بانوراما عمالية..

بانوراما عمالية..

 اعتادت جريدة «قاسيون » في نهاية كل عام أن تقدم عرضاً لقرائها ومتابعيها، خاصةً المتابعون منهم لقضايا الطبقة العاملة وما جرى عليها من تطورات أثناء الأزمة وما قبلها كان لها أثر كبير في واقعها من حيث مستوى معيشتها أو حقوقها ومطالبها على كافة الصعد الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية النقابية العمالية ونحن إذ نكرس هذا التقليد السنوي هدفنا هو إعادة البحث والتقييم والتذكير من وجهة نظر مصالح الطبقة العاملة بتلك التطورات، من أجل الوصول إلى صياغات مشتركة مع كافة المناضلين النقابيين والعمال، أينما كانت مواقعهم، في الدفاع مع الطبقة العاملة عن حقوقها ومصالحها التي يعلمها العمال جيداً. 

 

تنقسم البانوراما لعدة محاور أساسية، جرى تغطيتها خلال العام وهي:

 قطاع الدولة

ويشمل عمال الشركات والمعامل بما فيها قطاع الخدمات، مثل: عمال الاتصالات وعمال التنظيف وعمال الحدائق. 

عرضت جريدة « قاسيون» لواقع القطاع العام الصناعي، وما تعرض ويتعرض له من محاولات لإخراجه من دائرة التأثير والفاعلية في الاقتصاد الوطني، وهذا يتم بعدة أوجه، منها: عدم العمل الجدي في إعادة تأهيل المعامل التي يمكن إعادة تشغيلها بكلف مالية ليست بكبيرة ولكن تشغيلها يسهم في إعادة تدوير عجلة الإنتاج التي ستؤمن دفع أجور العمال المهددة من قبل الحكومة، مع بداية العام 2017 بأنها سوف لن تدفعها، وبالتالي خسارة الاقتصاد الوطني لجزء هام من إمكاناته وطاقته الإنتاجية. زارت قاسيون خلال العام الماضي عدة معامل صناعية في دمشق وريفها وهي الشركة العامة للمغازل والمناسج و شركة (سيرونكس) وشركة الوسيم واسمنت عدرا ومعمل الشرق واطلعت على واقع الإنتاج بشكل عام وعلى أوضاع العاملين بشكل خاص وكان هناك مشتركات تعاني منها المعامل تلك مع وجود قضايا خاصة لكل معمل لاختلاف الصناعات فيها والمشتركات هي : نقص اليد العاملة لأسباب عدة وأهمها: أن الحكومة لا تجري قبول الوافدين الجدد إلى المعامل إلا على أساس الحد الأدنى للأجور البالغ 16175 ل س فهل يعقل أن يعمل أحد بهذا الأجر؟. نقص كبير في قطع التبديل وتوقف العديد من خطوط الإنتاج وكذلك الصعوبة في تأمين المواد الأولية. ضعف الأجور بشكل عام للعمال القدامى حيث يبلغ الوسطي في المعامل 35 ألف ليرة سورية حتى أن إحدى العاملات احتجاجاً قالت لنا ..قولوا للحلقي أن يأخذ أجرنا ويصرف علينا. من هنا يكتسب النضال من أجل زيادة الأجور بما يتناسب مع وسطي المعيشة وفق سلم متحرك بين الأجور والأسعار أهميته السياسية والطبقية في مواجهة القوى الرأسمالية على مسمياتها المختلفة.

عمال القطاع الخاص المنظم

لم يكن حظ هذا القطاع وعماله أوفر حظاً من نظيره العام، فاعتكاف الحكومة عن أية إجراءات حقيقية وملموسة، أعاقت الصناعيين على السير قدما باتجاه توسيع الإنتاج الوطني وتطويره، بل على العكس من ذلك لعدة أسباب أهمها :

السياسات النقدية المتخبطة وعدم استقرار سعر الصرف - صعوبات استيراد المواد الخام واحتكارها من القلة الاحتكارية في السوق – عدم توفر التيار الكهربائي نتيجة التقنين الفوضوي وصعوبة تأمين (الفيول أو الديزل) والغاز لمولدات الطاقة الموجودة في المعامل – تسرب الخبرات المهنية والفنية إلى خارج البلاد لمجمل الظروف المعروفة ولعدم إنصاف أرباب العمل لهم بأجر عادل. 

