الدردري.. القاتل الاقتصادي!!
علي عبود علي عبود

الدردري.. القاتل الاقتصادي!!

لايمكن تفسير إعجاب البعض بشخصية عبد الله الدردري وسياساته الليبرالية المتوحشة التي خرّبت البلاد والعباد إلّا من خلال مقولة «إن الطيور على أشكالها تقع»!
وهذه الحماسة المنقطعة النظير للدردري التي يعلنها على الملأ حتى الآن مريدوه ومناصروه بصفاقة ودون أي إحساس بالوطن والناس لايمكن أن تصدر عن «أغبياء»، وإنما تأتي في سياق نهج لايؤمن إلا بالمصالح الخاصة والعلاقات الشخصية والمصلحية أو من قصيري النظر!

لقد شغر منصب النائب الاقتصادي مع صدور مرسوم تأليف حكومة الدكتور عادل سفر بتاريخ 14/4/2011 وليس «منذ حزيران 2011»!!
قيل وقتها: «تم إخراج عبد الله الدردري خارج الحكومة نهائياً بعد أن شغل منصب نائب رئيس مجلس  الوزراء للشؤون الاقتصادية، حيث كان يدير الملف الاقتصادي بطريقة إعلامية ويتداول أنه سيتم تكليفه بموقع جديد للاستفادة من مقدرته الكلامية والترويجية» وهذا ماحدث فعلا!
وبالتالي بقي المنصب شاغراً لمدة 14 شهراً وليس لـ«عام ونيف»!
صوّروا شغور منصب النائب الاقتصادي بـ«خروج الدردري» منه وكأنّه أمر جلل لم يحدث بتاريخ سورية من قبل.. وهذا «تضليل» واستخفاف بعقول السوريين!
لقد شغر منصب النائب الاقتصادي للمرة الأولى في 19/8/2003 أي بتاريخ إعلان حكومة المهندس محمد ناجي عطري، وكان يشغل هذا المنصب الدكتور محمد الحسين من 12/12/2001 وحتى 18/8/2003 أي لمدة تزيد على عشرين شهراً.
وبالتالي فقد شغر منصب النائب الاقتصادي من تاريخ 19/8/2003 وحتى 14/6/2005.. أي أن المنصب بقي شاغراً لمدة 22 شهراً «وليس 21 شهراً» دون أن يشعر أحد بأي نقص في الأداء الحكومي، بل على العكس كانت الأمور أفضل بكثير قبل تعيين الدردري الذي كان «نذير شؤم» على سورية.. ولا يزال!
(بصمات كارثية)
لقد شغل منصب النائب الاقتصادي شخصيتان من خارج حزب البعث هما الدكتور سليم ياسين وعبد الله الدردري، وكانت لكل منهما بصمة «كارثية» على الاقتصاد السوري!
الأول تكفل بالتواطؤ مع رئيسه خلال عقد تسعينيات القرن الماضي بتنفيذ مهمة الإجهاز على كل ماهو عام لمصلحة كل ما هو «خاص»، والثاني نجح «بالتواطؤ أيضاً مع رئيسه» بالإجهاز شبه التام على قطاعي الزراعة والصناعة لمصلحة الاقتصاد الريعي من خلال تطبيق سياسات ليبرالية متوحشة استهدفت البلاد والعباد!
ولولا اندلاع الأزمة والحرب الخارجية على سورية لاستمر الدردري في سياساته المناهضة لكل ماله علاقة بالإنتاج الصناعي والزراعي!
بل لا نستغرب إحساسه بالندم لأنه لم يُكمل مهمة تخريب البلاد والعباد!
هذه هي بصمات الدردري في سورية التي ندفع ثمنها جميعا هذه الأيام من خلال إفقاره للشريحة العظمى من السوريين ولتحويل البلاد من منتج للحبوب إلى مستورد لها للمرة الأولى بعد عقدين من الزمن من الاكتفاء الذاتي من هذه المادة الأساسية الاستراتيجية التي تستخدمها أمريكا كوسيلة فعالة في حربها على كل من يعارض سياساتها!
