تصريح ملغوم
أديب خالد أديب خالد

تصريح ملغوم

صرح رئيس مجلس الوزراء عماد خميس خلال زيارته لمحافظة حلب: أن الحكومة ستزيد الرواتب في قطاعات التربية والتعليم والقضاء، وتحدثت مصادر، إلى أن زيادة قريبة، وقد تصل إلى 40 % من الراتب، حديث رئيس الحكومة عن الزيادة ليس بالشيء الجديد، فلطالما تحدثت الحكومة ووزراؤها عن زيادة الرواتب، وأطلقوا مئات الوعود لكن لم تُنَّفذ أيٌّ منها.

الجديد في تصريح رئيس مجلس الوزراء هذه المرة هو تخصيصه للزيادة بالقطاعات معينة، مثل: التربية والقضاء، وهذه المرة الأولى التي تتحدث فيها الحكومة عن زيادة في قطاعات معينة دون أخرى، وكأن باقي العمال والموظفين في باقي القطاعات أحوالهم جيدة جداً، وليسوا بحاجة إلى زيادة أجورهم ولا يخضعون لمستوى أسعار واحد مع زملائهم في قطاع التربية والقضاء.
المقصود من كلام رئيس مجلس الوزراء، هو: تمهيد لدراسات تمت، تتحدث عن تخصيص كل قطاع من قطاعات الدولة بقانون عمال خاص به والهدف من ذلك هو تقسيم الطبقة العاملة وتشتيت نضالها وتباين مطالبها، وتأتي هذه الزيادة الموعودة لقطاعات معينة دون أخرى في هذا المجال ضرباً للقطاعات الحكومية الأخرى، وخاصة الإنتاجية منها، فمن المعروف أن قطاعي التربية والقضاء هما من القطاعات الخدمية، وزيادة الرواتب لهم ستدفع المواطنين للتوجه إلى هذه القطاعات دون الأخرى، وهو ما يحقق غاية الدولة في إيجاد المبررات اللازمة لخصخصة وبيع القطاعات الإنتاجية بحجة خسارتها، وعدم تأمين يد عاملة لها، إضافة إلى زيادة الأعباء على العمال الحاليين في هذه القطاعات، وعدم شملهم بالزيادة مما يجعل ظروف عملهم أسوأ.
قطاعا التربية والقضاء التي أعلن عن وعود لزيادة الرواتب فيهما، إضافة إلى زيادة رواتب العسكريين سابقاً، يتوافق مع وظيفة الدولة في الأنظمة الليبرالية ومنطق (الدولة المحايدة) التي تبقى محتفظة بقطاعات الدفاع والقضاء فقط لحماية مصالح أصحاب رؤوس الأموال، فيما يترك لهؤلاء حرية العمل في التحكم في لقمة العباد ومصير البلاد دونما أي تتدخل من قبل الدولة ومؤسساتها إلّا عندما تتهدد مصالح هذه الطبقة.
لنصدق وعود رئيس الحكومة في زيادة الرواتب في هذه القطاعات، فهل نسبة 40% كافية لنعتبرها زيادة؟ ولكي تكفي الموظف أو العامل؟ وهل ستغنيه هذه الزيادة أو تكفيه لنصف الشهر على الأقل؟ فهل من المعقول أن يكون وسطي المعيشة للأسرة المكونة من خمسة أشخاص 300 ألف ليرة سورية تقريباً، وراتب الموظف 30 ألفاً أو 40 ألفاً؟! هل هذه الزيادة كافية لمحاربة الرشاوى في القضاء؟ أم أنها تُعدَّ محفزةً لمزيد من الفساد بسبب انقطاع أمل الموظف من حكومته في تحسين وضعه المعاشي؟