النضال مفتاح الحل
أديب خالد أديب خالد

النضال مفتاح الحل

كثيرة هي الأخبار والتحليلات التي تنشرها وسائل الإعلام المختلفة أو التي تُنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تتحدث عن الواقع الاقتصادي وانقطاع الخدمات الأساسية عن المواطن (من كهرباء وغاز ومحروقات)، ناهيك عن الدراسات الاقتصادية التي تشير إلى الهوّة الكبيرة بين الأجور والأسعار، وانخفاض قيمة سعر الصرف، وانعكاس ذلك على القوة الشِّرائية للمواطن، وتطرح تلك الدراسات المشاكل التي تعانيها الطبقة العاملة على بساط البحث.

تشخيص فقط

المشترك بين هذه الدراسات أنها لا تقدِّم حلولاً واقعية وموضوعية للمواطنين أو للطبقة العاملة، بل جلُّ الدراسات التي تُقدم، تُطرح على الحكومة لتبنيها بدلاً من طرحها على أصحاب العلاقة الحقيقيين- العمال- لنشرها بينهم، وحثهم على تبنيها وتشجعيهم على المطالبة بها والضغط باتجاهها، فللحكومة آذان صماء عن أية مطالب مُحِقَّة للطبقة العاملة، خاصة عندما يكون الموضوع هو ردم الهوّة بين الأجور والأسعار، وحان لنا قطع الأمل من الحكومة بتعديل سياساتها الاقتصادية، واعتماد العدالة الاجتماعية كأساس للنشاط الاقتصادي كما نص عليه الدستور، فالحكومة مصرَّة، وقد حسمت موقفها الاقتصادي والاجتماعي، وقررت دعم الأغنياء على حساب باقي فئات الشعب، وهي تضرب بعرض الحائط الدستور الذي هو أسمى القوانين في الدولة، فهل ستأخذ بمشورات أو دراسات وتعدل من موقفها؟! فكلُّ شيء يقدَّم لها هو مجرد تضييع للوقت واقتراحات تذهب أدراج الرياح عدا ما كان منها يصب في صالح قوى المال.
لا سيَّما وأننا تحوَّلنا إلى فئران تجارب للسياسات الحكومية وتوصيات البنك الدولي بشأن إيصال الدعم إلى مستحقيه، هذا الشعار الذي يخفي وراءه مزيداً من إفقار للشعب ورفع للدعم عن المواطن.

هناك من لا يريد..

لقد حان للبعض تعديل أساليبه في الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة، وبدلاً من الحوار مع الحكومة ورفع شعار نحن والحكومة شركاء، وما زال يعتبر نفسه الابن الشرعي للمادة الثامنة القديمة، وقد تبين للعمال بأنها شراكة من طرف واحد والحوار مجرد طبخة بحص وتضييع للوقت، فالدراسات والمقترحات يجب أن تقدم للشعب كي يتبناها ويؤسس عليها نضاله باتباع الأساليب النضالية الدستورية والمشروعة كحق الإضراب مثلاً، للضغط على الحكومة بدلاً من ترجِّيها وانتظار أية مِنّة منها، علّها تنقذنا من الموت جوعاً.
وإذا كان البعض لا يحِّبذ دفع العمال نحو العمل النضالي للدفاع عن حقوقهم، ويكتفي بدوره كموظف عند الحكومة وأجهزتها المختلفة، فهو بالفعل لا يهمه واقع الطبقة العاملة ولا يسعى إلى تحسين معيشتها، بل هو أخطر على الطبقة العاملة من الحكومة، لأنه يدفع العمال نحو اليأس والإحباط والتسول على باب الحكومات ومعها الجمعيات الخيرية، وإبقاء الجوع سيفاً مسلطاً على رقاب العمال وعائلاتهم.

درس الدستور عام2012

جاء الدستور الجديد الذي وضع في عام 2012 والذي دفع الحكومة لتقديم تنازلات للطبقة العاملة في الدستور نتيجة للظروف التي اجتاحت البلاد في ذلك الوقت، فالإضراب والتظاهر السلمي هو الطريق الوحيد لنيل الحقوق، وإذا كنا نريد نقل تلك النصوص من الورق إلى أرض الواقع فلا بدَّ لنا من اتِّباع الأساليب النضالية التي نص عليها الدستور، فاليوم موقفنا أقوى لا سيَّما وأننا نتسلح بنصوص دستورية واضحة وصريحة لا لبس فيها ولا غموض.
ومن يصرُّ على اتباع الأساليب القديمة من الترجي والحوار هو من يخالف الدستور، ويعرض أمن الوطن للخطر نتيجة لسكوته عن الجوع الذي انتشر في البلاد بسبب السياسات الاقتصادية التي تتبعها الحكومات السورية المتعاقبة منذ عام 2005 وقد وجد هؤلاء بالأزمة حبل نجاة لتحميلها وزر ما وصل إليه العمال، مع أن العمال كانوا سيصلون إلى هذا الحد بأزمة وبدونها، فالأزمة سرّعت بالنتائج فقط، ولنا في الدول المحيطة التي اتبعت سياسات الليبرالية الاقتصادية خير مثال على ذلك.

معلومات إضافية

العدد رقم:
951
آخر تعديل على الأربعاء, 05 شباط/فبراير 2020 14:00