نزار عادلة نزار عادلة

هل مجلس الشعب يضم 50% عمالاً وفلاحين؟ لماذا انتهكت الحقوق المكتسبة؟

المادة 60 من الدستور تقول:
يحدد القانون نظام انتخاب أعضاء مجلس الشعب وعددهم والشروط الواجب توفرها في المرشحين.
يجب أن يكون نصف أعضاء مجلس الشعب على الأقل من العمال والفلاحين، ويبين القانون تعريف العامل والفلاح.
إذاً حق مكتسب تم إقراراه في الدستور الجديد وكان مكرساً في الدستور السابق.

السؤال المطروح:

هل كانت المجالس السابقة تضم فعلاً نصف أعضائها من العمال والفلاحين؟
الوقائع تقول في ظل المجلس الحالي والمنتهية ولايته صدر تعديل قانون العمل /91/ لعام 1959 كما تريده وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، صدر بعد اجتماعات وسجال طويل بين الوزارة والاتحاد العام لنقابات العمال وأقره مجلس الشعب، خلال سنوات والسجال قائم كونه يمس حياة وعمل واستقرار شريحة هامة من الطبقة العاملة السورية ووزارة الشؤون قدمت القانون في سياق اقتصاد السوق وينص القانون على قاعدة «العقد شريعة المتعاقدين» وتحمل هذه القاعدة في طياتها مخاطر كبيرة على استقرار علاقات العمل وحقوق ومكتسبات عمال القطاع الخاص وتضعف الالتزام بالواجبات من جانب رب العمل باتجاه العمال وهناك مواد عديدة لم يوافق عليها اتحاد العمال ورغم ذلك تم إقرار القانون بالإجماع وهذا يعني بشكل واضح أن مجلس الشعب لم يكن نصف أعضائه من العمال والفلاحين ولو كان كذلك لتم إيقاف القانون وإصدار قانون يلبي طموحات العمال .

 تحايل على العمال
وبعد قانون العمل شكلت لجنة من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مهمتها وضع مشروع لتعديل قانون التأمينات الاجتماعية، وقد طلبت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل حواراً مع القيادات النقابية حول تعديل هذا القانون وعقد اللقاء وقالت حرفياً «إن الوزارة كلفت خبيرة اكتوارية بتمويل من البنك الدولي لدراسة قانون التأمينات ووضع اقتراحاتها وبعد سبعة أشهر قدمت اقتراحات تقول إن مؤسسة التأمينات سوف تكون مفلسة عام 2016 إذا لم تخفض رسوم الاشتراك التأمينية عن رب العمل وتخفض رواتب المتقاعدين» وقوبل هذا التعديل بالرفض الكلي من القيادات النقابية ولو استمرت الوزارة السابقة لخرج التعديل كما تريده الوزيرة والبنك الدولي بعد إقراره في مجلس الشعب:
السؤال أيضاً: هل نصف أعضاء مجلس الشعب من العمال والفلاحين.

وحقوق ضربت
ومن أبرز القضايا العمالية التي لم تنفذ عدم تخصيص الاعتمادات الكافية في الموازانات العامة للدولة لأعوام 2005 وما بعده لسنوات لتنفيذ أحكام القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004 وخاصة الجوانب الماية والمتعلقة بتعويضات طبيعة العمل والاختصاص الفني والانتقال والإضافي واللباس والوجبة الغذائية والنقل والطبابة.
أليس هذه حقوق الطبقة العاملة أقرها القانون ولم تنفذ رغم المذكرات العديدة التي وجهها الاتحاد العام لنقابات العمال إلى الجهات الوصائية وعدم تنفيذها يعني اعتداءً سافراً على حقوق العمال ولو كان مجلس الشعب يضم 50% من العمال والفلاحين لتحققت هذه المطالب برمتها.
 
الموقف المتردد
ومع انعكاسات اقتصاد السوق وتخلي الدولة عن بعض الأنشطة وترك القطاع العام للخسارة والتصفية وإلغاء كل أشكال التقييد والحصر والحماية والتوجه نحو إلغاء الدعم وقفت الحركة النقابية موقفاً مضطرباً ومتردداً ولكن كانت تطالب بالعودة إلى الاستثمار العام في جميع القطاعات ومعالجة المشكلات التي يعاني منها القطاع العام وإعادة توزيع الدخل لمصلحة الفقراء بما يؤدي إلى تحسين دخولهم وتقليص الفوارق الطبقية والبحث الجدي لمكافحة البطالة.
طبعاً كل ذلك لم يترجم على أرض الواقع ولو كانت نسبة العمال والفلاحين في مجلس الشعب 50% لنفذت مطالب الطبقة العاملة، وكانت القواعد العمالية والنقابية تطالب في جميع أدبياتها بأن المطلوب من الحركة النقابية أن تلعب دوراً أساسياً في التأثير على مسار التحولات الاقتصادية التي جرت في سورية لضمان مصالح الطبقة العاملة التي تمثلها والتي تشكل الغالبية العظمى من الشعب السوري.
 
عودة الإقطاع
أما على صعيد الفلاحين والذين يتقاسمون مع العمال نصف أعضاء مجلس الشعب فقد صدر في العام 2005 قانون العلاقات الزراعية وهو تعديل للقانون السابق لم يصدر بضغط وبمطالبة من الفلاحين صدر بضغط من أصحاب الرساميل في مجلس الشعب واعتبر نافذاً منذ العام 2008  وجوهر هذا القانون التراجع عن حق مكتسب منذ أكثر من 50عاماً من خلال استعادة المالك صاحب الأرض لأرضه من الفلاح الذي يعمل بها منذ عشرات السنين لقاء إعطائه تعويضاً يعادل 40% من ثمن الأرض وهكذا عاد الإقطاع من جديد، وقد خلق هذا القانون توتراً اجتماعياً لا تزال آثاره ماثلة أمامنا حتى الآن.
وهناك حقوق أخرى عديدة انتهكت في مجلس الشعب وهي حقوق مكتسبة للفلاحين.
 
فقدان الثقة
والسؤال أيضاً: هل 50% من مجلس الشعب عمال وفلاحون؟ الوقائع الكثيرة تنفي ذلك رغم أن 70% من الشعب السوري عمال وفلاحون.
لقد فقدت الثقة في مجلس الشعب منذ 40 عاماً وحتى المجلس الحالي ليس من العمال والفلاحين فقط وإنما من كل الشعب السوري لأن كل الشعب السوري يعرف ويعلم كيف تجري العملية الانتخابية وكيف تجري المساومات وتنظيم القوائم وتجري التدخلات وكيف تأتي الصناديق الجوالة وقد أدى هذا الواقع إلى تصحر الحياة السياسية في سورية وكانت الهوة عميقة ومازالت بين المجلس والشعب السوري.
الانتخابات القادمة لمجلس الشعب في السابع من أيار القادم ونتائجها هي المؤشر الحقيقي لمصداقية الحل السياسي الذي يطالب به الشعب السوري بكل قواه وشرائحه السياسية.