لقد افتخر وتفاخر الدردي في مجلس الشعب بانخفاض العاملين في الزراعة دون أن يسأله أحد عن مصير عشرات الآلاف من الذين اضطروا لترك أرضهم.. والسؤال: ماذا يفعلون الآن؟
(افتراء واستخفاف بالعقول)
والزعم بأن الدكتور قدري جميل الذي خلف الدردري لم يترك أي بصمة في الشأن الاقتصادي ولم يحقق أي إنجاز.. هو افتراء واستخفاف بالعقول!
لا ندافع عن الرجل فهو أقدر منا بالرد على منتقديه ومعارضيه لكن الواقع يقول إن الرجل لم يشغل منصب النائب لأكثر من 16 شهراً (من 23/6/2012 إلى 29/10/2013)..!
وبغض النظر عن قصر المدة التي شغلها الدكتور جميل في منصب النائب الاقتصادي ورغم الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد والتي تحول دون تنفيذ خطط اقتصادية واجتماعية.. فإن الرجل لم يكن يرأس كسلفيه (ياسين والدردري) فريقاً اقتصادياً، ولم يكن مدعوماً ومفوضاً من رئيسه، بل لم يكن أكثر من عضو غير فعال في لجنة اقتصادية برئاسة رئيس الحكومة الدكتور وائل الحلقي منذ 14/11/2012..!
وبالتالي لم ينفرد الدكتور جميل بمنصب النائب الاقتصادي سوى لمدة  خمسة أشهر تقريباً وبلا فريق اقتصادي، وجل عمله كان «الاعتراض» على سياسات الحكومة باعتراف رئيسها في حوار معه على الفضائية السورية!
واتهام النائب السابق الدكتور جميل بالتنظير.. ينسحب على جميع النواب السابقين (والوزراء والمديرين العامين أيضاً).. بل إن الدردري حرص على إتحافنا بإطلالاته التنظيراتية يومياً في الإعلام المحلي والخارجي، وفي الندوات والمؤتمرات.. ولا يزال يمطرنا بتنظيراته عن مستقبل سورية مستغلا منصبه «الأممي» القديم الجديد!
(بصمات أم واجهات؟)
أما الحديث عن «بصمات» وإنجازات هذا أو ذاك النائب الاقتصادي فهو مجرد لغو.. بل هو جهل تام بالواقع الحكومي في سورية!
النائب الاقتصادي ليس أكثر من «واجهة» لرئيس الحكومة.. فلا الدستور القديم ولا الدستور الجديد ينص على صلاحيات للنائب الاقتصادي!
أكثر من ذلك ففي حين أن الوزير دستورياً «هو الرئيس الإداري الأعلى لوزارته ويتولى تنفيذ السياسة العامة للدولة فيما يختص بوزارته»، فإن الدستور بنسختيه القديمة والجديدة لا يمنح أية صلاحية لنواب رئيس الحكومة، ويقتصر دور النائب «دستورياً» على حضور جلسات الوزراء والمشاركة بالنقاش وإبداء الرأي فقط في حال لم يفوضه رئيس الحكومة بالصلاحيات!
وبكلمات أكثر وضوحاً.. النائب الاقتصادي هو الناطق الرسمي والمنفذ الأمين لسياسات رئيس الحكومة طالما يحظى بثقته المطلقة!
(الزعبي – ياسين ووصفات البنك الدولي)
وبوجود رئيس حكومة قوي مثل الدكتور عبد الرؤوف الكسم (1980ـ1987).. لم تكن هناك فعالية تُذكر للنائب الاقتصادي أو الخدمي، في حين فوّض المهندس محمود الزعبي النائب الدكتور سليم ياسين بتنفيذ سياسات البنك الدولي دون تبني رسمي لهذه السياسات التي كان من أبرز خطوطها تجميد الرواتب والأجور وتهميش دور القطاع العام وتعظيم دور القطاع الخاص!
