بصراحة الدراسات الإكتوارية مستمرة والمتقاعدون هم الضحية

جاء التصريح الأخير لوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل حول الراتب التقاعدي «ملغوماً»، فقد تحدثت أمام الكوادر القيادية العمالية للعاملين في جامعة دمشق بخصوص المقترحات المقدمة لتخفيض الراتب التقاعدي، حيث لم ترفض الوزيرة المقترح بشكل قاطع، بل أشارت إلى أن الوزارة ستعقد في الفترة القادمة ورشة عمل لدراسة هذا المقترح بمشاركة جميع الجهات المعنية، أي أن المقترح مازال قائماً، كما حدث في جميع الحالات التي كانت يتم فيها تمرير مشاريع ومقترحات تنتقص من حقوق الطبقة العاملة وتهدد المكاسب العمالية التي حققها العمال طوال السنوات الماضية.

جاء تصريح الوزيرة بعد الثورة الكلامية التي اجتاحت معظم قطاعات الدولة، والأحاديث التي كان يتداولها الموظفون فيما بينهم، بعد ورود معلومات دقيقة تؤكد لهم أن بعثة البنك الدولي «الإكتوارية» (والتي تحبذها كثيراً وزيرتنا العتيدة) تقوم بدراسة شاملة للوضع المالي في مؤسسة التأمينات الاجتماعية، فهذه البعثة الحريصة جداً أكثر من أي مواطن السوري على أموالنا وأموال مؤسساتنا، توصلت في النهاية إلى ضرورة تخفيض رسوم الاشتراكات التأمينية وتخفيض نسبة «المعاش» التقاعدي الذي بات الملجأ الحقيقي لإنقاذ ما تبقى من كرامة العامل وكرامة العديد من السوريين الذين أصبحوا على حافة الفقر.
وعلى الرغم من تأكيد الوزيرة على أن الأمر دراسة لا أكثر ولا أقل، ولا تمس مصالح أصحاب الحقوق المكتسبة، وبغض النظر عن الأرقام التي تدور حولها الدراسات فإننا بدورنا نقول للوزيرة: إن كل المشاريع الهادفة إلى الانتقاص من حقوق العمال قد تمَّ تمريرها بهذه الطريقة، حيث يتم تخدير معارضيها بسيل من الدراسات والنقاشات والثرثرة، حتى  تصبح أمراً واقعاً.
وهذا ما يؤكده توضيح الوزيرة عندما قالت في الاجتماع نفسه: «إن الخروج بقرارات كهذه يحتاج إلى وقت طويل، ومن المبكر الحديث والتكهن بالنتائج على أرض الواقع».
إذاً يتم في البداية طرح الموضوع، ثم يبدأ الانتظار للقبض على الفريسة مهما كانت النتائج!
لكن الأخطر في ما قالته الوزيرة أيضاً هو أنها أفشت سراً لم يخطر ببالها نتائجه وهو الاقتراح المقدم الذي تضمن تخفيض الراتب التقاعدي لمن سينضم مستقبلاً من عمال القطاع الخاص إلى التأمينات الاجتماعية بنسبة /75%/، أي بصريح العبارة خنق العمال في القطاع الخاص فوق كل ما يعانونه، لكن السؤال: لماذا الإصرار على ربط الموضوع بعمال القطاع الخاص على الرغم من تأكيد الحكومة أنهم يقدمون أكثر من /62%/ للموازنة؟!
إن هذه مفارقة خطيرة في تصريحات الحكومة، وعلى الاتحاد العام لنقابات العمال الإصرار على رفض هذه المقترحات، والثبات على مطالبهم السابقة التي قدموها لرئاسة مجلس الوزراء، وخاصة فيما يتعلق بتشكيل لجنة وطنية لدراسة تعديل قانون التأمينات بدلاً من اللجنة الاكتوارية غير البريئة في مقترحاتها، لأن الأرقام تؤكد زيفها فالديون الحالية لمؤسسة التأمينات على المؤسسات والشركات تقدر بنحو /70/ مليار ليرة سورية إضافة إلى إخفائها ديناً سابقاً على الحكومة قدرت قيمته بنحو /54/ مليار ليرة سورية. وهذا يؤكد زيف الأقاويل التي ذهبت إلى أن المؤسسة متجهة نحو الإفلاس.
إن القرار أو المقترح إن تمت الموافقة عليه، سواء الآن أو مستقبلاً، ستكون له نتائج كارثية على مستقبل الحركة العمالية بشكل خاص، التي يقع على كاهلها الدور الأكبر في عدم التنازل عن الحقوق العمالية أو التراجع عنها مطلقاً، لأن فيها الضمانة الحقيقية لكرامة الوطن والمواطن.                     

معلومات إضافية

العدد رقم:
412