مبدأ التشاركية المزاجي
أديب خالد أديب خالد

مبدأ التشاركية المزاجي

تعتمد وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مبدأ التشاركية في خطة عملها حسب زعمها وهي الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي والمنظمات غير الحكومية، والهدف منها استمرار النهج التشاركي الذي تعتمده الوزارة حسب زعمها لتطوير الشراكات ومد جسور التواصل والحوار مع كافة شرائح المجتمع لاستقطابهم وإشراكهم بالقرارات والأنظمة والسير الإجراءات التي تتعلق بواقع العمل الأهلي وعمله للنهوض به، وقد تحدث وزير العمل عن البدء بورشات العمل لاعتماد فلسفة الوزارة حول التشاركية مع القطاع الخاص والمجتمع الأهلي للنظر إلى هذا القطاع لتحديد دوره في المجتمع والشراكة مع الحكومة لتنفيذ السياسات العامة على الأرض ليكون منتجاً وشفافاً أكثر.

حديث الوزارة هذا جيد جداً، وحبذا لو تم اعتماد التشاركية مع جميع شرائح المجتمع وإشراكهم في دراسة وإصدار جميع القوانين التي تهمهم وليس فقط المتعلق بالعمل الأهلي، خاصة أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل معنية بدراسة ووضع أهم القوانين الاجتماعية وهو قانون العمل الذي يهم غالبية الشعب السوري ويحدد أهم تفاصيل حياتهم، فوزارة العمل والحكومة من ورائها تعمدت دائماً دراسة قوانين العمل وإقرارها من دون إجراء تشاور مع أصحاب المصلحة الحقيقيين والمباشرين وهم العمال، ودائماً ما تفرض قوانين العمل من فوق على العمال دون أخذ رأيهم رغم أهمية قانون العمل لحياتهم لتعلقها بأدق تفاصيلها.

أهمية قانون العمل

فأهمية قانون العمل أكثر أهمية بكثير من العمل الأهلي ويحتاج إلى نقاش واسع خاصة أنه بات يحتاج إلى تعديل، لمخالفته نصوص الدستور عام 2012 ولأن القانون الحالي بات معيقاً لتطوير علاقات الإنتاج وعلاقة العمل وأثبت فشله بسبب الإجحاف الذي لحق بالعمال ولأن قوانين العمل تحدد أسس علاقات الإنتاج وعلاقة العامل برب العامل ورغم اعتراف الكثير من المراقبين والحقوقيين وبعض المسؤولين في الوزارة بضرورة تعديله إلا أن الوزارة تتحدث كل فترة عن إعداد مشروع جديد لتعديل قانون العمل دون توضيح أي تفاصيل أخرى، وكأنها يجب أن تبقى تلك التعديلات سرّاً وبعيدة عن الإعلام ويحرم إفشاؤها ولا يجب مشاركتها مع أصحاب المصلحة الحقيقيين.

إغلاق الأبواب لتكميم الأفواه

فقانون العمل المعمول به حالياً جاء ليتماشى والسياسات الاقتصادية الليبرالية التي تنتهجها الحكومات السورية المتعاقبة منذ عام 2005 وقد جاء تتويجاً لهذه السياسات الجديدة التي راكمت البؤس والفقر والبطالة في الطبقة العاملة، لذلك يجب أن يبقى هذا القانون مطبقاً بجوهره وبعيداً عن النقاش العام، لأنه يمثل بالجوهر مصالح أرباب العمل والمستثمرين حيث تعتبر الحكومة هضم حقوق العمل من عوامل جذب الاستثمار وتشجيعه، لذلك لا تسعى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى طرح هذا القانون للنقاش العام لأنها تعرف مسبقاً رأي كل أصحاب المصلحة به، من حيث يحتاج إلى تغيير جذري وليس إلى تجميل كما يحصل عادة وهو ما يفتح الباب لإظهار مدى الاستياء الشعبي والعمالي من السياسات الاقتصادية المطبقة بالمجمل.

الطريقة الأمثل

لكي يكون قانون العمل متوازناً يجب أن يكون أولاً دستورياً حيث يجب أن يتوافق مع نصوص الدستور بغض النظر عن الواقع الموضوعي والميزان الطبقي في المجتمع، لأن الدستور أسمى القوانين ومن الأولى تطبيقه، ومن هذه الناحية يجب أن نبدأ الكلام عن أي تعديل لقانون العمل وإذا كانت الحكومة السورية مصرة على السير بنفس العقلية السابقة فنحن نطلب منها أن تقيم توازنا حقيقياً في علاقة العمل كما في الدول الليبرالية المتقدمة حيث وعدتنا بأمثلتها من خلال منح الحرية والاستقلالية التامة لمنظمات العمال لتفرض رأيها وليكون مستقلاً عن إرادة الحكومة وتوجهاتها، وقتها يمكن طرح قانون العمل للنقاش المتساوي بين منظمات أرباب العمل والاتحاد العام لنقابات العمال الذي يجب أن يكون أعضاؤه ممثلين حقيقيين ومناضلين عماليين، وليسوا مجرد موظفين عند الحكومة، حيث تكون الدولة وقتها راعية لمثل هذا الحوار دون تدخل منها إلا فيما يخص النظام العام، وإعطاء القضاء الصلاحية الكاملة في حل نزاعات العمل وتعديل كفة ميزان العلاقة العمالية ورفع الظلم والإجحاف عن الطرف الضعيف في علاقة العمل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1148