المفاوضات الجماعية ضرورة

المفاوضات الجماعية ضرورة

تعيش النقابات العمالية اليوم حالة من الجمود، ويقتصر عمل النقابات بمعظمه على العمل المكتبي. ولم نسمع منذ سنوات طويلة أن هذه النقابة أو تلك حددت موقفاً واضحاً من قضايا عمالية تحتاج إلى موقف حازم وصريح، وبالحقيقة هذا ليس «تقاعساً» بقدر ما هو تعبير عن موقف سياسي واضح، تحتاجه هذه النقابات، فهي لا تريد المواجهة مع السلطة التنفيذية بشكل جدي، وتفضل خيار المهادنة. أما أرباب العمل فكانوا قادرين على إبراز مواقفهم من القضايا المتعلقة بالعمال وحقوقهم بكافة الطرق والأشكال القانونية منها وغير القانونية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا الأجور والتعويضات التي يستحقها العمّال.

تقوم المفاوضات الجماعية على عدة قواعد أساسية منها: -أن يكون أحد طرفي التفاوض نقابة أو اتحاد مهني أو يمكن أن يكون الاتحاد العام لنقابات العمال، وأن يكون الطرف الآخر صاحب عمل أو عدة أصحاب عمل أو ممثلين عن غرفة الصناعة.- يجب أن يكون التفاوض الجماعي واضحاً وخالياً من الغلط أو الخداع. وأن تكون حقوق العامل الواردة في قوانين العمل النافذة، قانون التأمينات الاجتماعية أو قانون العمل غير منقوصة. ومن الضروري ذكره حق النقابة والعمال في إعلان الإضراب عن العمل أثناء التفاوض فهو من الحقوق الأساسية للعمال للدفاع عن مصالحهم. إن الغاية من المفاوضات الجماعية هو تنظيم علاقات العمل بين العمال وأصحاب العمل، لكي تتفق مع تقلبات الأوضاع المعيشية والاجتماعية السائدة، وهذا في النهاية يصبّ في مصلحة طرفي التفاوض، فما قد يرضى به العمال من حقوق اليوم يمكن ألّا يرضوا به مستقبلاً. وعندما تزداد قوة النقابات العمالية يزداد دورها في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومات وفي تحسين شروط عمل العمال في معامل ومؤسسات قطاع الدولة والقطاع الخاص. وهذا يحد بشكل كبير من الاستغلال الناتج عن التفاوض الفردي بين العامل وصاحب العمل واختلال التوازن في الشروط التفاوضية بينهما. وخاصة بما يتعلق بالحق الأساسي للعامل وهو الأجر إضافة إلى التعويضات الأخرى، وكيفية احتسابه وتسجيله لدى مظلة التأمينات الاجتماعية بشكل غير منقوص ونسبة الزيادات الدورية للعمّال، وحمايته من التسريح التعسفي جرّاء مطالبته بحقوقه المشروعة والمسلوبة.

من المفروض أن يؤدي تدخل النقابات العمالية في المفاوضات الجماعية إلى فرض تشريعات وقوانين وفق معايير دولية تحمي العامل وتحسن شروط عمله. ومن مزايا المفاوضات الجماعية: - تنظيم علاقات العمل بين فريقي الإنتاج، أي بين العمال وأصحاب العمل. - الحد من تدخل السلطات والأجهزة الحكومية عبر القضاء في علاقات العمل والخلافات الناتجة أثناء العمل. - يوحد شروط العمل ويزيل الفوارق بين العمال ويمنع أصحاب العمل من سلب حقوق العمال. - تعطي للعمال حقوقاً مكتسبة ويسهل المحافظة عليها وحمايتها. - تساهم في تطوير التشريعات والقوانين وعلاقات العمل وتساهم في استقرارها.- تساهم في تسوية المنازعات بين العمال وأصحاب العمل. شمول المفاوضات الجماعية لكافة العمال سواء كانوا منتسبين للنقابات أو غير منتسبين. أما هذا الحل الوسطي في المفاوضات الجماعية يجب أن ينبع من خلال ثوابت لا يمكن التنازل عنها وهي جدول الأُجور والرواتب والتعويضات التي لا بد أن تؤمّن العيش الكريم للعمال. وقد صدر عن منظمة العمل الدولية أكثر من اتفاقية وتوصية بخصوص المفاوضات الجماعية أكدت على أهميتها ومن نافل القول إن أي اتفاق عمل جماعي يكون نتيجة مفاوضات جماعية بين نقابة أو منظمة عمالية وأصحاب العمل في القطاع الخاص وقطاع الدولة على حد سواء. يعتبر أفضل حل لأية مشكلة يمكن أن تحدث بين أطراف الإنتاج، والوصول إلى حلول وسطية ترضي طرفي الإنتاج لا بد أن تشارك فيها ثلاثة أطراف لتثبيت وحماية عقد الاتفاق، وهي الحكومة ممثلة بالوزارة المعنية وهي وزارة العمل، وممثلي العمال وأرباب العمل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1046
آخر تعديل على الإثنين, 06 كانون1/ديسمبر 2021 12:55