جنحة الإضراب غير المشروع !!
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

جنحة الإضراب غير المشروع !!

هكذا اعتبر قانون العقوبات السوري الصادر في عام 1949 الإضراب غير مشروع مهما كان سببه لا بل وجريمة يعاقب عليها القانون،وللمفارقة فقد سمّى قانون العقوبات هذه الجرائم بالجرائم الواقعة على حرية العمل !!!

مكافحة الأضراب
فقد منعت المادة 330 موظفي الدولة من الإضراب بشكل نهائي تحت طائلة التجريد المدني.
كما نصت المادة 331: إن توقف أرباب العمل أو العمال عن الشغل بقصد الضغط على السلطات العامة أو لمجرد الاحتجاج على قرار أو تدبير صادر منها يعاقب المجرمون (حسب وصف المادة للمضربين !!) بالحبس أو الإقامة الجبرية لمدة 3 أشهر على الأقل،
وقد نصت المادة 332: على أنه يعاقب بالحبس وبالغرامة على كل اغتصاب يقوم به أكثر من عشرين شخصاً ويتبعه الشروع بالتنفيذ بقصد توقيف وسائل النقل والمواصلات البريدية والتلفونية وإحدى المصالح العامة المختصة بتوزيع الماء والكهرباء وقد تشدد العقوبة إذا استعملت مزاعم كاذبة من شأنها أن تحدث أثراً في النفس أو بالتجمهر في الساحات العامة أو باحتلال أماكن العمل حيث يعاقب مرتكبو هذه الأفعال ستة أشهر على الأقل.
فيما نصت المادة 333: على أنه من تذرع بالوسائل المذكورة أعلاه فحمل الأخرين أو حاول حملهم على أن يوقفوا عملهم بالاتفاق فيما بينهم أو ثبتهم أو حاول أن يثبتهم في وقف العمل يعاقب بالحبس سنة على الأكثر وبغرامة لا تزيد عن مائة ليرة.
ونصت المادة 334: على عقوبة الحبس من شهرين إلى سنة لكل رب عمل أو عامل رفض أو حتى أرجأ تنفيذ قرار التحكيم أو أي قرار آخر صادر عن أحدى محاكم العمل.
التشدد في القانون
يلاحظ أن المشرع قد توسع وتشدد كثيراً في مسألة الإضراب حيث يعتبر مجرد الشروع في الإضراب أو الحض عليه والدعوة اليه جريمة يعاقب عليها القانون بغض النظر عن اكتمال الإضراب أو فشله حيث يتوافر الركن المادي للفعل المستوجب للعقاب بمجرد المحاولة أو الشروع، كما يلاحظ التشدد في منع حالات التوقف عن العمل ولو كان لمجرد الاحتجاج على قرار صادر من السلطة العامة ويلاحظ أيضاً فرض عقوبات شديدة على الموظفين الحكوميين حيث يعاقبون بالتجريد المدني وذلك بحجة الحفاظ على دوام وانتظام عمل المرافق العامة! هذا التشدد من قبل المشرع في مكافحة الإضراب ومنع العمال من المطالبة بحقوقهم، فلماذا اعتبر المشرع أن مطالبة العمال بحقوقهم واحتجاجهم على قرارات إدارتهم سيلحق ضرراً في المرافق العامة؟ كما منع القانون العمال من مجرد التجمهر في الساحات العامة أو احتلال أماكن العمل ويجرم القانون كل من يحاول تحريض العمال أو تثبيتهم بالوقف عن العمل.
كما منع القانون العقوبات العمال من إرجاء أو عدم تنفيذ قرار محاكم العمل المعروف عنها ظلمها للعمال وإصدار قرارات تصب في صالح أرباب العمل.
لا شرعية قانونية لتجريم الأضراب
طبعاً هذا التجريم للإضراب لا يحظى بالشرعية القانونية منذ سنين لتعارضه مع اتفاقيات منظمة العمل الدولية التي وقعت وصدقت عليها سورية منذ سنين وخصوصاً الاتفاقية رقم (87) بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم، ولكن بعد اصدار الدستور الجديد عام 2012 ونصه صراحة على حق الإضراب أصبح تجريم الإضراب غير دستوري أيضاً.
المشرع يحاول الالتفاف
على حقوق العمال
تعتبر مواد قانون العقوبات التي تجرم الإضراب ملغية حكماً، لتعارضها مع القانون الأسمى بالدولة (الدستور)، والمشرع يحاول بعدم تعديل قانون العمل بما يتوافق والدستور الجديد والنص صراحة على حق الإضراب يحاول الاستناد إلى هذه المواد لتجريم الإضراب، فعند عدم النص على حق الإضراب في قانون العمل الخاص على القاضي أن يعود الى تطبيق القواعد العامة في القانون العام وهي هنا حسب قواعد قانون العقوبات العام تجرم الإضراب كما ذكرنا، ولكن يبقى الدستور أسمى من القانون الخاص والعام وتطبيقه أولى من الإثنين وممارسة العمال لحق الإضراب دستوري ومتوافق مع اتفاقيات العمل الدولية.
الإضراب أهم سلاح للعمال
ويبقى حق الإضراب أهم حق من حقوق الطبقة العاملة التي أقرها الدستور الجديد لأن العديد من حقوق للطبقة العاملة التي نص عليها الدستور كربط الأجور بالأسعار وتطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية وحماية قوة العمل والتأمين الصحي المجاني، كل هذه الحقوق لم تحصل عليها الطبقة العاملة إلى الآن رغم مرور خمس سنين على إصدار الدستور، وعلى ما يبدو من دون المطالبة بهذه الحقوق عبر كل الطرق والأساليب الممكنة ومنها الإضراب لن تستطيع الطبقة العاملة تحصيلها وخصوصاً مع تعنت حكومة أرباب العمل وإصرارها على عدم تطبيق الدستور، وهي تحاول اليوم تطبيق قانون العقوبات الصادر في القرن الماضي وتتجاهل الدستور الجديد للبلاد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
815