مؤتمر اتحاد عمال دير الزور.. غِياب الجهات الأربع.. وما حكّ جلدك غير ظفرك!

منذ سنوات طويلة كان للطبقة العاملة وممثليها من النقابيين على المستويات كافة دورٌ وكلمة، وكانت الحكومات والقيادات تستند عليها وتلجأ لها في الأزمات، وكانت توصياتها قرارات، وقراراتها قوانين مع الفلاحين في الوطن، لكنها اليوم لا يبالي بها أحد بعد أن فكت الحكومات الشراكة معها وطلقتها بالبينونة الكبرى..!

منذ سنوات كانت مؤتمرات العمال من لجانٍ ومكاتب واتحادات واتحادٍ عام محطاتٍ للمراجعة والتقييم ومن ثمة الانطلاق نحو الأمام لتحقيق مكاسب أخرى والدفاع عن الحقوق والشعب والوطن،وكانت لها هيبتها.. لكنها اليوم تمر مسرعةً دون أن يهتم لها أحدٌ أو حتى يكلف نفسه بالنظر إليها..!

ها قد مرت مؤتمرات النقابات بالنواح والأنين على المكاسب والحقوق التي التهمتها قوى النهب والفساد، وغيبتها الهيمنة والوصاية، وكأنها نسي منسي، وطنشتها الحكومات من خلال سياستها الاقتصادية والاجتماعية الليبرالية، والتي كانت تنفذ الوصفات الامبريالية وتسعى للشراكة الأوربية، وهي تضع في أذنٍ طيناًٍ وفي الأخرى عجيناً، وكما توقعنا، حدث في المؤتمر السنوي لاتحاد عمال دير الزور ما جرى في مؤتمرات النقابات، لا بل أكثر من ذلك؟؟!.

غابت القيادات السياسية، وغابت قيادة الاتحاد العام، وغابت أغلب الإدارات، وغابت أحزاب الجبهة بالصمت المطبق، وبقيت قيادة العمال المحلية «أبناء المحافظة، وهي لا حول لها ولا قوة، فضاعت الحقوق والمكاسب، وراحت التوصيات في مهب الريح قبل الأزمة، فكيف ورياحها تعصف بكل شيء؟؟!.

عقد المؤتمر يوم الاثنين 5/3 في ظلّ الغياب الرباعي الدفع، وفقدت القاعة الدفء، وانكمش المؤتمرون من البرد، ليس برد الطبيعة، فالعمال يعملون في أقسى ظروفها، وإنما برد ت الهمم، وكأنها ملت من تكرار الشعارات ذاتها، والمطالب والحقوق وضياع المكاسب التي وردت في تقارير اللجان، ومكاتب النقابات والاتحاد، والتي سترد في تقرير الاتحاد العام، وأحبطت، وهي ترى ما جرى لها وما يجري في الوطن وما يتعرض له من أزمةٍ ومحن، ولم يضع أحدٌ يده على الجرح ليوقف النزيف الدامي، ولم يبق لها سوى أن تكزّ على آلامها بأسنانها، في انتظار المسعفين من البقية الباقية من الشرفاء أنى كان موقعهم، وبخاصة في الحركة الشعبية السلمية التي أدخلت سورية في فضاءٍ سياسيٍ جديد، وتؤيدها وتساندها بعض قوى المعارضة الوطنية الداخلية، بينما تريد قوى القمع والفساد والعنف المدعوم من الخارج وأدها في المهد، وهي تتسابق وتتقاتل على الفوز بجائزة داحس والغبراء، وأن تدخلنا في حرب بسوسٍ معاصرة، لتسقط دمشق وسورية وشعبها المقاوم بتاريخه وحضارته، لقمةً سائغةً بأيدي الامبريالية والصهيونية والرجعية والمتواطئين معهم من الليبراليين ذوي المرجعية الواحدة..

عقد المؤتمر وكانت التقارير والمداخلات ذاتها، بل وأقل قليلاً في حماسة الطرح، وغابت الوقائع والأزمة بكل أسبابها ومآسيها.

الرفيق النقابي فاضل حسون عضو حزب الإرادة الشعبية وعضو الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير قدم مداخلة هامة قال فيها:

«ينعقد مؤتمرنا هذا وقد مرّ على الأزمة السورية ما يقارب العام، وهي تزداد تعقيدا بعد أن أصبحت فكرة تسليح المعارضة أمراً واقعاً من قبل ما يسمى (مؤتمر أعداء سورية) واعتراف الاتحاد الأوربي بمجلس اسطنبول ممثلاً شرعياً..وقرار الرجعية العربية الخليجية بدعم المعارضة اللاوطنية بالمال والسلاح علنًا.

وانطلاقاً من هذه المخاطر التي تتعاظم يوماً بعد يوم، فإنّ الشعب السوري والقوى الوطنية في النظام والمعارضة والحركة الشعبية السلمية مدعوة لتقول كلمتها وحسم المعركة مما يخدم كرامة الوطن والمواطن».

وأكد حسون: «نحن في حزب الإرادة الشعبية، نرى بأن الخروج الآمن من هذه الأزمة يتطلب الإسراع في تشكيل حكومة وحدةٍ وطنية تدفع باتجاه الحل السياسي، والسير باتجاه عملية التغيير الجذري الشامل، وفق برنامجٍ زمني محدد وواضح، وخطةٍ يرى المواطن السوري آثارها على أرض الواقع، ومحاسبة من ساهم في إراقة الدم السوري، والإفراج عن معتقلي الرأي، واجتثاث قوى النهب والفساد وخصوصاً الكبير منه، تمهيداً للمصالحة الوطنية، والقطع الكامل مع كل القوى والشخصيات التي تتبنى التدخل العسكري الخارجي، وزج البلاد في حربٍ داخلية. ومن مهام حكومة الوحدة الوطنية أيضاً التحضير لحوارٍ وطنيٍ شامل وتنفيذ الإصلاحات السياسية والقطع الكامل مع السياسات الاقتصادية الليبرالية، واعتماد اقتصادٍ يحقق أعلى نسبة نمو وأعمق عدالةٍ اجتماعية».

من جانبه أكد مدير شركة البناء المهندس جهاد اللجي: «أن معاناتنا عامة ووتيرة الإنتاج تراجعت ونؤكد على توفير جبهات العمل ونطالب بتأمين رواتب العمال من وزارة المالية، والتجار والمتعهدون أحجموا عن التعاقد بسبب الارتفاع المستمر لأسعار المواد».

إن عقد المؤتمر بهذا الشكل يطرح مجموعة من الأسئلة أهمها: هل أضاعت قطارات المؤتمرات العمالية محطاتها، وتاهت في خضم الهيمنة والتهميش والأزمة،أم أنّ هناك من ضيعها؟ وهل تحولت أعراسها إلى مآتم للنواح بعد أن كانت توصياتها قرارات وقراراتها قوانين، وخاصةً عند الأزمات، ومن المسؤول عن ذلك ؟ وهل اختلط التمييز بين الصديق والعدو؟ وهل الصمت أو البكاء على الماضي والحقوق والمكاسب يعيدها أم البحث عن حلول.. وما العمل؟.

معلومات إضافية

العدد رقم:
543