بصراحة ... الحركة العمالية تناطح السماء..

بصراحة ... الحركة العمالية تناطح السماء..

يتطور النضال العمّالي والنقابي سريعاً، وتتوضح معالمه- في أوروبا وأمريكا خاصة- مع اشتداد الأزمة الرأسمالية وتعمقها في النواحي المختلفة، والتغيّر في ميزان القوى السياسي والعسكري والاقتصادي، وتطوره باتجاه السياسي والاجتماعي، وهذا يوضح بداية تشكل وضع ثوري تُبنى أدواته، ومنها: الذاتي عبر الصراع على الأرض بين الناهبين والمنهوبين على الصعيد الدولي، وعلى الصعيد المحلي لكل دولة، وسيتطور هذا الصراع بين الطرفين إلى أبعد من المطالبة بتحسين الأجور، أو تحسين شروط العمل، أو الضمان الصحي، بل ستذهب باتجاه أكثر عمقاً، وهو الجانب السياسي الاجتماعي الذي سيطيح بالمنظومة الرأسمالية

حيث نلاحظ تطوراً واضحاً بمنحى الإضرابات الجارية، وانتقالها من طور إلى آخر، ومن قطاع إلى قطاع، حيث بدأت بالقطاعات الخدمية البسيطة كعمال المطاعم وعمال التوصيل لتنتقل إلى القطاعات الإنتاجية الكبرى، ويترافق هذا التصعيد في المواجهة إلى تصعيد بالقضايا المطلبية السياسية، كما هو حاصل في فرنسا وبريطانيا، وهذا يجري على وقع التطورات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي ستكون نتائجها تغييراً في وجه العالم لمصلحة الشعوب المنهوبة.
ستكون ارتدادات التغيّر الحاصل والجاري أسرع من كل التوقعات، وقريباً ستكون في منطقتنا من حيث التأثير والفاعلية، ومن ضمنها الدور المفترض أن تلعبه الحركات النقابية والعمالية، فهذه الحركات عاشت- كما في المراكز الإمبريالية- لعقود من التبعية والقبول بالرشاوى المختلفة، التي كانت تقدمها تلك المراكز للحركات النقابية وتمنعها من أن تدافع عن العمّال الذين خسروا كل الامتيازات والمكاسب التي انتزعت في مرحلة الرفاه الاجتماعي.
مع اشتداد التناقضات بين العمل ورأس المال، وتعمّق الأزمة الرأسمالية وتطور مناحيها ووصول الدول الإمبريالية والدول التابعة لها إلى طريق مسدود للخروج منها، جميعها مقدمات هامة لنهوض الحركة العمالية، والعمل على بناء جديد لوضعها التنظيمي قادر على المجابهة وتحقيق انتصارات ولو كانت جزئية على قوى رأس المال، ولكنها هامة للبناء عليها، وتطوير الهجوم باستمرار، وهذا ما يحصل الآن عبر الإضرابات المستمرة والشاملة والقطاعية في المواقع الإنتاجية والخدمية في معظم الدول الأوروبية.
لم تصل رياح التغيير الثوري المطلوبة كما يجب إلى منطقتنا، وإلى بلدنا بعد، لتنعكس في حركة وفاعلية الحركة العمّالية إلا قليلاً، لعوامل عدة، أهمها: انخفاض مستوى الحريات الديمقراطية بوجه عام، وانخفاض مستوى الحريات الديمقراطية والنقابية للطبقة العاملة بوجه خاص، إضافة إلى العوامل السياسية التي جعلت الحركة النقابية مرهونة في قرارها لجهات عدة، وتحولت فيها من مُدافع عن الحقوق العمالية إلى حاجز صد مع أرباب العمل والحكومات، في مواجهة أي حراك عمّالي مطالب بزيادة أجوره، أو تحسين شروط عمله، أو الوقاية من مخاطر المهن وإصابات العمل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1119
آخر تعديل على السبت, 06 أيار 2023 22:33