أنقِذوا العباد بضرب الفساد

أنقِذوا العباد بضرب الفساد

تسارعت خلال الأسابيع القليلة الماضية نسبة التدهور المعيشي للمواطن بشكل عام وللطبقة العاملة بشكل خاص ومضاعف، واتسعت الهوة المتسعة أصلاً ما بين القيمة الحقيقية للأجور والدخول الإنتاجية من جهة والقيمة الحقيقية لضرورات المعيشة للعائلة السورية من جهة أخرى، وان كانت سائر الطبقات- باستثناء الطبقة المتنفذة الناهبة والفاسدة- متضررة بشكل كبير فإن العاملين بأجر هم الأكثر تضرراً.

فأصحاب العمل الصناعي والحرفي والمهني والخدمي يملكون القدرة على تخفيف نتائج التضخم المتزايد والمتسارع من خلال تعديل أسعار السلع أو الخدمات التي يقدمونها ويعتاشون من أرباحها، لكن ذلك لا ينطبق على سائر العاملين بأجر كون السلعة الوحيدة التي يملكونها ويبيعونها هي قوة عملهم التي ما زالت تراوح مكانها بشكلها الرقمي والمنخفضة بشكل كارثي كقيمة حقيقية أو قوة شرائية، وهذا ما يهدد وجودهم بحد ذاته لماذا؟ لأن ما كان يقال عن فقدان الأمن الغذائي والصحي والتعليمي والأمان الاجتماعي هو حاصل في الأصل مسبقاً وهم مصابون به منذ سنوات عديدة وقابعون تحت خط الفقر المدقع منذ ذلك الحين، حتى إن كثيراً منهم انضموا لقوائم المهمشين اليائسين أو على تخومها وقوائم الانتظار وبذلك فإن كل تراجع جديد وضغط جديد على العاملين بأجر سيؤدي بالضرورة إلى تهديد وجودهم بحد ذاته، وهذا يجعلنا نتوقف عند الرؤى الحكومية للأمر ونسأل أنفسنا هل تعي الحكومة بجهابذتها وخبرائها ومحلليها الاقتصاديين الإعلاميين منهم أو اللاعبين في الظل هل تعي ما تفعل؟ وهل هي مدركة لواقع الحال؟ وهل تمتلك وسائل الرؤية أصلاً؟ أم أنها ترى وتتجاهل ما ترى؟ أم أنها عاجزة عن الرؤية كعجزها عن الحلول النسبية المتعلقة بالعامل الذاتي والقرار الحكومي؟

لا معنى للشعارات قبل أن ....

قد يجيب أحدهم على لسان الحكومة بأن هذا الواقع هو موضوعي وبأنه مرتبط بعشرات الأسباب الخارجية والداخلية فيحدثنا عن تداعيات الأزمة وتقطع أوصال البلاد وحرمان السوريين من ثرواتهم في المناطق الشمالية الشرقية منها والغربية وعن قيصر وعقوباته والاستعصاء الدولي والنظام العالمي القديم والجديد وغيرها من العوامل الموضوعية التي لا يمكن لعاقل وطني أن ينكرها أياً كان اصطفافه وتوجهه السياسي ولكن ذلك العرض للعوامل الموضوعية لا يعني أن من يعرضها لا يتقصد اجتزاء أهم هذه العوامل ألا وهي ثروات المتنفذين الفاسدين الناهبين والمحتكرين والذين راكموا ثرواتهم بجديدها وقديمها من حصة الطبقات الاجتماعية بالكامل ومن حصة العاملين بأجر بشكل أساسي، بل هم أحد أهم أسباب الأزمة وتفجرها واستمرارها واستعصاء حلها فلا مصلحة لغيرهم باستمرار الحال على ما هو عليه فلا مصلحة لصناعي أو حرفي أو فلاح أو عامل أو أي كادح آخر باستمرار الأزمة ولا بأسلوب إدارتها حتى، بل على العكس لأن مصلحة الطبقات تتركز بإنهاء الأزمة وإنجاز التغيير الشامل الجذري عبر بوابة 2254 كما أن مصلحتها تكمن في ضرب الفئة الباغية من فاسدين وناهبين وإن أي كلام حكومي من هنا أو هناك وأية مبررات ولف ودوران وأي تمترس خلف شعارات مبتذلة لا يساوي شيئاً إذا لم تسبقه إجراءات حقيقية وقوية تضرب مصالح النخبة الفاسدة وتصادر ثرواتها وتؤمم مشاريعها وتحاكم أفرادها أمام منهوبيها المهددين بوجودهم، فلا مبرر لوجود حكومة لا تضع مصير قواها الوطنية المنتجة نصب أعينها ولا معنى لوجودها إن لم تتوفر لديها الإرادة لإنقاذ البلاد والعباد من الهلاك المحتوم إن استمرت الأحوال على ما هي، وإن كان الحل السياسي القادم قادم لا محالة شاء من شاء وأبى من أبى، حاملاً معه مفاتيح التغيير المنتظر، فهذا لا يعني ألّا تقوم الحكومة بواجبها المناط بها علّها تحظى بمكان لها في مستقبل سورية وشعبها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1063