بصراحة.. المادة 138 إعلان حالة طوارئ دائمة في الطبقة العاملة السورية
المادة 138 من القانون الأساسي للعاملين في الدولة، هذه المادة السحرية الصالحة لكل زمان ومكان، والتي تشكل كابوساً حقيقاً يجثم على صدر الطبقة العاملة مهددةً العمال بأي لحظة بأن يرمى أي منهم على قارعة الطريق.
جاء في المنطلقات التي استند إليها دستور الجمهورية العربية السورية الدائم والصادر عام 1973:
...... وحرية المواطن لايصونها إلا المواطنون الأحرار ولاتكتمل حرية المواطن إلا بتحرره الاقتصادي والاجتماعي.
كما جاء في المادة 25 من الدستور:
«الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم وتحافظ على كرامتهم وأمنهم».
وجاء في الفقرة الرابعة من المادة 28 من الدستور: «حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون ».
ولكن ماذا جاء في المادة 138؟!!
مع الاحتفاظ بأحكام قانون الهيئة المركزية للرقابة و التفتيش:
1 ـ يجوز بمرسوم صرف العامل من الخدمة دون ذكر الأسباب التي دعت إلى هذا الصرف، وتصفى حقوق العامل المصروف من الخدمة وفقاً للقوانين النافذة.
2 ـ إن مراسيم الصرف من الخدمة، وفقاً لأحكام هذه المادة غير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة أو الطعن أمام أية جهة أو مرجع. وترد الدعاوى التي تقام ضد هذا النوع من المراسيم أياً كان سببها.
3 ـ لايسمح باستخدام العامل المصروف من الخدمة بموجب هذه المادة ـ وذلك مهما كانت صفة هذا الاستخدام ـ إلا بقرار من رئيس مجلس الوزراء يجيز ذلك.
إن مقارنة بسيطة لما جاء في مواد الدستور ولما جاء في المادة 138 تظهر بجلاء المخالفة الواضحة لمواد الدستور الذي أقره الشعب السوري، والذي هو من المفترض أن يكون ا لمرجع الأول والمستند الأساسي في إصدار المراسيم والتشريعات، وإن أي نص يخالف مواد الدستور يجب أن يلغى حكماً، خاصةً وأن القانون الأساسي للعاملين قد نص في الفصل الثاني (العقوبات المسلكية) على عقوبات مختلفة بحق العامل منها الخفيفة ومنها الشديدة تصل إلى حد الطرد، ولكن بعد تقديم هذا العامل إلى القضاء، حيث قال: «لايجوز تطبيق هذه العقوبة إلا إذا كان قد حكم على العامل بجناية أو جنحة شائنة أو مخلة بالثقة العامة»
إذاً واضحة مبررات الطرد بحق العامل ضمن ماحدده المشرع بهذه المادة ولكن ماهو مبرر وجود مثل المادة 138 القمعية التي جاءت في مواد القانون الأساسي والتي جرى التأكيد عليها في مشروع تعديل القانون الأساسي، الذي سيناقشه مجلس الشعب خلال الفترة القريبة القادمة؟؟
إن الإجابة على هذا السؤال تقع بالدرجة الأولى على أعضاء مجلس الشعب الذين سيناقشون مشروع التعديل والمطلوب منهم أن يحددوا موقفاً جريئاً باعتبارهم يمثلون أعلى سلطة تشريعية مهمتها الدفاع والحفاظ على مواد الدستور من الخرق والتجاوز، ومهمتها أيضاً استصدار التشريعات التي تؤمن كرامة الوطن والمواطن، خاصةً في ظروفنا الحالية التي يتعرض فيها الوطن إلى مخاطر حقيقية مهددة وجوده كله.
والطرف الآخر المعني بالإجابة على ذاك السؤال هو القضاء السوري الذي يجب أن يقول رأيه بصراحة ووضوح تجاه هذه المادة وكل المواد الأخرى التي تضر بكرامات الوطن والمواطن، وأن يشكل القضاء درعاً واقياً تجاه الانتهاكات التي تجري بحق الطبقة العاملة، من حيث ضمان حقوق العمال ومكتسباتهم، وحقهم بالدفاع عن مصالحهم بمختلف الوسائل المتاحة وعلى رأسها حق الإضراب التي أجازتها تشريعات سابقة زمن الاستعمار الفرنسي، وأجازتها كل مواثيق العمل العربية والدولية التي وقعت عليها سورية، فكيف ونحن الآن في القرن الواحد والعشرين نجيز قوانين ومواد تحد من الحريات وتنتهك من خلالها الحقوق، بالمقابل نصدر كل التشريعات اللازمة والضرورية لقوى السوق والسوء والتي تتيح لهم المشروعية في نهب البلاد والعباد...
نعم إن القوانين والتشريعات التي تصدر هي تعبير بأشكال مختلفة عن موازين القوى السائدة، وتعبير بالتالي عن مصالح الطبقة أو الطبقات السائدة أيضاً. من هنا فإن طرحنا لهذه المادة وضرورة النضال ضدها يأتي في سياق الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة وحماية حقوقها ومكتسباتها على أساس موقف عام ضاغط تشارك فيه كل القوى الوطنية والفعاليات الاجتماعية وعلى رأسها الطبقة العاملة والحركة النقابية للمساهمة بفعالية من أجل التأثير على النقاش الذي سيجري في مجلس الشعب لإقرار مشروع تعديل القانون الأساسي للعاملين بشكل يعبر عن مصالح الطبقة العاملة ويضمن لها حقوقها وعلى رأسها حقها بالتقاضي أمام القضاء.
إن الطبقة العاملة السورية وفي مقدمتها الحركة النقابية مدعوة الآن أكثر من أي وقت مضى أن تناضل من أجل وحدة قوانين العمل، بقانون عمل واحد من أجل الحفاظ على وحدة الطبقة العاملة عوضاً عن تفريقها وإخضاعها لعدة قوانين.
■ عادل ياسين
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 230