بصراحة ... الكيل بمكيالين

بصراحة ... الكيل بمكيالين

إذا انطلقنا من الأوضاع المعيشية الكارثية للطبقة العاملة التي أنتجتها السياسات الاقتصادية الحكومية من جهة، وممارسات قوى المال الاحتكاري الفاسد من جهة أخرى، بالإضافة إلى سنوات الأزمة الوطنية الشاملة، تزداد الحاجة والضرورة لموقف نقابي شامل وموضوعي للواقع المعاش بكل تفاصيله، يرسم مسار عمل التنظيم النقابي، من أجل أن يكون للنقابات دور يتوافق مع حجم القضايا التي يتطلب حلها من وجهة مصالح الطبقة العاملة الأساسية، وفي المساهمة الفعالة في إيجاد حلول للقضايا الوطنية والسياسية والطبقية الكبرى.

منذ أشهر والمداولات والاجتماعات جارية على قدم وساق بين الحكومة وممثلي التجار لبحث أوضاع التجار ومدى تأثير المرسوم رقم 8 على دور التجار في تأمين المتطلبات الضرورية من مواد غذائية وغيرها وكذلك تعطيل أو الحد من حركتهم التجارية في البيع والشراء حيث المرسوم حدد جملة من العقوبات تصل إلى حد السجن للمخالفين منهم لتسعيرة الحكومة والنشرة التسعيرية التي تصدرها وهذا الأمر خلق استياء وتذمراً عندهم حتى باتوا يهددون بتقليص نشاطاتهم التجارية أو حتى إغلاق مراكز بيعهم وهذا الاحتجاج الواسع من قبل التجار جعل الحكومة تتحرك تجاههم وتعقد اجتماعاً موسعاً لهم جرى فيه الوعد بتعديل المرسوم ومن تلك التعديلات إلغاء عقوبة السجن واستبدالها بغرامة مالية.
بالمقابل الحركة النقابية والعمال بُحت أصوتهم وهم يصرخون من أجل تحسين أوضاعهم المعيشية عبر رفع الأجور وأشياء أخرى تساعد في تحسين تلك الأوضاع ولكن لا حياة لمن تنادي وهذا يعكس إلى حد بعيد موازين القوى الفعلية وتأثيرها في السياسات الاقتصادية والاجتماعية حيث وزن العمال وحركتهم النقابية معدوم تقريباً بينما قوى رأس المال وازنة في تأثيرها على القرارات الضرورية التي تؤمن مصالحها ومصالحها بالتأكيد هي تحقيق أعلى نسبة ربح ومراكمة الثروة ومركزتها إلى الحد الأقصى ولو على حساب الملاين من الفقراء.
لقد شخصت النقابات في تقاريرها الواقع المعيشي المزري الذي يعيشه العمال، وواقع المعامل والشركات من حيث عدم دعمها وتطوير خطوطها الإنتاجية وتأمين مستلزمات إنتاجها من مواد أولية وطاقة لتشغيل المعامل، وحددت في تقاريرها مسؤولية الحكومة عن واقع العمال والمعامل، ولكن هذا شرط غير كافٍ- مع أهميته- من أجل تجاوز الواقع الكارثي الذي نتحدث عنه.
إن التأخر من قبل النقابات في اتخاذ المواقف المطلوبة سيجعل الطبقة العاملة تذهب باتجاه خياراتها التي قد تكون صعبة ومؤلمة، ولكنها صحيحة، ويمكن عبرها انتزاع حقوقها والدفاع عن مصالحها، بما فيها حقها بالإضراب السلمي الذي لا تعترف به النقابات، ولكن الدستور السوري يقره ويؤكده.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1094