعمارية التي تسعى إلى احتلال أراضيها. ومن هنا فإن الطبقة العاملة والقوى السياسية الشريفة في بلداننا تتحمل مسؤوليات إضافية، فهي تناضل طبقياً من أجل انتزاع حقوقها، وتناضل وطنياً لصد قوى العدوان الأمريكي والغربي على أوطاننا المتحالف مع قوى المال المحلية التي لا ترى إلا مصالحها وإن كانت على الدبابات الأمريكية.

وأخيراً نقول: إن تحالف شعوب الشرق العظيم مع كفاح الطبقة العاملة والحركة النقابية في أوروبا لمواجهة قوى النهب والاستغلال هو الضمانة من أجل تحقيق السلام والاشتراكية، حلم الشعوب المقهورة والمضطهدة والمستغلة.