بصراحة: أنا مش كافر بس ....؟

بصراحة: أنا مش كافر بس ....؟

قول هنا وأقوال هناك.. إعلان هنا وإعلان هناك... وعد هنا ووعود هناك.. وزير يصرح ووزير آخر ينفي و«الرعية» تائهة في تفاصيل حياتها اليومية، لا تدري كيف ستستقيم معها الأمور في معيشتها اليوم وغداً وبعد غد، حاجاتها الضرورية حرام عليها ليس بإرادتها بل بفعل الواقع الذي فرض عليها، والمطلوب منها التسليم بقضاء الله وقدره وما قسم لها حتى تعيش «بسلام»، وتستكين وتتعايش مع ظروفها وما تتطلبه هذه الظروف من القبول والرضى حتى وإن كانت ترى مغتصب لقمتها يعيش بثباتٍ ونبات ويأكل الأخضر واليابس دون حسيب أو رقيب على فعلته، لما لا أليس هذا هو قانون السوق المتوحش الذي يفرض الأقوى، ويمكنه في الأرض طالما أن المغتصبة لقمتهم وكلمتهم وإرادتهم مجردين من أدواتهم في قول كلمتهم والتعبير عن حقوقهم، والدفاع عنها كما يفعل أصحاب السوق في صنع أدواتهم التي كفلت لهم القدرة على التحكم، والسيطرة بأرزاق العباد والبلاد.

يمُنّ علينا أصحاب السوق المتوحش، ومن في حكمهم، «بعطاياهم وهباتهم» التي يتقربون بها من خلالنا وبواسطتنا كما يقال من أجل الحصول على الحسنات في الآخرة، والحصول على الثروة في الدنيا فهم يعملون على كل الجبهات التي تمكنهم من تحصيل عرقنا بشكل دراهم وليرات ودولارات يكدسونها ليعاد تدويرها مرات ومرات، وفي كل دورة من دوراتها يزداد الفقراء فقراً وتتسع الهوة أكثر بين من يملكون ومن لا يملكون بين من ينتجون ومن هم لا ينتجون ولكن يستحوذون على كل ما ينتج.
يقول المثل الشعبي: «ما في شجرة وصلت لعند ربها» أي أن البقاء على هذا الحال له نهاية، لأن الدنيا دواره يوم لك ويوم عليك، ويوم الفقراء ليس ببعيد، لأن قوانين الصراع الطبقي المعبر عنها بأزمة أصحاب السوق العميقة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ستمكن المستضعفين في الأرض من أخذ ناصية المواجهة للدفاع عن حقوقهم، وتغيير الواقع الذي فرضته قوانين السوق المتوحش إلى واقع آخر، يعيد لهم ثروتهم المنهوبة، ويمكنهم من إدارتها وفقاً لمصالحهم الحقيقية التي ليس فيها مكان لمكرمة من هنا أو هبة من هناك وبعدها فليذهب السوق وأصحابه إلى جهنم وبئس المصير.