الأوضاع الاقتصادية هي سبب الهجرة
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

الأوضاع الاقتصادية هي سبب الهجرة

تسببت الأزمة السورية واندلاع الحرب في هجرة ونزوح ملايين السوريين، وهذه ردة فعل طبيعية أن يفرّ الناس من الحرب وما تسببه من موت و قتل وتشريد ودماء نازفة، ولكن إذا وضعنا مسألة الهجرة تحت المجهر نجد أن الأوضاع الاقتصادية هي الدافع الأول للهجرة عند السوريين أكثر منها الحرب، وأن الخوف من الموت جوعاً كان ومازال أقوى من الخوف من الحرب، وأن غالبية من هاجروا وخاصة من فئة الشباب كان هدفهم البحث عن فرصة يستطيعون فيها تأمين مستقبلهم وتأمين حياة كريمة لعائلاتهم، وخاصة أنّ موجات الهجرة لم تتوقف رغم توقف الحرب في أغلب أنحاء البلاد، وهناك ممّن بقي من السوريين اليوم يشعر للأسف بالندم لبقائه بسبب تضاعف تدهور الأوضاع الاقتصادية، حيث تسارع تدهور الاقتصاد السوري رغم توقف الحرب بـ 34 ضعفاً.

يضع الكثيرون كل اللوم على الأزمة والحرب وما تسببت به من نتائج كارثية على الاقتصاد السوري (ومن دون الدخول فيمن تسبب بالحرب أساساً) فلا بدّ من تسليط الضوء على السياسات الليبرالية للحكومات السورية المتعاقبة التي بقيت مصرة على السير بنفس السياسات الاقتصادية التي كانت أحد مسببات اندلاع الأزمة وزادت من معدلات الفقر والبطالة والتهميش وتدهور سعر الصرف وتم التفريط بالاحتياطي الأجنبي، ناهيك عن منع جهاز الدولة من القيام بمسؤولياته وخاصة في الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد وأبقت الاقتصاد بيد حفنة قليلة من الفاسدين يتحكمون به ويراكمون الأرباح الطائلة على حساب الشعب السوري ومعاناته.

سياسة أجور كارثية

عدا عن سياسة تجميد الأجور المتبعة رغم كل الارتفاع الذي أصاب الأسعار والذي وصل إلى حد تجويع العمال وفاقم الأزمة أكثر فأكثر وخاصة على الطبقة العاملة حتى تحدثت القيادة النقابية أن العمال يعملون بوطنيتهم أي من دون أجور، كل هذا سبب توقف في الإنتاج وهجرة الشباب وتفريغ البلاد من اليد العاملة.
في المقابل وعلى الضفة الأخرى في المجتمع هناك من استفاد من الأزمة ومن الحصار ومن العقوبات الغربية وراكم أرباحاً طائلة دون أن تطاله نتائج الأزمة وقدمت له كافة أشكال الدعم الحكومي في مقابل رفع الدعم عن المواطنين وتركهم يواجهون الحرب الاقتصادية والغلاء وحدهم تحت حجة أن سبب الفساد هو الدعم، وكأن على العمال فقط تحمل وزر الأزمة ونتائجها، وهم الذين واجهوا إضافة إلى الحرب والحصار سياسة أخطر منها وهي سياسة التجويع التي فرضت عليهم من الداخل هذه المرة.

جهاز دولة معطل

وقد تحول جهاز الدولة إلى مجرد وسيلة بيد التجار والمستثمرين والفاسدين لتسهيل السيطرة على اقتصاد البلاد ولو اتبعت الحكومات السورية سياسة شعبية مغايرة للسياسات الليبرالية ربما لكانت نتائج الأزمة أخف وطأة على الطبقة العاملة وعلى عموم السوريين ومن المفروض والمنطقي جداً أن تتجه الدول نحو إجراءات استثنائية لتخفف من معاناة مواطنيها في مثل هذه الظروف.

سياسات لا دستورية

دستور عام 2012 والذي جاء نتيجة انفجار الأزمة والذي من المفترض أنه جاء ليعالج أسباب اندلاعها قد نص على نصوص دستورية اقتصادية تلزم الحكومة، إلا أن قوى الفساد بقيت هي المسيطرة ومنعت من تطبيق الدستور مما فاقم من نتائج الأزمة وخاصة الاقتصادية منها ودفع ملايين السوريين تحت خط الفقر.
ولكي تبقى الساحة مفتوحة أمام قوى الفساد فقد تم تكبيل منظمات العمال وباقي المنظمات المهنية، وتم منعهم من الدفاع عن حقوق أعضائها بحجة أنه أي انتقاد لقوى الفساد بات يعد مؤامرة تجب محاربتها وتحولت تلك المنظمات إلى مجرد هياكل عظمية باتت عبئأ على الطبقة العاملة بدلاً من أن تكون سلاحاً لهم في وجه قوى رأس المال.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1045
آخر تعديل على الإثنين, 22 تشرين2/نوفمبر 2021 12:47