بصراحة ... شبح العمال يحوم في كل مكان

بصراحة ... شبح العمال يحوم في كل مكان

مع تعمق الأزمة الاقتصادية والسياسية الاجتماعية للرأسمالية، وانعكاس نتائجها المباشرة والقاسية على الشعوب في بلدان المركز الرأسمالي والأطراف، بدأ حراك شعبي واسع تظهر في مقدمته الطبقة العاملة التي كانت المتضرر الرئيسي من الأزمة بكل أبعادها، حيث فقدت الكثير من المكاسب التي حصلت عليها في مرحلة توازن القوى التي سادت بعد الحرب العالمية الثانية بين المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي والمعسكر الرأسمالي بقيادة الإمبريالية الأمريكية، وكانت وقتها الرأسمالية مضطرة لتقديم تنازلات للطبقة العاملة في مجرى صراعها الضاري مع المعسكر الاشتراكي، الذي كان يقدم قوة المثل للعمال في العالم..

ولكن هذا الدَّلال والرفاهية العالية التي عاشها العمال لم تستمر طويلاً، خاصةً بعد تبني الرأسمالية في المراكز للنظرية الليبرالية في الاقتصاد، وترافق ذلك مع هجوم واسع شنته على النقابات، متبعةً سياسة العصا والجزرة، ما أدى إلى اختراق واسع من جانب الرأسمالية للكثير من الاتحادات النقابية التي أخذت تساوم على مصالح الطبقة العاملة ومكاسبها، وهذا جعل الطبقة العاملة تخسر قوة رئيسية في مجابهتها ومقاومتها للسياسات الليبرالية التي تعمل على تجريد العمال من المكاسب، وخاصةً تلك المتعلقة بالعمل الدائم. فقد اعتمدت الليبرالية في سياستها تجاه العمال أنه (لا عمل دائماً ولا ضمانات دائمة) ما أدى إلى ازدياد كبير في نسب البطالة والمهمشين والمشردين الذين فقدوا فرص عملهم، وأصبحوا بلا مأوى يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، يعيشون على ما يُقدَّم لهم من إعانات من الجمعيات الخيرية في اللباس والطعام وخلافه.
إن ما يجري من حراك شعبي وعمالي واسع يؤكد التنبؤ العلمي العام المستند إلى قاعدة معرفية واسعة في اكتشاف عمق الأزمة الرأسمالية وتطور متناقضاتها التي ستفضي إلى عودة الجماهير إلى الشارع، واتساع تأثيرها في الحياة السياسية والاجتماعية، إذ بدأت تطرح في شعاراتها ضرورة النضال ضد الرأسمالية وقوانينها المتوحشة التي أدت إلى إفقار الشعوب، بما فيها شعوبها، واغتناء وإعادة تمركز الثروة بيد ما نسبته 1% من السكان على حساب الأغلبية العظمى منهم.
إن حركة الطبقة العاملة من خلال الإضرابات والمظاهرات والاحتجاجات تُكسِب الحراك الشعبي جذريته في مواجهة النظام الرأسمالي، وذلك بسبب تناقض مصالحها العميقة مع الاستغلال الرأسمالي الذي يبدو أنه أبدي، أي التناقض الرئيسي بين (العمل ورأس المال)، والذي لن يُحَل إلا بالإطاحة الكاملة بعلاقات الإنتاج الرأسمالية، وتحقيق الاشتراكية التي ستؤمِّن العدالة الاجتماعية، وتنفي الاستغلال والنهب لجهود وعرق الملايين من العمال العاملين في المجال الذهني والعضلي، وتحقيق الديمقراطية الحقيقية للمنتجين.
إن العصر الآن هو عصر الشعوب الثائرة من أجل حريتها وكرامتها وسلامة أوطانها..

معلومات إضافية

العدد رقم:
1109