إعادة الإعمار وقوانين العمل 1
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

إعادة الإعمار وقوانين العمل 1

مع قرب التوصل إلى حلٍ سياسي للأزمة في البلاد، واستعداد الشركات للتوجه نحو إعادة الإعمار، لا بد قبل الحديث عن قوانين الاستثمار والتشاركية من بحث القوانين المتعلقة بالعمل وتعديلها، بما يلائم متطلبات المرحلة المقبلة، وخاصة مع قدوم الشركات الأجنبية إلى البلاد، مما يتوجب إصدار قوانين عمل تحمي العمال، وتوفر لهم الحماية القانونية الكافية لحقوقهم، ولإقامة علاقات عمل متوازنة بين طرفي الإنتاج (العمال وأرباب العمل ).

لا للتسهيلات على حساب حقوق العمال
أن تكون التسهيلات التي تقدم للشركات والمستثمرين على حساب العمال وحقوقهم كما هو الحال في قانون التشاركية، في هذه الحالة لن يكون هناك استقرار في العمل، وهذا سينعكس سلباً على عملية الإنتاج في الدرجة الأولى، وعلى العمال الذين يشكلون السواد الأعظم من السوريين.
ضرورة تغيير قوانين العمل
في العودة إلى قانون العمل الحالي، فهو يكبل عملية الإنتاج ويمنع تطور القوى المنتجة لعدة أسباب، منها مثلاً: إعطاؤه امتيازات لأصحاب العمل على حساب العمال، وتبنيه لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين، واستثناء فئات عديدة من العمال من تطبيق أحكامه دون سبب، ونصّ على التسريح التعسفي، ومنع أية رقابة قضائية على علاقات، العمل وقضايا التسريح، وبات صاحب العمل هو الخصم والحكم.
تشميل العمال بأجر جميعهم بقانون العمل
بداية: لابد أولاً: من تشميل كل عامل بأجر بأحكام قانون العمل في أي مجال كان، دون تفرقة أو تمييز، ووفق تعريف العامل في القانون، فالعامل هو: كل شخص طبيعي يعمل لدى صاحب عمل لقاء أجر، مهما كان نوعه وتحت سلطته وإشرافه.
فئات استثناها
قانون العمل من أحكامه
وفق المادة 5 من قانون العمل رقم 17 لعام 2010 استثنى القانون عمال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم من أحكامه (مع العلم أن عمال الخدمة المنزلية من غير السوريين مشمولون بأحكام قانون العمل حسب المادة 28 منه) كذلك استثنى القانون العاملين في عمل جزئي، والعاملين في الجمعيات والمؤسسات الخيرية، والعمال الزراعيين، والعاملين في أعمال عارضة.
عامل البناء ليس بعامل!؟
يندرج في مفهوم الأعمال العارضة: فئة عمال البناء، والتي رفض المشرع تشميلهم بقانون العمل رقم 17، وهم لا يتمتعون بأية حقوق أو حماية قانونية، رغم طبيعة العمل الشاقة والخطرة، فكم سمعنا عن عامل بناء سقط وأصيب بالشلل أو توفي أو فقد أحد أطرافه، نتيجة لحادث ما أثناء العمل، وبالرغم من ذلك لم يعتبرهم المشرع عمالاً ولم يرَ أية ضرورة لتشميلهم بقانون العمل، للحفاظ على حقوقهم، وتأمين حياة كريمة لأسرهم في حال تعرضهم لحادث ما، أو ضمان مرتب تقاعدي للعامل في حال إصابته بعجز يمنعه عن مزاولة أي عمل، بل تركه المشرع تحت رحمة صاحب العمل ونخوته وفيما يتفضل عليه من قروش.
يد عاملة كبيرة تتطلبها مرحلة إعادة الإعمار!
المرحلة القادمة في البلاد، هي: مرحلة إعادة الإعمار وهناك العديد من الشركات المحلية والأجنبية، ستتوجه نحو الإعمار، وبالتالي سنكون أمام عدد هائل من عمال البناء والإكساء، فهل سيتم ترك هؤلاء تحت رحمة المتعهدين دون توفير أدنى حماية قانونية لهم؟ وهل من قواعد العدالة أن يُشمل العامل غير السوري بأحكام قانون العمل، ونستثني العامل السوري ولا نوفر له حماية قانونية وقضائية؟ فالعمال الأجانب مشمولون بأحكام قانون العمل وفق أحكام المادة 28منه ووفق القرار 888 لعام 2009 الخاص بتشغيل العمال غير السوريين.
حتى فئة العمال الزراعيين، والخدم، ومن في حكمهم، من غير السوريين فإنهم مشمولون بأحكام قانون العمل، فيما يبقى العامل السوري خارج نطاق أحكام قانون العمل، ولا يخضع لأي قانون ينظم علاقته بصاحب العمل، وبالتالي لا يحق له المطالبة بأي حق من حقوقه؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
837