واقتصر دور حكومة المهندس محمد ناجي عطري على استكمال سياسات حكومة الزعبي.. ففوض نائبه الاقتصادي الدردري بتنفيذ سياسات اقتصادية ليبرالية متوحشة أبرز خطوطها تهميش الدور التدخلي للدولة في الاقتصاد وتهميش قطاعي الصناعة والزراعة، والتقليص التدريجي لسياسات الدعم الاجتماعي، وتعظيم القطاع الريعي ومنح القطاع الخاص الدور الأكبر في الاقتصاد، ما أدى إلى إفقار الغالبية العظمى من السوريين وزيادة ثروات قلة على حساب البلاد والعباد!
ربما السؤال الذي لم يجرؤ أحد على طرحه هو: من يُسيّر.. من؟
بتوضيح أكثر: هل رئيس الحكومة الذي لم يصل إلى منصبه بإمكاناته الفذة.. يخضع لنفوذ نائبه الاقتصادي أم أن النائب الذي لم يصل أيضاً لمنصبه بإمكاناته الاستثنائية يخضع لرئيس حكومته؟
(الدستور ونواب رئيس الحكومة)
دستورياً نائب رئيس الحكومة غير مسؤول لأنه ينفذ سياسات رئيس الحكومة.. أي عملياً، أي بصمات على المشهد الاقتصادي هي من إنجازات رئيس الحكومة ولا أحد غيره!
والإشارة إلى تفصيلات مثل إعفاء بعض المديرين «سواء كانوا ناجحين أم فاشلين» وتعيين جدد بدلاً عنهم فهي سياسة يمارسها كل رؤساء الحكومات والوزراء بلا استثناء، ولا علاقة للأمر هنا بالنزاهة والاستقامة بخاصة إذا صدرت مثل هذه العبارات من أناس مشكوك أصلاً بنزاهتهم ومشهود لهم بالفساد!
نعم.. لقد أثبتت التجارب الماضية ضرورة وحيوية منصب النائب الاقتصادي.. فبدونه كيف يمكن لرئيس الحكومة أن يترجم سياساته على أرض الواقع؟
من الغباء وكثرة الاستخفاف بالعقول مقارنة أداء نائبين اقتصاديين كالدكتور خالد رعد والدكتور قدري جميل «الأول شغل المنصب لمدة 15 شهراً فقط والثاني لمدة 16 شهراً وبلا فريق عمل» بالنائب الدكتور سليم ياسين الذي شغل المنصب لأكثر من عقد من الزمن (وهو الأكاديمي والتنظيري بامتياز الذي كان يحاضر بالمديرين العامين).. أو بالنائب الاقتصادي عبد الله الدردري الذي شغل المنصب بحدود خمسة أعوام والذي عاد إلى سورية «في ظروف لم تتضح خلفياتها إلا الآن» في مطلع تسعينيات القرن الماضي مديراً لمكتب جريدة الحياة السعودية..
فالرجل لم يكن أكثر من «قاتل اقتصادي».. ولا يزال!
كما أن الدكتور محمد الحسين شغل منصب النائب الاقتصادي لمدة 20 شهراً (من 12/12/2001 حتى 18/8/2003).. وبالتالي من الظلم مقارنته بالنائبين السابقين ياسين والدردري!
(هزلت..!)
وبالمحصلة نقول: هزلت فعلاً أن يُرشح البعض أحد الفاسدين الذي بنى ثروته من المال العام أو معارض يفتخر بصداقته الوثيقة بأجير لدى الأمريكيين وأعراب الخليج  كالدكتور برهان غليون لمنصب النائب الاقتصادي!
ولا نستغرب لمن يفخر ويفتخر بصداقته الشخصية للدردري أن يرشح أسماء كهذه أو تراوده أحلام بعودة الدردري كلاعب أساسي في مستقبل سورية في القادم من الأيام..!
قلناها في البداية لايمكن فهم هؤلاء إلا من خلال مقولة «إن الطيور على أشكالها تقع»!!
أنصح كل المعارضين أو المؤيدين لسياسات الدردري بقراءة كتاب جون بركنز «الاغتيال الاقتصادي للأمم: اعترافات قرصان اقتصاد».. ليكتشف أن الدردري هو قاتل اقتصادي في خدمة الأمريكان!

عن «دام برس»
العناوين الفرعية من «قاسيون»