عمال القطاع الخاص...أولويات مطالبهم زيادة الأجور
عادل ياسين عادل ياسين

عمال القطاع الخاص...أولويات مطالبهم زيادة الأجور

تعتبر قضية عمال القطاع الخاص من أكثر القضايا حضوراً في المؤتمرات النقابية أوخارجها، حيث لا تخلو مداخلة تقريباً أو نقاش إلاّ ويأتي على ذكر المصاعب التي تواجه النقابات في اختراق هذا التجمع أو ذاك،

 وهو السبب في عدم تحقيق نجاحات ملموسة على هذا الصعيد، بالرغم من الجهود التي تبذلها العديد من النقابات بهذا الخصوص للوصول إلى عمال هذا القطاع الهام، والذي يشكل بعدد عماله أغلبية الطبقة العاملة السورية، وهذا العدد بازدياد دائم للتوسع الحاصل في منشآت القطاع الخاص، وخاصةً في المناطق الصناعية والحرّة، مما يعني تفاقم وتوسع المشكلة لدى التنظيم النقابي، ومما يعني أيضاً مخاطر حقيقيةً ستعكس نفسها بالضرورة على الحركة النقابية، وعلى وحدة الحركة العمالية، وهذه المخاطر قد أشرنا إليها أكثر من مرة على صفحات «قاسيون»، وكذلك أشار إليها العديد من النقابيين في المؤتمرات، والتي من المفترض أن تكون ضمن أولويات الحركة النقابية لما تحمله من أهمية مستقبلية، خاصةً وأن أرباب العمل، وأصحاب الاستثمارات لديهم موقف مسبق من النقابات، لمعرفتهم أن هذه النقابات إذا ما كانت علاقتها جيدة وقوية مع العمال ستشكل القاعدة التي تنطلق منها المطالب العمالية، والتحركات العمالية من أجل مطالبهم، وخاصةً من أجل زيادة أجورهم، لذا يلجؤون إلى أشكال وأساليب مختلفة لمنع العمال من تشكيل لجان نقابية، أو الانتساب إليها.

ماذا يعني هذا؟

أولاً: إنه اعتداء على حرية العامل في الانتساب إلى الجهة التي يرغب بها، ومنها التنظيم النقابي، تحت طائلة المضايقة المستمرة والتهديد بالتسريح من العمل، وهذا انتهاك للدستور الذي كفل للمواطن السوري الحق في التعبير عن رأيه، وممارسة نشاطه، وكذلك قوانين العمل الدولية والعربية قد كفلت للعامل حق الانتساب للنقابات، أو إنشاء نقابات جديدة وقانون التنظيم النقابي (84) قد نص على حق العامل في الانتساب إلى النقابة، ومن هنا فإن التضييق على العمال هو انتهاك لتلك المواثيق كلها التي أكدت على حق العامل الطبيعي بأن تكون له نقابة تعبر عن مصالحه وتدافع عنها وهذا ما لا يريده أرباب العمل ومن وراءهم، خاصةً وإن المنشآت والاستثمارات تلك يجري فيها تجاوز لقانون العمل رقم 17 بالرغم من عدم صلاحيته وعدم تلبيته لحقوق العمال في الكثير من مواده وخاصةً تلك المتعلقة بالتسريح التعسفي.

 إن أرباب العمل يفرضون شروط العمل التي تلبي مصالحهم فقط، مثل: ساعات العمل اليومية والأجور، التعويضات، الطبابة، الإجازات السنوية، التسجيل بالتأمينات... الخ. إنها عبودية جديدة يخضع لها عمال القطاع الخاص بموافقة من بيدهم الربط والحل.

ثانياً: إن سلوك أرباب العمل هذا يعني أيضاً: تجريد الحركة النقابية من إمكانية التطور والتوسع بهذا الاتجاه، ويفقدها عنصراً هاماً من عناصر قوتها، ويجعل إمكانية نشوء أشكال تنظيمية موازية للحركة النقابية أمراً وارداً قد يسيطر على قياداتها أرباب العمل، وجرى هذا في تاريخ الحركة النقابية السورية، حيث كان أكثر من اتحاد عكس نفسه على قدرة الطبقة العاملة السورية في الدفاع عن حقوقها ومكاسبها إلى أن أعادت الحركة توحيد نفسها من جديد في إطار اتحاد عام لجميع عمال سورية.

إن سلوك أرباب العمل هذا هو ناقوس خطر لا بد أن يسترعي انتباه القوى الوطنية للدفاع عن حقوق ومصالح الطبقة العاملة، وعلى رأس تلك القوى الحركة النقابية، وذلك بإعادة النظر بآليات العمل المتبعة والتي لم تحقق نتائج ملموسةً على صعيد الصلة مع عمال القطاع الخاص بسبب الحصار المضروب عليهم، وعدم الاهتمام بهم لعقود من السنين، خاصةً وأنه بدأ يظهر ضمن صفوف عمال القطاع الخاص، منطق التحرك المستقل من أجل تحصيل حقوقهم عبر ممارستهم لحق الإضراب وتنظيم أنفسهم في مواجهة رب العمل، تنظيماً جعل إمكانية تحصيل مطالبهم أمراً واقعاً وممكناً، وهذا المنطق سيتطور في ظل التردي الحاصل في مستوى معيشتهم، بسبب الضعف الشديد في أجورهم وبقية مستحقاتهم هذا جانب والجانب الذي يحمل مخاطر حقيقية هو وقوف النقابات في منطقة الوسط بين العمال وأرباب العمل، مما يشكل اعتقاداً عند العمال بأنهم وحيدون في معركتهم من أجل حقوقهم المشروعة التي يطالبون بها.

إن المطلوب في ظل تصاعد هجوم قوى رأس المال، تعديل مواقف النقابات لجهة تبني مطالبهم ومنها: حقهم بالإضراب، وخلق الإمكانات الضرورية لإعادة الثقة مع هؤلاء العمال، وجذبهم إلى موقعهم الطبيعي بالأشكال والطرق المناسبة وهذه مهمة الجميع، ليقوى هؤلاء العمال بحركتهم النقابية، وتقوى الحركة بهم قبل فوات الأوان. 

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
804