بصراحة: من المسؤول؟

تتشابه وتتكرر الأحداث، التي تصاب بها الشركات والمعامل الواقعة على خطوط النار، بحيث تتحول هذه الشركات إلى هدف مباشر أثناء العمليات العسكرية، وتصاب بأضرار جسيمة نتيجة لذلك ويصاب العمال أيضاً إصابات جسدية، و خسائر مادية، لدرجة أن يقع في صفوفهم شهداء وجرحى، ولكن السؤال المفترض أن يتبادر إلى الأذهان هو: أليس بالإمكان تقدير المخاطر المحدقة بهذه الشركات، والعمل على اتخاذ خطوات أستباقية لتجنيب الشركات والعمال ما حدث بها من أضرار؟

إن التجارب التي مرت بها الشعوب التي تعرضت للحرب قبلنا والتي تمكنت من حماية معاملها ومراكزها الانتاجية بإيجاد البدائل لمواقعها لعلمها أن تلك المراكز وضرورة استمرارها في الإنتاج، هي عامل مهم للحفاظ على الاقتصاد الوطني، باعتباره أحد دعائم المواجهة وتقديم الحاجات الضرورية للشعب، وعدم التحكم بلقمته واحتكارها من قبل تجار الحروب وأمرائه المغتنين بكل الوسائل والأشكال من حاجات الفقراء واحتياجاتهم.
يمكن أن نضرب بعض الأمثلة من الواقع، حيث تركت الشركات لمصيرها المحتوم بالتدمير، مع العلم بأن الإمكانية كانت متوفرة لإنقاذ هذه الشركات من مصيرها، والأمر كان بحاجة إلى ذلك القرار الجريء الذي سيتخذ، ولكن أذن من طين وأذن من عجين وأولى الشركات بهذا الخصوص كانت شركة تاميكو لصناعة الأدوية حيث خزنت بها المواد الأولية بكميات كبيرة، وكذلك خزنت بها السيارات والميكرو باصات التي تمت سرقتها والاستيلاء عليها من قبل المسلحين ولم تتخذ تلك الخطوات والقرارات الضرورية من أجل فك آلات الإنتاج وسحب المنتجات الدوائية إلى مكان آمن وهذا المكان متوفر تملكه الشركة والعمال والفنيون كانوا على استعداد للقيام بتلك المهمة الخطرة وقاموا ببعضها جزئياً.
شركة الصناعات الحديثة، وهي إحدى الشركات الرائدة في صناعة الأقمشة الجوخية، ولكنها دمرت عن بكرة أبيها وما تبقى من آلاتها وأنوالها تبخر مع الريح العاتية.
الشركة الثالثة مؤخراً، وهي شركة المغازل الواقعة في منطقة كثيرة التوتر وتسودها اشتباكات متواصلة، وبدأت الشركة بجهود عمالها الأشاوس بإعادة تشغيل الكثير من أنوالها، لتصاب الآن بالدمار حيث لم يقدم أولو الأمر ومن بيدهم القرار على محاولة إيجاد حلول من أجل نقل آلاتها ومعداتها إلى مبنى آخر، متوفر في باب شرقي يمكن تجهيزه والإقلاع بالإنتاج دون توقف.
إن السؤال والذي قد يكون وحيداً وممكناً بالنسبة لهم، هو: كيف سنتصرف بالعمال، وإلى أية جهة سنرسلهم، هذا هو المقدور عليه من قبلهم وليس شيئاً آخر؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
810