وقد أدى ذلك كله مع بعض العوامل الأخرى، لتضرر العمال بشكل أكبر وأعمق كونهم الحلقة الأضعف ضمن السلسة الإنتاجية ومن أهم تلك الأضرار :

تعرض الكثيرين منهم للتسريح بسبب تراجع الإنتاج فيما انضغط على الباقيين فساءت ظروف عملهم وأولها الأجور- عدم تسجيل الغالبية منهم في التأمينات الاجتماعية وإن تم تسجيل أحدهم فبالحد الأدنى للأجور وليس أجره المقطوع – ازدياد نسبة عمالة الأطفال والنساء بشروط سيئة وأجور رمزية- تحول الكثيرين منهم للورشات والمشاغل الصغيرة التابعة للمنشأة الصناعية الأم التي أراد صاحبها الهروب من حقوق عماله ومسؤوليته القانونية اتجاههم مما سلبهم المزيد من الحقوق – حرمان العمال من عطلة يوم السبت أو أجرها المضاعف وحرمانهم من أجر الساعات الإضافية.

عمال القطاع الخاص

 غير المنظم

اتسع هذا القطاع وزادت معاناة عماله خلال العام الماضي وتفردت «قاسيون» في التغطية والإضاءة على واقع القطاع الإنتاجي هناك وواقع العمال فيه خلال زياراتها لمراكز تجمع الورش والمشاغل في دمشق وأطرافها فقامت بزيارة مجمع الزبلطاني والمنطقة الصناعية ونهر عيشة وخلصت إلى استنتاجات مهمة منها:

لا يوجد أي قانون حالي ينظم العلاقة بين رب العمل والعمال مما سمح لأرباب العمل بدرجة أعلى من الاستغلال لعمالهم كون شريعة السوق على مبدأ العرض والطلب هي المتحكمة - لا يتمتع العامل بأية حقوق تأمينية أو صحية أو نقابية- عدم استقرار العمالة في عمل أو مشغل واحد- لا ضمان للعامل ضد التسريح أو الخصومات المالية وكأنهم عمال موسميون- عدم وجود إجراءات صحة وسلامة مهنية- عدم نيل العمال لأية زيادات حكومية على الأجور أو تعويضات معيشية – اتساع استخدام عمالة الأطفال في أعمال لا تناسب أعمارهم وأجسادهم- استغلال فاضح لليد العاملة النسائية بأجور زهيدة وساعات عمل شاقة- خروج أعداد كبيرة من العمال المهنيين والفنيين لخارج البلاد، بحثاً عن حياة آمنة وأفضل.

مواضيع حقوقية وقانونية

يتصدر الخطر المحدق بالتأمينات الاجتماعية والمتمثل بتعرضها للإفلاس  مخاوف الطبقة العاملة كيف لا والأموال أموالها؟ فالأرقام تتحدث عن 260 مليار ليرة دين على الجهات العامة لمؤسسة التأمينات و225 مليار أخرى من خزينة الدين العام مما جعل المؤسسة تلجأ لإنفاق 25 مليار من 40 مليار الموجودة كاحتياط ناهيك عن الاستنزاف المستمر من أموالها كونها تدفع التعويض المعيشي للمتقاعدين من حسابها رغم أن هذه مهمة الحكومة ووزارة المالية بالإضافة إلى تراجع الواردات المالية نتيجة التسريح والاستقالة وتوسع القطاع الخاص غير المنظم ولا بد من أجراء سريع وعاجل يحفظ أموال العمال عبر استرجاع جميع الديون من الجهات العامة والخاصة وتحميل الحكومة مسؤوليتها بدفع التعويض المعيشي للمتقاعدين وتفعيل آلية خاصة وخالية من الفساد لضم عمال القطاع الخاص وخاصة غير المنظم تحت المظلة التأمينية  لرفع الإيرادات المالية.

مازالت الوعود بتعديل قانوني العمل بما يتناسب مع مصلحة الطبقة العاملة يُسَوّف ويؤجل فقانون العاملين الأساسي رقم 50 وبمادته 137 التي يجري وفقها تسريح العمال في القطاع العام كيفما اتفق موجودة وما زال القانون رقم 17 بمادتيه 64 و65 يقبع على صدور العمال ويمنع حقوقهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
791