الصناعات النسيجية من ينقذها

الصناعات النسيجية من ينقذها

كتبت الكثير من الدراسات وألقيت العديد من المحاضرات حول الصناعات النسيجية في سورية، وهذا الاهتمام العالي من بعض المختصين في الصناعات النسيجية مرده إلى أهميتها الاقتصادية وتجذرها في الصناعة السورية، وعمرها الطويل، حيث تطورت الصناعات النسيجية بشكل طفرات وبقيت من العقد الثاني من القرن الماضي وحتى عام 1933 تسود الصناعات النسيجية الأعمال اليدوية، بعدها بدأت تدخل إلى هذه الصناعة المكننة والآلات الحديثة بمقاييس ذلك الوقت، في دمشق وحمص وحلب، وبعدها جرى تجميع الشركات النسيجية وفقاً لقرار التأميم بـ 12 شركة يشرف عليها اتحاد الصناعات النسيجية.

وفقاً لعدد المعامل وتنوعها كان من المفترض أن تكون الصناعات النسيجية متمتعة بالحصانة والرعاية كون مادتها الأولية بمعظمها تنتج محلياً، وهذا يولد قيمة مضافة عالية، ولكن الأقدار كما معظم الصناعات قد أوقعتها تحت رحمة سياسات ليس لها في الصناعة طريق، وترى فيها أحد المعيقات التي تعرقل مسار تلك السياسات، وكان لا بد من أجل إنجاز برنامجها المتوافق مع نصائح صندوق النقد والبنك الدوليين التخلص من هذا (العبء) كونه يثقل كاهل الحكومات كما هو مصرح به، ولهذا جرى على فترات طويله إضعاف هذا الجانب وجعله يأكل بعضه بعضاً، وهذا ما صرح به أحد جهابذة الاقتصاد الليبرالي السوري بقوله (لماذا نختلف حول بقاء القطاع العام أو عدم بقائه فلنجعله يموت موتاً سريرياً) ويكون البقاء لله وحده.

تضم الصناعات النسيجية بتخصصاتها المختلفة:
الخيوط القطنية 100% بكافة أنواعها المسرحة والممشطة والتوربينية.
الخيوط الممزوجة قطن وبولستر وقطن فيسكوز.
الخيوط الصوفية 100% والممزوجة.
الأقمشة القطنية الخاميّة والمصبوغة والمطبوعة.
السجاد الصوفي 100%.
الألبسة الداخلية والألبسة الجاهزة والجوارب إضافة إلى الشاش الطبي.

كما ذكرنا أعلاه فإن التنوع الكبير في الصناعات النسيجية المعتمدة بشكل كبير في المادة الأولية على ما هو منتج محلياً، حيث سيكون أمام هذه الصناعة فرصة كبيرة في احتلال موقعها المميز ضمن الصناعات الأجنبية، مثل الصين أو الهند أو تركيا، ولكن تم سحب البساط من تحتها حيث لم يعمل على رفدها بمراكز أبحاث تطور منتجها، ولم يعمل على توطين الآلات التي هي بمعظمها مستوردة ونقصد بالتوطين إجراء عمليات تطوير لخطوط الإنتاج المختلفة من تصنيع للقطع التبديلية وغيرها وعدم البقاء تحت رحمة الشركات المصنعة لتلك الخطوط ولتلك القطع التبديلية التي هي غربية بمعظمها، ونعتقد جازمين لو كانت هناك إرادة تطوير للصناعات عند الحكومات المختلفة لتوجهت نحو التصنيع وتطوير ما يلزم من خطوط إنتاج، عبر إقامة مراكز أبحاث تؤمن لهذه الصناعة ما يلزمها من أجل أن تبقى رائدة في عالم صناعة النسيج.
في مرحلة ما قبل الأزمة بدأت شركات النسيج تظهر معاناتها الحقيقية سواء بالخطط الإنتاجية ونوعية منتجاتها، أو بالقطع التبديلية الضرورية للصيانة واستمرار عملية الإنتاج، أو بدوران اليد العاملة الذي كان سببه ضعف الأجور والحوافز الإنتاجية مما أدى إلى استقطابهم من قبل معامل القطاع الخاص التي نمت وكبرت في ظل السياسات الليبرالية والمرسوم رقم 10 الذي وفر لهذا القطاع أسباب نموه وكبره على حساب شركات قطاع الدولة، التي تغرق بمشكلاتها، والتي أصبحت مزمنة دون حلول حقيقية تجعلها تنتج بطاقتها القصوى وبمواصفات عالية وجودة مميزة، وتضعف قدراتها على المنافسة للبضائع الأجنبية التي تواردت مع سياسة الانفتاح وعمليات تحرير الأسواق وبهذا السلوك تجاه شركات قطاع الدولة تكون هذه الشركات كما يقال اذهبوا أنتم وربكم فقاتلوا.
أثناء الأزمة ازداد وضع الشركات سوءاً على سوئها السابق، حيث دمرت العديد من الشركات بسبب الأعمال القتالية في مناطقها، وبالتالي خرجت من العملية الإنتاجية وتم توزيع عمالها على بعض المعامل والمؤسسات الحكومية والبعض الآخر يعمل بطاقته الدنيا.
المعامل المتبقية والتي تسطيع الإنتاج بالرغم من كل المشكلات الفنية تعاني من نقص شديد في مادة القطن المحلوج بعد القرار القاضي بتشغيل المحالج لصالح الغير، حيث توقفت عن الإنتاج العديد من الشركات، وبعد المشاورات والمداولات التي شاركت بها جهات متعددة تم تأمين كمية من القطن المحلوج لا تشغل المعامل إلا لفترة زمنية بسيطة والكمية الموردة لهذه المعامل كما صرح عنها المدير العام لمؤسسة حلج وتسويق الأقطان هي 1489 طناً من إجمالي الكميات المنتجة، بينما حاجة الشركات من هذه المادة تقدر بـ 45 ألف طن، وهذا الفرق بين الحاجة وما قدم كبير حيث يعني شيئاً واحداً هو توقف المعامل عن الإنتاج وخسارة العمال لحقوقهم والأهم خسارة الاقتصاد الوطني لمورد هام من موارده.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1071
آخر تعديل على الإثنين, 23 أيار 2022 13:44